اغتيال هنية وشكر يظهر حقيقة نتينياهو النرجسية بقلم منى عمارنة

 ​   

بين اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وبين اغتيال فؤاد شكر ساعات قليلة، لكنها ضربات متتالية جاءت في العمق الداخلي، هدفها تعطيل أي سبل لتحقيق الوصول لاتفاق يوقف الحرب الهمجية البربرية ضد أبناء فلسطين في غزة النازفة وفي الضفة المكلومة.

يفتح هذا الاغتيال وتوقيته والطريقة التي عملت بها إسرائيل تساؤلات كثيرة عن جدية الأمريكي في احقاق السلام، الذي اخذ يروج له منذ بداية العدوان على قطاع غزة منذ أكثر من عشرة أشهر.

منذ ان القى خطابه نتنياهو امام الكونغرس، وهو ينتهج الكذب والتضليل ليوهم العالم بتتويج نفسه بطلا مخلصا للإنسانية من شرور المقاومة الفلسطينية والإسلامية، بحجة انها تقتل النساء والأطفال، وينسى ان قواته المعتدية على الغزيين شارفت على قتل أربعين الفا، وما يقرب على المئة ألف جريح عدا عن عشرات الاف المفقودين، وجلهم من النساء والأطفال وكبار السن .

لم يكتفي من تدمير المدارس والبيوت، وتيتيم الاف الأطفال وتشريد أكثر من 80% من اهل غزة، وتخريب جميع مظاهر الحياة والتحضر في القطاع، بل ظل نتنياهو يماطل ويختلق العراقيل ليتخلص من أي اتفاق من شأنه إيقاف الة القتل والتدمير، بل ذهب لتأجيج الصراع وتصعيد لمواقفه النرجسية ذاتية المصالح. 

إن اغتيال إسماعيل هنية بهذه الطريقة وهو الذي كان يفاوضه لاطلاق سراح الاسرى الإسرائيليين، وبهذا التوقيت لا يوصلنا الا الى ان هذا النتنياهو يعشق الدم الفلسطيني والعربي ويتلذذ  بإراقته، ولا يرغب في التنحي عن قول الأكاذيب، بل انه يذهب لتأجيج شرارة الصراع ويصب البنزين على النار ليدفع مجريات الاحداث في المنطقة برمتها للاشتعال، وكأننا عدنا الى نقطة انطلاق هذه الحرب المتعجرفة ،التي أتت على الأخضر واليابس ليس في غزة وإنما أيضا في إسرائيل والاقليم برمته .

ماذا يعني أن تغتال إسرائيل الوجه المفاوض لحركة حماس وهو الجهة الوحيدة في حماس من تتواصل معه، الى جانب تصعيدها في جبهة لبنان باغتيال الرجل الثاني بحزب الله فؤاد شكر، وهي تعلم جيدا حقيقة ان حزب الله لن يتهاون، وهو يملك الإمكانيات التي تجعله يرد داخل العمق الإسرائيلي .

نتنياهو لا يتردد في جر إسرائيل وحليفته الولايات المتحدة الامريكية ودول الغرب الداعمة له الى مستنقع الحرب والتدمير، بحجة الدفاع عن الحضارة في وجه ما سماه محور الشر، انه لا يتعب من تكرار نفس الأخطاء ومع نفس الأشخاص .

يأتي هذا الإغتيال الجبان ليأكد أن إسرائيل وقيادتها لا تسعى سوى لنشر الخراب والآلام والحروب ولو كان على حساب أسراه، نعم إنه ضرب بعرض الحائط جميع القرارات الأممية التي حثت إسرائيل على إيقاف الحرب، فلا قرار محكمة العدل الدولية ولا قرارات مجلس الأمن بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، ولا حتى أسرى إسرائيل جعلته يكترث للصالح العام في المنطقة، فلم تكتفي إسرائيل بتصعيدها في  غزة والضفة وخاصة زيادة التطرف والمتطرفين اليهود، أمثال بن غفير وسموترتش ومجموعات حماية التلال، وغيرهم من المستوطنين الذين جل همهم بقتل وتدمير وتشريد الالاف ومصادرة الأراضي وإراقت الدماء .

نرجسية المتطرفين في حكومة نتنياهو، جعلت الإغتيال وسيلة مفتعلة للضغط على المقاومة كي تربكها وتنشر في صفوفها الخوف والارباك، وتدفعها على القبول بإتفاق تفصله إسرائيل على مقاسها و وفق شروطها ، لكنهم لا يدركون ان وأد الفكرة لا يكون بالإغتيال فحماس فكرة وإيمان وعقيدة لا يمكن طمسها، والمقاومة حق مشروع في كل الأوقات والأزمان ولم يجدي من قبل ، عندما إغتالت المناضلين والمفكرين والمؤثرين على مر العقود إغتالت أحمد ياسين، والرنتيسي وصلاح شحادة والعاروري وغيرهم ولم تسقط الحركة وإغتالت الكثير من القادة الميدانيين في حماس، لكن الحركة تطورت ونمت قدراتها ومواقفها السياسية والعقائدية والقتالية .

أنت عندما تخسر كل شيء لا يبقى لك ما تحزن وتخاف لفقدانه، وهذا ما يدل عليه حال أهل غزة الذين تركتهم شعوبنا العربية ليواجهوا المحتل، بصدور عارية وقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره وقدرتهم على تحقيق النصر على الظلم الإسرائيلي . 

إن هذه الإغتيالات لن تمر كما يعتقد الإسرائيليين مرور الكرام فلابد لها من رد ولا بد للمقاومة من ردود فعل تجاه هذه الاغتيالات ،حتى لا يعتقد نرجسيوا الاحتلال الإسرائيلي بتعاظمهم، رغم أن الإسرائيليين يسعون لجر المنطقة والإقليم برمته لحرب مفتوحة، تضمن لقيادات إسرائيل البقاء في حكمهم وعدم تقديمهم للعدالة والقضاء وإنهاء مسيرتهم السياسية، فالمصلحة الشخصية هي ما يدفع نتنياهو وأعضاء حكومته للإستمرار في التصعيد على كل الجبهات، و وأد كل إتفاق من شأنه أن يوقف هذه الحرب الظالمة على غزة وأبنائها .     
 

  

المحتوى ذو الصلة