الحركة الاحتجاجية في إسرائيل تكرس الانقسام و3 عوامل لنجاحها

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

على مدى أكثر من عشرة شهور، تمكّن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو من الالتفاف على كل الضغوط الخارجية التي تعرض لها للقبول باتفاقٍ يوقف حرب الإبادة على غزة ويفضي إلى صفقة تبادل للأسرى، لكنّ الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها “إسرائيل” على خلفية مقتل ستة أسرى، تعد مؤشرًا على بدء تصدّع الإجماع الإسرائيلي على الحرب.

هذا ما خلص إليه تقدير موقف نشره المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مؤكداً أن الاحتجاجات الإسرائيلية وما رافقها من إضراب عام دعت إليه “الهستدروت” تمثل التحدي الداخلي الأكبر الذي يواجهه نتنياهو منذ 7 أكتوبر 2023، إذ تكرّس الانقسام الشائع في المجتمع الإسرائيلي، على الرغم من أنها تتركز في أوساط الفئات الليبرالية والعلمانية.

للمرة الأولى بتاريخه.. إضراب شامل يشّل الكيان واتحاد نقابة العمال “الهستدروت” يؤكد أن نسبة الاستجابة بلغت 95 بالمئة، لإجراء صفقة تبادل. pic.twitter.com/nEiXQZ0qfP

— مجلة ميم.. مِرآتنا (@Meemmag) September 2, 2024

وترى الورقة المنشورة في 5 سبتمبر 2025 تحت عنوان “هل تنجح احتجاجات إسرائيل في الدفع نحو اتفاق لوقف حرب غزة وتبادل الأسرى؟”، أن نجاح حركة وقف الحرب يعتمد على 3 عوامل هي: انخراط شرائح أوسع من المجتمع الإسرائيلي، وإلى تزايد الضغوط الخارجية (سياسية وقانونية وإعلامية)، واستمرار صمود المقاومة الفلسطينية، مؤكدة أن النهج الذي يتّبعه نتنياهو ما زال يركّز فيه على استرضاء ائتلافه للاستمرار في الحكم أطول فترة ممكنة.

وتسبّب مقتل ستة أسرى لدى كتائب القسام أثناء محاولة قوات الاحتلال الوصول إلى موقع أسرهم داخل نفق في منطقة رفح جنوب قطاع غزة، في اندلاع موجة احتجاجات كبيرة داخل إسرائيل تطالب نتنياهو بالتوصل إلى صفقة تسمح باستعادة الأسرى أحياء.

وتعدّ حركة الاحتجاج التي زادت أهميتها بعد انضمام اتحاد نقابات العمال في إسرائيل “الهستدروت” الأكبر التي تشهدها دولة الاحتلال منذ اندلاع حرب الإبادة على غزة.

عاجل || سموتريتش:

أعطيت تعليمات لقسم الأجور في وزارة المالية بأن أي شخص يضرب غدًا لن يحصل على أجره، ويسعدني أن أرى أن هناك سلطات محلية لا تتفق مع قرار رئيس الهستدروت.!😅😅

عبري لايف: حشود من المتظاهرين في جميع أنحاء “البلاد” الآن من أجل عودة الأسرى!!#الوقت_ينفد #تل_أبيب pic.twitter.com/0HvHfbvUq8

— 🇵🇸Tagh𓂆reed (@taghreed202345) September 2, 2024

الاحتجاجات ونطاقها

توضح الورقة أنه منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، حين جرت آخر عملية تبادل أسرى بين الاحتلال والمقاومة بعد وقف مؤقت لإطلاق النار استمر أسبوعًا، لم تنجح كل الجهود الدبلوماسية، أو الضغوط الخارجية والداخلية، في تغيير موقف نتنياهو بشأن التوصل إلى اتفاقٍ لتبادل الأسرى يشمل وقفًا لإطلاق النار.

وتشير إلى أن نتنياهو ظل متمسكًا بموقفه الداعي إلى القضاء على حركة حماس واستئناف الحرب بعد أيّ اتفاق لإطلاق سراح الأسرى، واستمر في وضع شروط جديدة بعد كل تقارب في المواقف، وآخرها شرط بقاء جيش الاحتلال في محور صلاح الدين “فيلادلفيا” الفاصل بين قطاع غزة ومصر.

القوات الإسرائيلية تواصل إنشاء طريق بطول 14 كيلومتر في محور فيلادلفيا

أظهر مقطع فيديو نُشر في الإعلام العبري اليوم الخميس، استمرار القوات الإسرائيلية في تمهيد طريق سريع بطول 14 كيلومتر بمحاذاة الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المصرية، في محور صلاح الدين “فيلادلفيا”.… pic.twitter.com/ZeDaREvAVy

— Sinai for Human Rights (@Sinaifhr) September 5, 2024

وظلت الحركة الاحتجاجية، التي شكّلتها عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة للضغط من أجل إبرام اتفاق، محدودة في العموم،

وبينت أنه على مدى شهور من الحرب لم تفلح الحركة الاحتجاجية لعائلات الأسرى الإسرائيليين في حشد دعم شعبي كبير للتأثير في موقف نتنياهو الذي استند إلى مشاعر انتقام الشارع الإسرائيلي، وإلى تحالف يميني متطرف في الكنيست يدعو إلى استمرار الحرب حتى تحقق أهدافها، على الرغم من عدم وضوحها، إلى جانب علاقات نتنياهو باللوبي الإسرائيلي في أمريكا والذي حد من ضغوط الإدارة الأمريكية عليه، لافتا إلى ذلك ظهر بوضوح في خطاب أمام الكونغرس في 24 يوليو 2024.

عائلات الرهائن الإسرائيليين أثناء احتجاجهم في تل أبيب
يقولون
“إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، فسوف نحرق البلاد!”

pic.twitter.com/Q9173Bz4c6

— أنيس منصور (@anesmansory) September 5, 2024

حسابات خاصة

ويعتقد تقدير الموقف أن الوضع بدأ يتغير في الأسابيع الأخيرة، لاسيما بعد مقتل الأسرى الستة، وإصرار نتنياهو على التمسك بمحور صلاح الدين، حيث أخذ الإنهاك والتعب من استمرار الحرب يظهران جليًا على المجتمع الإسرائيلي، وبدأ يتضح لجزء كبير منه أن استمرار الحرب فقد معناه وبات مرتبطًا بحسابات سياسية خاصة بنتنياهو الذي يسعى لإطالة عمر حكومته، حتى لو أدى ذلك إلى مقتل كل الأسرى في غزة.

وتؤكد الورقة أن انضمام الهستدروت إلى الاحتجاجات والدعوة للنزول إلى الشارع وتعطيل الاقتصاد يوم 2 سبتمبر 2024، أعطاها أهمية أكبر للضغط على حكومة نتنياهو، مشيراً إلى أن نجاحه الجزئي أوضح توسّع الشرخ داخل المجتمع الإسرائيلي بين من يريد استمرار الحرب حتى القضاء على المقاومة الفلسطينية، وأولئك الذين يرون أن إعادة الأسرى أحياء يجب أن تكون أولوية في هذه المرحلة.

“80% من الشركات الناشئة في إسرائيل تعاني”.. المنسق العام لحركة BDS يتحدث عن خسائر الاقتصاد الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب على #غزة#الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/QtpNqEGEPg

— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) September 4, 2024

ويذكر التقرير أن مستوى الشرخ ظهر حين حظي الإضراب بدعم واسع في المدن الكبرى، مثل تل أبيب وحيفا، حيث أغلقت شركات عدة وتوقفت الخدمات، بينما عزفت عن المشاركة المناطق الأكثر يمينية ومحافظة، مثل أحياء غربي القدس، والبؤر الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية.

وتشدد الورقة على أن تمكن الحكومة من منع استمرار الإضراب واتساع نطاقه بقرار قضائي، إلا أن حجم الاحتجاجات بيّن بوضوح أن الإجماع الذي ظهر في إسرائيل حول أهداف الحرب بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر بدأ يتصدع.

“مؤخراً أَجبرت إنتل على إلغاء خطتها للاستثمار بمبلغ 25 مليار دولار في الاقتصاد الإسرائيلي.. تعاني ماكدونالدز من خسارة كبيرة في الإيرادات وقيمة الأسهم”.. مؤسس حركة مقاطعة إسرائيل، عمر البرغوثي، يستعرض أثر BDS على اقتصاد إسرائيل ونبذ العالم المتزايد لها.. شاهد!#مجلة_ميم pic.twitter.com/zwYsqGXNta

— مجلة ميم.. مِرآتنا (@Meemmag) August 25, 2024

موقف الجيش

أما عن موقف المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية من البقاء في محور صلاح الدين، فتقول الورقة إن وزير جيش الاحتلال يؤآف غالانت، اتّهم نتنياهو بوضوح بفرض إرادته على الجيش حيث عمّقت مسألة المحور الخلاف بين الجانبين، حيث يرى الجيش أن نتنياهو يمهّد الطريق لحكم عسكري إسرائيلي مباشر في غزة، بعد أن قرر استحداث منصب جديد يحمل اسم “رئيس الجهود الإنسانية المدنية في غزة”، وتعيين العميد إلعاد غورين لشغله.

وكان غالانت قد عبر عن مخاوف الجيش من سعي نتنياهو لحكم غزة عسكرياً في مؤتمر صحافي عقده في 15 مايو/ أيار الماضي. وفي حينه نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية وثيقة مسرّبة وضعتها المؤسسة العسكرية بشأن بدائل حكم حماس في قطاع غزة، أكدت فيها أن إقامة حكم عسكري في غزة يعدّ الخيار الأسوأ إسرائيليا، إذ يستنزف قدرات الجيش ويتطلب زيادة فترة خدمة قوات الاحتياط، وتخصيص قوة عسكرية كبيرة، ما سيؤثّر في فاعلية الجبهات الأخرى التي تواجهها إسرائيل.

“تسريبات محور فيلادلفي”.. #غالانت يتهم #نتنياهو بمحاولة فرض رأيه على الأجهزة الأمنية والجيش الإسرائيلي قبل نشوب مشادة كلامية بينما#غزة #قناة_العربية pic.twitter.com/Q1GtEGKe9m

— العربية (@AlArabiya) September 6, 2024

وترى الورقة أن إصرار نتنياهو على البقاء في محور صلاح الدين يضيف نقطة خلاف أخرى مع الجيش الذي يرى أن المحور لا يجب أن تشكّل عائقًا أمام التوصل إلى اتفاق يعيد الأسرى الإسرائيليين أحياء، وخاصة أن الجيش يتحمّل “عبء” مقتلهم في قطاع غزة نتيجة استمرار الحرب ومحاولات الوصول إليهم لتحريرهم، وقد عزز هذه النظرة تصريحات العضوان السابقان في مجلس الحرب، ورئيسا الأركان السابقان، بيني غانتس وغادي آيزنكوت، اللذان أكدا أن محور فيلادلفيا لا يمثل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل، كما يزعم نتنياهو.

ونتنياهو وعقدة فيلادلفيا

وترى الورقة أن موقف الإدارة الأمريكية بعد مقتل الأسرى الستة، لا يعكس ضغطاً حقيقياً على نتنياهو، مشيرة إلى أن حديثها عن وضع مقترح نهائي لجسر الخلاف بين إسرائيل وحركة حماس بخصوص محور صلاح الدين، سيُقدّم بصيغة “خذه أو دعه” في إشارة إلى احتمال تخلّى الولايات المتحدة الأميركية عن جهود الوساطة لإبرام اتفاق في حال رفض نتنياهو أو حماس المقترح.

تفاؤل أمريكي وتشاؤم إسرائيلي.. رصد لتطورات مقترح وقف إطلاق النار في قطاع غزة pic.twitter.com/xnY1ZIPPzu

— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) September 6, 2024

وشددت على أن إدارة بايدن لم تمارس أيّ ضغط على إسرائيل، وأن مجرد التلويح بمقترح جديد بعد أن رفضت إسرائيل المقترح الأول هو خضوع للضغط الإسرائيلي، وليس العكس، ما يثير الشكوك في أن إدارة بايدن لم تتوقف عن الإيهام بوجود أمل ومفاوضات وتقدّم فيها حتى موعد الانتخابات الرئاسية القادمة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، إذ لا تتوافر لديها الإرادة للضغط فعلًا على الحكومة الإسرائيلية.

وبينما ترى الورقة أن نتنياهو يُسوق محور صلاح الدين كمصدر تهديد لإسرائيل، وأن تركه يفتح الطريق لتهريب الأسلحة من جديد إلى قطاع غزة، تعتقد أن نتنياهو يستغل المسألة لشراء الوقت على أمل تحقيق إنجاز ميداني يحسّن موقفه السياسي، في حين يسعى للحفاظ على تحالفه الحكومي اليمين المتطرف، وربما يحاول أيضًا التأثير في نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة من خلال إحباط جهود بايدن.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة