استهداف المتضامنين .. سياسية إسرائيلية إجرامية متكررة

[[{“value”:”

فلسطين المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام

شهد العقدان الأخيران تصاعداً ملحوظاً في التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية، بالتزامن مع تزايد الانتهاكات الإسرائيلية، التي وصلت إلى حد استهداف وقتل متضامنين دوليين شاركوا في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين.

ولم يكن استشهاد المتضامنة الأميركية من أصل تركي عائشة نور إيجي برصاص الاحتلال الإسرائيلي، يوم الجمعة الماضي، هو الأول من نوعه، فسجل الضحايا الذين قتلهم الاحتلال الإسرائيلي من المتضامنين الأجانب مع القضية الفلسطينية والرافضين لجرائم الاحتلال حافل بكثير من النماذج.

ومن أبرز ضحايا اعتداءات الاحتلال على أولئك المتضامنين خلال أكثر من عقدين من الزمن.

الطبيب الألماني هارولد فيشر

هارولد فيشر (68 عاماً) طبيب علاج فيزيائي متقاعد، أقام في بيت جالا مدّة 22 عاماً، حيث إنّه متزوج من الفلسطينية نورما اصطفان وله منها ثلاثة أولاد.

وفي بداية انتفاضة الأقصى، هاجم الجيش الإسرائيلي بلدة بيت جالا قرب بيت لحم في 2-11-2000، حيث اختبأ الطبيب فيشر وعائلته تحت الدرج أثناء القصف الوحشي على البلدة، إلا أنّه غادر الملجأ لمساعدة جيران فلسطينيين وجهوا له نداء استغاثة.

وأوضحت شقيقة زوجته أنّ “فيشر” أصيب بقذيفة وقتل على الفور، ولاحظ مراسل وكالة “فرانس برس” الذي شاهد الجثة أن القسم الاكبر من ساقه اليسرى وقسماً من يده اليسرى قد تمزقا أشلاء.

وبقيت جثته التي حملت آثار الحروق في وسط الشارع على مدى ساعتين على الأقل قبل أن تصل سيارة إسعاف لنقلها.

المصور الصحفي الإيطالي رافائيل تشيريلو

كان المصور الإيطالي المستقل “رافائيل تشيريلو” (42 عاماً) في مهمة لصحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية في مدينة رام الله بالضفة الغربية لتغطيته الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

وقال “أميديو ريكوتشي” من محطة التلفزيون الإيطالية “راي أونو” للجنة حماية الصحفيين إنه ومصوره كانا يرافقان “تشيريللو” بالقرب من مجموعة من المسلحين الفلسطينيين وقت وقوع الحادث، مضيفاً أنّ المنطقة كانت هادئة وتقع على بعد نحو 500 متر من مخيم للاجئين الفلسطينيين حيث تجري المواجهات.

وأضاف الصحفي أنّه ورفاقه كانوا يقفون داخل مبنى قبالة زقاق، وبعد ذلك بوقت قصير، ظهرت دبابة في أحد طرفي الشارع على بعد نحو 150 متراً. وعندما غادر “تشيريلو” المبنى لتصوير الدبابة تعرّض لإطلاق النار ست مرات دون سابق إنذار، وتوفي متأثراً بجراحه بعد ذلك بوقت قصير في 13-3-2002.

وادّعى مسؤول في المكتب الصحفي للحكومة الإسرائيلية لـ “بوسطن غلوب” حينها أنّه من تلك المسافة يظهر للجنود أنّ الرجل كان في وضع وكأنّه على وشك إطلاق النار.

ووفقاً لصحيفة “هآرتس” العبرية، فإنّ الجيش الإسرائيلي أنكر وجود أيّ إطلاق للنار باتجاه المصور من قبل جنود الاحتلال.

موظف الإغاثة البريطاني إيان هوك

كان “إيان هوك” (54 عاماً) مديراً لفريق إغاثة تابع لوكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، يهدف للمساعدة في إعادة بناء مخيم جنين في الضفة الغربية.

ووفقاً للجنة تحقيق بريطانية، فإنّ “هوك” كان موجوداً في مجمع للأمم المتحدة بجنين مع مجموعة من الموظفين الآخرين، عندما أطلق قناص إسرائيلي النار عليه بشكل متعمد فأرداه قتيلاً، وكان ذلك في 22-11-2002.

وقال “بول ولستينهولمي”، زميل “هوك” الذي كان في المجمع وقت إطلاق النار، إنّ قناص القوات الخاصة الإسرائيلية كان سيعرف أنّ “هوك” ليس فلسطينياً. وأضاف أنّها “لم تكن قضية هوية خاطئة، بل كان عملاً متعمداً”.

وزعمت سلطات الاحتلال حينها أنّ القناص أخطأ عندما ظنّ هاتف “هوك” المحمول مسدساً.

المتضامنة الأمريكية راشيل كوري

تنتمي “راشيل كريغ كوري” (23 عاماً) لعائلة يهودية أمريكية، وعرفت راشيل بحبها للسلام، وبدفاعها عن حق الفلسطينيين في العيش بسلام والاعتراف بالدولة الفلسطينية.

ذهبت راشيل إلى قطاع غزة عام 2003 ضمن وفد من حركة التضامن العالمية إبّان الانتفاضة الفلسطينية الثانية، إذ عملت مع متضامنين أجانب في القطاع من أجل منع هدم منازل الفلسطينيين.

وفي يوم 16-3-2003، تقدمت “راشيل” مرتدية معطفاً برتقالياً نحو إحدى الجرافات الإسرائيلية محاولة منعها من تدمير أحد المنازل وتجريف أراضي المزارعين، في حي السلام بمدينة رفح ورفعت شعار “كن إنساناً”.

وقفت كوري أمام الجرافة تحمل مكبر صوت وتدعو الجنود الإسرائيليين للتوقف عن عملية الهدم والتجريف، وظنت أن ملامحها الأجنبية ستمنع الجرافات الإسرائيلية من التعرض لها.

غير أن سائق الجرافة لم يكترث لنداء الشابة الأميركية ودعسها متعمداً وقتلها، بحسب ما نقل المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن متضامنين رافقوا راشيل وقتها.

راشيل كوري لحظة مهاجمتها من قبل الجرافة الإسرائيلية الإسرائيلية

وبرأت المحكمة الإسرائيلية عام 2013 قاتل راشيل كوري، ورفضت دعوى مدنية رفعتها عائلتها ضد إسرائيل، وقالت إنها “وصلت إلى استنتاج يشير إلى عدم وجود إهمال من قبل سائق الجرافة، وإنه لم يرها قبيل دعسها”.

المخرج الويلزي جيمس هنري ميلر

سافر “جيمس ميلر” (34 عاماً) إلى قطاع غزة، من أجل تصوير فيلم وثائقي عن الأطفال في كلا الجانبين بعنوان “الموت في غزة”.

وفي اليوم الأخير من وجوده في غزة تعرّض “ميلر” لإطلاق رصاص من عربة إسرائيلية مدرعة أدّى لمقتله في 2-5-2003، قبل أن يكمل تصوير الجانب الآخر من القصة.

وبعد مقتله ضغطت بريطانيا وأسرته من أجل إجراء تحقيق في مقتله في ظل مماطلة إسرائيلية ونفي لمسؤوليتها عن الحادث، حيث اضطر الجيش الإسرائيلي إلى إجراء “تحقيق داخلي” في مقتله.

وأسفرت نتائج التحقيق عن أنّ الرصاصة انطلقت من مدرعة إسرائيلية، وأن الجنود الذين قتلوه كانوا يعرفونه وأنهم شاهدوا العلم الأبيض الذي كان يرفعه.

المتضامن البريطاني توم هرندل

انضمّ المصور الصحفي البريطاني “توم هرندل” (22 عاماً) المهتم بالقضايا الإنسانية إلى حركة التضامن الدولية، التي تأسست سنة 2001 من أجل دعم القضية الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وشارك في العديد من التظاهرات في قطاع غزة والضفة الغربية، ونقل الكثير من الحقائق عن جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين العزل عبر عدسته للعالم.

سافر إلى قطاع غزة مع زملائه في الحركة، وكانت أول محطة له في مدينة رفح التي وثق بها انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان ضد الفلسطينيين.

وفي 11-4-2003، أقام “هرندل” مع نشطاء آخرين حملة سلام على طريق في رفح لمنع دورية دبابات إسرائيلية من المرور إلى المدينة، لكن قناصة الاحتلال بدأوا في إطلاق النار باتجاه المتظاهرين.

ولاحظ توم ثلاثة أطفال فلسطينيين يقفون من الخوف في خط النار، فتطوع لحمايتهم، لتخترق رأسه رصاصة قناص إسرائيلي.

وبسبب هذه الإصابة البليغة، دخل “توم هرندل” في غيبوبة، ونقل على إثرها إلى أحد مستشفيات لندن لتلقي الرعاية الطبية المتخصصة، ثم توفي في 13-1-2004.

ونتيجة للضغط من عائلته ومن وزير الخارجية البريطاني، أمر المدعي العام الإسرائيلي حينها بإجراء تحقيق في مقتله، وأدين المجند الإسرائيلي “تيسير هايب” بقتله، وحكم عليه في العام 2005 بالسجن لمدة 11 عاماً ونصف، إلا أنه تم الإفراج عنه بعد 6 سنوات.

نشطاء أسطول الحرية

في العام 2010، انطلقت سفينة “مافي مرمرة” التي كانت تقل متضامني “أسطول الحرية” وتحمل مساعدات إنسانية وأدوية للتخفيف من معاناة أهل غزة. وكانت السفينة تقل على متنها قرابة 750 ناشطاً في مجالات حقوق الإنسان والسياسة من 37 دولة غالبيتهم من الأتراك.

وفي 31-5-2010 داهمت فرقة كوماندوز إسرائيلية السفينة التركية التي كانت ضمن أسطول إنساني من ستة زوارق في محاولة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وأدّى الهجوم الإسرائيلي إلى مقتل 10 أشخاص وأصيب 56 آخرون.

وأثار هذا الحادث أزمة دبلوماسية خطيرة بين تركيا وإسرائيل استمرت ست سنوات حتى إبرام اتفاق بعد أشهر من المفاوضات السرية، سددت بموجبه إسرائيل إلى تركيا 20 مليون دولار كتعويض لعائلات القتلى، في المقابل اتفق الطرفان على عدم محاسبة أي مواطن إسرائيلي أو أي ممثل عن حكومة إسرائيل.

والمتضامنون الأتراك ضحايا تلك الجريمة هم: جنغيز آكيوز، وعلي حيدر بنغي، وإبراهيم بلغن، وسيفديت كليقلير، وجنغز سنغر، وسيتين طوبق أوغلو، وفهري يلديز، ونجدت يلدرن، وفرقان دوغان، وأوغور سليمان سويلميز.

المتضامنة الأميركية التركية عايشة نور إيجي

بعد وصولها إلى فلسطين بيومين، شاركت المتضامنة الأميركية من أصول تركية عايشة نور إيجي (26 عاماً) ضمن حملة “فزعة” لدعم وحماية المزارعين الفلسطينيين من انتهاكات الاحتلال والمستعمرين، إلى جانب عدد من المتضامين الأجانب، حيث تعرّضت لإطلاق النار.

ويروي شاهد عيان من بلدة بيتا تفاصيل إصابة المتضامنة إيجي، فيقول: “خلال مشاركة عدد من المتضامنين الأجانب مع أهالي البلدة في المسيرة الأسبوعية المناهضة للاستيطان، كانت قوات الاحتلال تنشر القناصة على إحدى التلال القريبة التي تبعد نحو 200 متر عن مكان إصابة المتضامنة”.

ويضيف الشاهد لوكالة “وفا”: “لم تمض نصف ساعة، حتى أطلق جنود الاحتلال قنابل الغاز السام بكثافة صوب المشاركين، وكانت المتضامنة “إيجي” تتحدث إلى أحد أصدقائها، فأطلق جنود الاحتلال رصاصتين إحداهما استقرت في رأسها والأخرى أصابت شظاياها أحد شبان البلدة، وبعد ذلك رأيت الجنود يرقصون فرحين لما أقدموا عليه”.

ويشير ذياب إلى أن المتضامنة ايجي لم تشكّل خطراً على جنود الاحتلال، خاصة أنها كانت تقف عند سفح الجبل، بينما هم ينتشرون على المرتفعات والمنازل القريبة.

واستشهدت “إيجي” بعد وقت قصير من وصولها إلى مستشفى رفيديا الجراحي الحكومي في نابلس يوم الجمعة 6-9-2024 متأثرة بإصابتها الحرجة.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة