[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
في كل العالم ينتظرون فصل الشتاء على أحرٍ من الجمر، فهو شهر للوئام، والدفء، إلا في قطاع غزة هنا، لهم شأنٌ آخر مع الأمطار فهو ضيفٌ ثقيلٌ عليهم، ليس اعتراضًا، وإنما لإدراكهم أن الشتاء سيكون وبالًا على خيامهم المهترئة، وهم الذين ينزحون عن منازلهم منذ قرابة عامٍ.
“غرقنا”.. الكلمة الأكثر تداولًا في قطاع غزة هذا اليوم، بعد أن جادت السماء بأمطار خير وبركة، بللت أشياءهم، وأغرقت مساكنهم البسيطة.
الجميع في الخيام يردد الكلمة الأكثر شهرة، غرقنا.. ماذا نفعل؟ وين نروح؟ يأس وقهر وألم.
خيامهم أضحت كجزر متناثرة في برك من المياه والوحل، وأطفال بملابس رثة يحاولون منع المياه من الدخول إلى خيامهم، عل محاولاتهم تنجح في حماية ما يمكن حمايته، إلا أنهم فشلوا.. وحزنوا.. وبكل تأكيد زاد الألم وعظمت المعاناة.
في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس، جال مراسلنا في المنطقة المكتظة بالخيام، وكانت الصورة أغنى من ألف كلمة، خيام مهترئة، تهطل عليها أمطار كثيفة، والنتيجة واحدة “يغرق كل شيء”.
بالكاد استطاع مراسلنا التجول بين خيام النازحين، فالوحل ومجمعات المياه في كل مكان، وصادف حاجة مسنة تدعى أم إياد (70 عامًا) قالت: لا أقول شيء يكفي أننا غرقنا من أول شتوية.
وفصل الشتاء لم يدخل فعليًّا، حيث إن اليوم 21 سبتمبر هو أول أيام فصل الخريف، ويتساءل الناس عن حالهم حال دخول الشتاء فعليًّا وبدء المنخفضات العميقة، مع استمرار نزوحهم، وبؤس حالهم.
عشرات الآلاف من النازحين يطالبون بشوادر جديدة، وخيام تقيهم الشتاء، وأغطية ثقيلة، وملابس، والجميع يطالب بعودته إلى بيته، حتى لو كان مهدما.
المواطنة انشراح الفليت والتي تسكن في خيمة على شاطئ بحر مدينة دير البلح، تبكي بحرقة وتقول: طول الليل ما نمت، ونحن نضع سواتر من الرمال حول الخيمة، علها تحمينا من موجات المد، وهطول الأمطار.
تضيف لمراسلنا: ماذا نفعل، يكفي ما يحدث بنا، في الصيف، قتلنا من الحر، ها نحن نقتل من الأمطار، وين نروح؟ شو نعمل.
يقول المواطن ابراهيم البخاري النازح من حي الرمال، قبل عدة أيام جاءت موجة وأخذت معها خيمتان، دخل البحر علينا وبلل ملابسنا، والسواتر التي نصنعها بلا نتيجة.
فيما قالت أحلام ابو طعيمة، وهي تعد سواتر رملية جديدة مع أطفالها: صنعنا سواتر من الرمل، لكنها تهدمت بفعل أو مطره صغيرة شهدها القطاع، ودخلت خيمتنا، لا نعرف ما الذي سنفعله في المنخفضات الجوية الكبيرة وأيام المربعانية.
الشاب خالد أبو شاويش (33 عامًا) وتزوج حديثا في خيمة يقول لمراسلنا إن خيمته فشلت في أول اختبار للشتاء، فالرياح الشديدة مزقت أجزاء منها، إضافة لغرقها بالمياه.
يتابع أن الحال كارثي، والأوضاع جدًا صعبة، ويدعو العالم للتدخل لوقف حد لهذه المعاناة والكارثة الكبيرة.
لقد كشفت الأمطار التي هطلت الأسبوع الماضي عن كارثة بيئية وصحية تلوح في الأفق لملايين النازحين الذين يتكدسون في الخيام المكتظة أو الأحياء التي تعرضت للقصف في وسط وشمال غزة؛ حيث لم تتبق أي بنية تحتية تقريبا.
فقد دمر الجيش الإسرائيلي خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة 655 ألف متر من خطوط الصرف الصحي و330 ألف متر من خطوط المياه بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وهذا يعني أن العائلات النازحة في جميع أنحاء غزة ستكون أمام خيارين خلال فصل الشتاء المقبل الذي أصبحت الفيضانات خلاله شائعة بشكل متزايد: إما أن تغرق في مياه الصرف الصحي في المناطق الحضرية المدمرة في غزة، أو أن يبتلعها المد المتزايد في المخيمات على البحر.
وأصدر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة تقريرا في 14 سبتمبر/أيلول يفيد بأن عدد النازحين في تزايد مستمر خلال الأشهر الأخيرة؛ حيث وثق وجود 543 مركز إيواء ونزوح في جميع أنحاء القطاع الذي أصبح على حافة كارثة إنسانية حقيقية مع قدوم الشتاء، إذ سيصبح ما يقرب من مليوني شخص بلا مأوى.
وأشار التقرير أيضا إلى أن التقييم الميداني للحكومة يشير إلى أن أكثر من 100 ألف خيمة في غزة غير صالحة للسكن الآدمي نتيجة التآكل والتلف، موضحا أن معظم الخيام مصنوعة من البلاستيك والأقمشة المهترئة.
ودعا المكتب الإعلامي الحكومي المجتمع الدولي لإنقاذ مليوني نازح من سكان غزة قبل فوات الأوان.
“}]]