[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان النقاب عن أنّ تحقيقاته حول “مجزرة الطحين” على دوار النابلسي، جنوبي غربي مدينة غزة، ضد مدنيين فلسطينيين حاولوا الحصول على إمدادات إنسانية، فجر الخميس الماضي، كشفت عن عدة مستجدات تؤكد تورط قوات الاحتلال في المجزرة، بما في ذلك نوع الرصاص المستخدم، مجدداً مطالبته بتحقيق دولي فاعل لمحاسبة المسؤولين عنها.
وأشار إلى المرصد أنّ فريقه الميداني كان متواجداً وقت وقوع المجزرة، وأنّه وثق إطلاق الدبابات الإسرائيلية النار بكثافة تجاه تجمعات المدنيين الفلسطينيين، خلال محاولتهم استلام مساعدات إنسانية على دوار النابلسي، دون أن يشكلوا أي تهديد على الجيش الإسرائيلي.
وأوضح المرصد في بيان له، اليوم الثلاثاء، أنّ عدداً كبيراً من ضحايا المجزرة أصيبوا برصاص يطلق من أسلحة يستخدمها جيش الاحتلال، موضحاً أنه بناءً على عينة مكونة من 200 شهيد ومصاب في المجزرة، تبيّن أنهم أصيبوا بهذا النوع من الرصاص، كما يتبيّن من معاينة الرصاصات الموجودة في مكان وقوع المجزرة، ومن خلال الشظايا التي كانت في أجساد الشهداء والجرحى.
وأضاف البيان أنّه بعد إجراء التقصي اللازم عن هذا النوع من الرصاص، تبين أنه يطلق من بنادق الهجوم مثل (M4) وتافور (Tavor)، بالإضافة إلى السلاح الرشاش (LMG). وأظهر الفحص أنّ هذا النوع من الرصاص بطرف فولاذي وطلاء نحاسي، وهو يستعمل من قبل جيش الاحتلال.
ووفقاً للمرصد المتوسطي، فإنّ هذا النوع من الرصاص يستورد أحياناً من المملكة المتحدة، ويتم كذلك تصنيعه داخل دولة الاحتلال، قبل شركة (IMI SYSTEMS)، وهي شركة مصنعة للأسلحة والذخائر والتكنولوجيا العسكرية، وتقوم بتزويدها بشكل رئيس للجيش الإسرائيلي.
و من بين الشهادات التي وثقها الأورومتوسطي، شهادة للمواطن، محمد ياسر وشاح (17 عاماً)، من سكان حي الصبرة في مدينة غزة، الذي كان متواجداً على دوار النابلسي، وقت وقوع المجزرة، حين أصابت رصاصة كيس الطحين الذي كان يحمله وهو فوق الشاحنة، واخترقته ثم اخترقت السترة التي كان يرتديها واستقرت فيها.
وأكد المرصد الحقوقي أنّه عاين الرصاصة المذكورة، ووجدها مطابقة بالشكل والمواصفات لهذا النوع من الرصاص، ولديه قدره عالية على الاختراق (3 ملم من الفولاذ) مقارنه بباقي أنواع الرصاص.
وقال شاهد عيان لطاقم الأورومتوسطي: تفاجأنا بدخول عناصر من الجنود الإسرائيليين إلى داخل المكان، وسحبوا شباباً من غزة، أغلبهم خلال هروبهم للشاطئ، وجزء منهم كان عند دوار النابلسي، فيما رُحّل جزء منهم للجنوب، وجزء آخر تم قتلهم وتركهم على الشاطئ.
وأضاف الشاهد أنّ الجنود أمسكوا أحد الشبّان ثمّ تركوه، وبعد ابتعاده عدة خطوات، أطلقوا النار تجاهه وأصابوه في كتفه بجروح.
وتابع الشاهد: حوصرنا حتى السادسة والنصف، وكان المصابون يحاولون التمسك بنا، ويقولون: لا تتركونا، وعند خروجنا كان الطحين والمواد الغذائية مختلطة بالدماء.
وقال شاهد آخر يعمل مسعفاً متطوعاً: توجهت لدوار النابلسي على أمل تلقي المساعدات، وأخذت معي من باب الاحتياط حقيبة إسعافات أولية لعلمي بحدوث إطلاق نار في الحالات المماثلة، وبمجرد عبور الشاحنات الحاجز، قبيل الساعة 4:30 فجراً، بدأ الجيش الإسرائيلي بإلقاء قنابل صوت وقنابل دخانية، إلى جانب إطلاق النار، وتقدمت الدبابة وحدثت مجزرة في المكان.
وأضاف المسعف أنّه قدّم الإسعاف لعدد من المصابين، حيث تبيّن له أنّ بعضهم مصاب في صدره، وآخرين في أطرافهم، وخلال محاولته سحب أحد المصابين، قدمت الدبابة فاضطرّ للانسحاب من المكان، فيما كان هناك عدد كبير من الشهداء والمصابين.
وشدّد المرصد الأورومتوسطي التذكير بأن أربعة دلائل أخرى تؤكد تورط الجيش الإسرائيلي في جريمة قتل وإصابة المدنيين الجياع، تتضمن علامات الإصابات على أجساد القتلى والمصابين، والمقاطع المصورة التي نشرها شهود العيان للحادثة، وصوت الرصاص الواضح ومصدره من الدبابات الإسرائيلية المتمركزة باتجاه البحر، وحالة الذعر والترويع التي أصابت جميع المتواجدين، بما في ذلك البعيدين عن شاحنات المساعدات، ودفعتهم للهروب في كل الاتجاهات باحثين عن مكان للاحتماء فيه.
وأشار المرصد إلى أن جميع هذه الأدلة تشير إلى نية إسرائيل في استخدام التجويع ومنع المساعدات وقتل الجياع لتنفيذ جريمة التهجير القسري ضد الفلسطينيين في شمال قطاع غزة، وأنّ هذه الأفعال تشكل جزءاً أساسياً من جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها ضد جميع سكان قطاع غزة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن عمليات القتل المتعمدة التي ينفذها جيش الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين بصفتهم هذه وبدون أن يكون لهم أية مشاركة في الأعمال الحربية، تشكل انتهاكات جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ودعا المرصد إلى تشكيل ضغط دولي فوري على إسرائيل لوقف كافة جرائمها في قطاع غزة، بما في ذلك الإبادة الجماعية والتجويع، ومساءلتها ومحاسبتها على جرائمها وانتهاكاتها الجسيمة ضد قطاع غزة وسكانه.
كما حث المرصد الحقوقي على تدخل دولي أكثر فاعلية وحسماً، من أجل ضمان وصول الإمدادات الإنسانية بشكل آمن وكامل، ومن دون أي عوائق، لضمان الوصول إلى جميع الأشخاص المتضررين، وتوفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية المطلوبة بشكل عاجل، للحيلولة دون تفاقم كارثة المجاعة في قطاع غزة، وفق تقرير المرصد.
وفي 29 فبراير/ شباط الماضي، أطلقت قوات إسرائيلية النار على مئات الفلسطينيين خلال تجمعهم عند دوار النابلسي، جنوب مدينة غزة، في انتظار الحصول على مساعدات إنسانية، لا سيّما الطحين؛ ما خلَّف 118 شهيداً و760 جريحاً، بحسب وزارة الصحة في القطاع.
“}]]