إسرائيل.. الدولة “الاستثنائية” وطفل أمريكا المدلّل

[[{“value”:”

المركز الفلسطيني للإعلام

من بين كلّ دول العالم، لا توجد دولة تتمتّع بمعاملة استثنائية مثل إسرائيل، فيما يتعلّق بالواجبات والالتزامات، واحترام القيم والمعايير والقوانين الإنسانية والمعاهدات الدولية.

ويرى الكاتب والباحث الفلسطيني، أسامة أبو ارشيد، أنّ هذه “الاستثنائية” التي تتمتع بها إسرائيل، تفوق تلك التي تحظى بها الولايات المتّحدة، القوّة العظمى عالمياً، والتي تتعالى على المعاهدات والقوانين الدولية لا تتماشى ومصالحها.

ويضيف الكاتب أنّ إسرائيل تنتهك كلّ معاهدة واتفاقية وإعلان وقرار دولي، منطلقةً من قناعة راسخة أنّها “مُسْتَحِقَةٌ” لذلك، ومَنْ يتجرأ على تحدّي هذا “الاستحقاق” يجد نفسه عرضة للاستهداف والتشويه، حتى وإن كانت أميركا ذاتها، راعية إسرائيل وحاميتها.

عجرفة أمام الأمم

يرى أبو ارشيد أن لا غرابة فيما فعله السفير الإسرائيلي في الأمم المتّحدة، جلعاد إردان، يوم الجمعة الماضي، عندما وقف خلف منصّة الجمعية العامة في الأمم المتّحدة موبّخاً أعضاءها، بسبب تصويت غالبيتهم لصالح توصية تنصّ على أنّ للفلسطينيين الحقّ في عضوية كاملة في الأمم المتّحدة.

وهنا ينقل الكاتب بعض ألفاظ تظهر “تعالي” إردان عل الحاضرين من ممثلي دول العالم، ومنها: “هذا أمر مثير للاشمئزاز..”، و “تؤيدون إعطاء حقوق دولة لكيان يسيطر عليه إرهابيون..”، و ” يمكن أن نرى ممثّلين لداعش أو بوكو حرام يجلسون بيننا هنا”.

لقد أهان ممثل إسرائيل الأمم المتحدة في عقر “مقرّها”، عندما اتهم ممثلي الدول الأعضاء بتمزيق ميثاق الأمم المتّحدة (مجازاً)، بينما كان هو يمزّقه (فعلياً). وكأنّه استشعر قرب فقدان دولته لـ “استثنائيتها”.

قرارات مع وقف التنفيذ

على مدى سبعة عقود مرّت منذ احتلالها لفلسطين، حظيت إسرائيل بمعاملة تفضيلية، أكسبتها “مناعة” ضد القرارات الصادرة بحقها.

ومن تلك القرارات: قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947، ويعرف بـ”قانون التقسيم”، حيث أقر تقسيم الأرض الفلسطينية إلى دولة عربية ودولة يهودية، مع وضع القدس وبيت لحم تحت وصاية دولية.

وقرار مجلس الأمن رقم 242 للعام 1967، الذي يدعو فيه إسرائيل للانسحاب إلى حدود ما قبل حرب 1967.

وقرار مجلس الأمن رقم 252 لعام 1968، الذي اعتبر كل الإجراءات التي قامت بها إسرائيل لتغيير الوضع القانوني للقدس، مثل مصادرة الأراضي والأملاك، إجراءات باطلة، ودعاها إلى إلغائها فوراً.

وقرار مجلس الأمن رقم 452 لعام 1979، الذي أعلن فيه أنّ المستوطنات في الأراضي المحتلة ليست قانونية، وأن الوضع القانوني للقدس لا يمكن تغييره من جانب واحد.

وصولاً إلى قرار مجلس الأمن رقم 2728 لعام 2024، الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في الحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة.

ومن المعلوم أنّ إسرائيل لم تلتزم بأيّ من تلك القرارات، ولا غيرها من عشرات القرارات التي تدينها. وهذا ما يشير إليه الكاتب أبو ارشيد بقوله: إنّ إسرائيل، ومنذ نشأتها، تُمزّق ميثاق الأمم المتّحدة يومياً، من دون رادع ولا حسيب.

تخوين الخصوم

يرى أبو ارشيد أنّ العنجهية التي تتصرف بها إسرائيل في تعاملها مع أعدائها وخصومها، تستند إلى منطق “الاستحقاق” الذي استقر في وجدانها، منذ اليوم الأول لقيامها.

ويضيف أنّ إسرائيل تعُدّ كلّ نقدٍ لجرائمها الماثلة للعيان، كحرب الإبادة الوحشية التي تشنّها على قطاع غزّة، إنّما يندرج في سياق “معاداة السامية”.

ومن هذا المنطلق، يؤكّد الكاتب أنّ الهيئات الدولية، كالأمم المتّحدة، ومنظّمة العفو الدولية، إذا تجرأت على انتقاد إسرائيل، فإنّها ستتهم بأنها “معادية للسامية”.

وفي شهر إبريل الماضي، شن السيناتور اليساري الأميركي، بيرني ساندرز، هجوماً على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، مشدداً على ضرورة عدم الخلط بين إدانة القتل في غزة، ومعاداة السامية.

وخاطب ساندرز نتنياهو: “القول إنّ حكومتك قتلت 34 ألفاً في 6 أشهر ليس معاداة للسامية”.

وأضاف أنّ إدانة تدمير إسرائيل لجامعات ومدارس غزة، وحرمان 625 ألفاً من التعليم، ليس عداء للسامية.

وتابع أنّ “القول إنك دمرت بنية غزة التحتية ونظامها الصحي و221 ألف مسكن ليس عداء للسامية”.

تمرد على الراعي

يقول أبو رشيد: إنّ المفارقة الأبرز نجدها في تمرّد إسرائيل على الولايات المتّحدة نفسها، ودوسها على المصالح الانتخابية لمن يقبع في البيت الأبيض، ويقدّم لها دعماً مطلقاً، وهو جو بايدن.

وهنا يشير الكاتب إلى أنّ بايدن لم يترك وسيلة لدعم إسرائيل في حربها على غزة إلا أنفذها، إضافة إلى تبريره لجرائم الإبادة التي ترتكبها ضد الفلسطينيين. ويرى الكاتب أنّ بايدن بهذا الفعل يغامر بكثير من شرائح قاعدته الانتخابية الديمقراطية، التي يعارض أغلبها العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة.

ويضيف أنّ بايدن تلقّى توبيخاً من نتنياهو عندما قرّر أنّ يعلق شحنة واحدة من القنابل الثقيلة لإسرائيل، في الوقت الذي تستمر فيه شحنات الأسلحة الأميركية بكلّ أنواعها بالتدفّق إليها.

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة هفغنتون بوست الأميركية عن رسالة بعثها السفير الإسرائيلي في واشنطن، مايكل هرتزورغ، إلى 88 عضواً ديمقراطياً في مجلس النواب الأميركي، وبّخهم فيها لتوقيعهم رسالة إلى بايدن يطالبونه أن يرهن المساعدات العسكرية لإسرائيل، باحترام القوانين الأميركية، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية.

وقد علّق أحد العاملين في مكتب أحد النواب، بأنّ لهجة هذه الرسالة لا تعكس حقيقة أنّ الولايات المتّحدة هي الضامن الرئيسي لأمن إسرائيل.

وهنا يرى الباحث أبو ارشيد أنّ القارئ غير الواعي قد يفترض أنّ إسرائيل هي القوة العظمى في هذه العلاقة، وأنّ الولايات المتّحدة هي “المتلقّية للمساعدات”.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة