في ذكرى 10 أعوام على “الجرف الصامد”

[[{“value”:”

في مثل هذه الأيام، قبل عشرة أعوام، شنّت إسرائيل حربًا على غزّة تحت مسمّى “عملية الجرف الصامد” استمرّت نحو 50 يومًا (8/7/2014 – 26/8/2014)، وأعقبها، كما هي الحال المرافقة للحرب الحالية، جدلٌ حادّ فيما إذا كانت انتصرت أو خسرت.

ووفقًا لسردية قيادة المؤسّسة الأمنية، تمثلت أهم إنجازات تلك الحرب، كما صاغها رئيس هيئة الأركان العامة للجيش، الجنرال بيني غانتس، في: تحطيم القوة الاستراتيجية الأساسية لحركة حماس؛ تدمير جميع الأنفاق الهجومية التي خطّطت هذه الحركة لاستخدامها لشنّ هجمات مسلحة؛ القضاء على الجزء الأكبر من منظومة إنتاج الصواريخ التي لدى فصائل المقاومة؛ صدّ محاولات التسلل من البحر والجو وأساسًا بواسطة طيارات من دون طيار.

وهذا ما شدّد عليه أيضاً اللواء احتياط يعقوب عميدرور، مستشار الأمن القومي السابق لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو. وفعل ذلك في سياق سجال مع الذين يشعرون بالمرارة حيال نتائج الحرب التي انتهت بعد 50 يومًا من القتال من دون القضاء على “حماس”، وأكد أن ليس لهذا الشعور ما يبرّره. وقال إن إسرائيل حرصت خلال هذه العملية على قول الحقيقة، أن هدف القتال، باستثناء تدمير الأنفاق، هو التوصل إلى تسوية قوامها “الهدوء مقابل الهدوء“!

خلافًا لما قاله هذان المسؤولان العسكريان وسواهما ومسؤولون سياسيون كثيرون، الانطبـاع العام الذي بقي طاغيًا على أوساط واسعة في الجمهور الإسرائيلي العريض أن إسرائيل لم تحظ بفرصة انتصار أخرى في هذه الحرب، وهو شعور يتضـاد مع ما حاولت قيادة المؤسّستين السياسية والأمنية أن تروّجه، أن إسرائيل حققت أهداف المعركة كاملة. وفي حينه، كان ثمـة أسباب كثيرة لنشوء هذه الفجوة الكبيرة بين ما تروّجه المؤسّستان السياسية والأمنية والشعور العام المهيمن على الجمهور العريض.

أستعيد ثلاثـة أسباب تُعدّ رئيسية: الأول، عقب حرب 2006 في لبنان (باعتبارها من صنف المواجهات غير المتكافئة التي تواجه فيها دولة تنظيمًا لا ينتمي إلى دولة)، دأبت المؤسّسة العسكرية الإسرائيلية، وفي مقدمها رئيس هيئة الأركان العامة، جابي أشكنازي، على أن تؤكد أن على إسرائيل في أي مواجهة عسكرية مقبلة من هذا الطراز أن “تحقّق حسمًا جليًّا في الميدان، على نحو لا يدع أي مجال لطرح السؤال بشأن هوية الطرف المنتصـر”. وقد أوجد هذا التوكيد توقّعاتٍ منطقية بأن أي معركة مقبلة كهذه لا بدّ من أن تنتهي من ناحية إسرائيل بحسم واضح غير قابل للتأويل.

الثاني، لا شكّ في أن “الوعي بالانتصار” عادة ما يتكوّن، وبالذات لدى الرأي العام الواسع، في منأى عن الأهداف الرسمية للمعركة والتي تحدّدها المؤسّسة السياسية. ويستند هذا الوعي إلى موقف مستقل لدى الرأي العام نفسه بإزاء الأهداف التي يفترض أن تكون للمعركة. وبنـاءً على ذلك، يُصدر حكمه على امتحان النتيجة النهائية.

وفي حينه، انعكس الانطباع العام أن إسرائيل لم تحظ بفرصة انتصار أخرى في غزّة على نحو كبير للغاية في وسائل الإعلام الإسرائيلية المتعدّدة، وفي الأساس، ترتّبًا على ثلاثة عوامل، ظلت النتيجة النهائية للمعركة مفتقرة إليها: أولاً، أن “حماس” لم ترفع “الراية البيضاء”، ولم تطلب، بصورة علنية، وقف إطلاق النار من دون قيد أو شرط. ثانياً، لم تسفر الحرب عن التوصل إلى حلٍّ مُرض، من ناحية إسرائيل، لعمليات تعاظم قوة فصائل المقاومة. ثالثاً، لم تؤدّ إلى تحسين ظروف إسرائيل الإقليمية والدولية.

السبب الثالث، ظلّ الشعور الذي تملّك الجمهور الإسرائيلي العريض أن الأهداف الرسمية للمعركة التي طرحتها المؤسسة السياسية (حدّدها عميدرور بتدمير الأنفاق والتوصل إلى تسوية قوامها “الهدوء مقابل الهدوء”) لم تكن تعكس فعلًا الأهداف الحقيقية التي تطلعت إلى تحقيقها. ويبدو أن أسلوب التمسّك بهذه الأهداف الرسمية تغيّا أكثر شيء توفير غطاء للمؤسّسة السياسية في حال عدم تحقيق الأهداف الأوسع والأبعد مدى للحرب، والتي لم تتحقّق فعلًا.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة