طولكرم / PNN/ يعيش أهل مخيم طولكرم تحت وطأة واقعٍ صعب يفرضه الاحتلال بسياساته التنكيلية والتهجيرية التي لا تستهدف الأرض فقط بل الحياة بكل تفاصيلها، من الهواء الذي يتنفسه المواطن الفلسطيني إلى الماء الذي يشربه. فالاحتلال، بسياساته الممنهجة، يسعى لتجفيف الروح قبل أن يجفف الأرض، ويستخدم الماء كسلاحٍ في حربه المستمرة.
واشار تقرير اعدته جمعية الرواد للثقافة والفنون ضمن مشروع الاستثمار في حقوق الانسان وبشراكة وتمويل من مؤسسة astm الفرنسية وتنفذه شبكة فلسطين الاخبارية PNN ان استهداف شبكات المياه ليس مجرد عمل عدائي، بل هو تكتيك تهجيري يهدف إلى تجفيف منابع الأمل في قلوب الناس. حين يجف الماء، تذبل الحياة، ويبدأ النضال من أجل البقاء اليومي. في المخيم، تتحول كل لحظة إلى معركةٍ من أجل تأمين نقطة ماء، والبحث عن بئرٍ لم يطله العدو بعد. نساءٌ ورجالٌ وأطفالٌ يعانون لتصلهم قطرةٌ تروي عطشهم وتبقيهم صامدين.
و قال خالد أبو عيسى، ناشط بمركز العودة في مخيم طولكرم، إن حجم الدمار في المخيم كبير ولا يُوصف من تجريف للبنية التحتية بما فيها شبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء، بالإضافة إلى هدم البيوت.
وأضاف بأنهم في مركز العودة قاموا بتوفير خزانات لأغلب حارات المخيم، وقاموا بتعبئة هذه الخزانات عن طريق تنكات المياه، بمساعدة مؤسسات المخيم وأشخاص يحبون العطاء، مشيرًا إلى معاناة الأشخاص في تعبئة تنكات المياه ومشيهم لمسافات بعيدة بسبب عدم قدرة شاحنات المياه على الوصول إلى جميع الشوارع المحفرة والمجرفة في المخيم.
وأشار أبو عيسى إلى أهمية المياه وأساسيتها في الحياة، فهم في المركز يحاولون بقدر المستطاع تخفيف هذا العبء على الأهالي لقضاء حاجاتهم.
وعبر عن فرحته عندما يستطيعون توفير المياه لأهالي المخيم، فهو شيء كبير في ظل هذه الظروف، وهو نابع من أهمية المياه أصلًا.
وأوضح أبو عيسى أن ما يقوم به الاحتلال في المخيم هو سياسة تهجير وتدمير لجعل المواطنين يتعبون من هذه الحياة، مما يضطرهم إلى الخروج من المخيم كسياسة إلغاء المخيمات وحق العودة، الذي هو أساس القضية الفلسطينية، موضحًا أن هذا لن يحدث، فالمواطنون في المخيم صامدون رغم الجراح والمعاناة.
ولكن هذه السياسات لا تستهدف فقط الإضرار بالمرافق والبنى التحتية؛ إنها محاولة لترسيخ اليأس ودفع الناس إلى التخلي عن أرضهم ومنازلهم. فيُدرك أهل المخيم أن المياه هي عصب الحياة، وأن من يمتلك الماء يمتلك المستقبل، ولهذا هم محاربون فيه. فكل صراع من أجل قطرة ماءٍ هو صراع من أجل الحرية، من أجل البقاء، ومن أجل حقٍ غير قابل للتفاوض أو المساومة.
تقول المواطنة انتصار نافع من مخيم طولكرم إنهم تأثروا بانقطاع المياه، فلهم أكثر من 35 يومًا منذ بداية الاجتياح، وحتى الآن لا تصلهم المياه أبدًا بسبب التخريب الكامل للشبكات وتدمير الشوارع، فلا تستطيع شاحنات المياه الوصول إليهم، وهذا كله سياسة من سياسات الاحتلال لخفض عزيمتهم وجعلهم يهاجرون من المخيم، مشيرة إلى صمودهم وبقاءهم في بيوتهم مهما حدث.
وأشارت إلى معاناتهم في وصول المياه إليهم، بحيث أصبحوا يشترون كراتين مياه لتلبية احتياجاتهم، مما شكل عبئًا ماديًا عليهم.
وقالت مواطنة أخرى من المخيم: “الاحتلال عندما يدخل المخيم يقوم بقطع المياه وتدمير الشبكات، وهذه سياسة ممنهجة”، موضحةً أنه كان يوجد شبكتان للمياه في المخيم لم يتضررا من الاقتحامات السابقة، ولكن الاحتلال تعمد في آخر اقتحام تدميرهما.
وتابعت بأن الاحتلال لا يكتفي بتدمير شبكات المياه، بل أصبح يدمر خزانات المياه التي يلجأ إليها المواطنون أثناء انتظارهم تصليح البلدية للشبكات.
وأوضحت أن مخيم طولكرم منطقة منكوبة، لا يستطيعون التنقل فيها، وأصبح مكانًا كارثيًا للعيش، فحتى لا توجد فيه أماكن تقدم الخدمات الطبية بسبب استهدافها من قبل الاحتلال ونقص الأدوية المقدمة، وحتى عندما يذهبون إلى تلك العيادات المنكوبة يعانون بسبب أوضاع الطرق، فلا يستطيع الجميع الوصول إليها. موضحةً أن الاحتلال وضع سواتر ترابية بين الحارات والشوارع لزيادة معاناة التنقل.
ومع ذلك، يظل السؤال قائمًا: إلى متى سيستمر هذا النضال اليومي؟ إلى متى سيبقى العالم صامتًا أمام جرائم الاحتلال التهجيرية التي تستهدف مقومات الحياة؟ في ظل هذه الظروف، يثبت أهل المخيم أن الصمود ليس مجرد كلمة، بل هو فعلٌ يومي، وحقيقةٌ يعيشونها كل يوم، في وجه سياسات لا تعرف إلا القمع والظلم.