الشهيد طارق داود.. حياة قصيرها ملؤها جهاد وختامها شهادة

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

أن يكون تعداد عمرك لا يتجاوز ثمانية عشر عامًا، فإنه لا يُنتظر منك أكثر من تَفوُّقٍ دراسي، أو تميُّزٍ رياضي، أو تحصيلِ قليلٍ من المعرفة والثقافة، أو حتى انخراطٍ في عملٍ يعينك على معاشك، لكن أن تتحول تلك السنون القليلة إلى ملحمة من الجهاد والإبلاء في سبيل تحرير المقدسات والأوطان، حتى تختم حياتك بالشهادة مقبلاً غير مدبر، فذلك ما لا يتحقق إلا لندرة من الناس، والذين من بينهم الشهيد القسّامي طارق داود.

وقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية -قبل يومين- استشهاد القائد القسامي طارق داود (18 عامًا) برصاص الاحتلال الإسرائيلي في عملية قامت بها وحدة من جيش الاحتلال، وذلك بعد أن كان مطاردًا طيلة 7 أشهر ماضية.

تغطية صحفية: “أنت متخيل كم فلسطيني ارتقى عشان أطلع من السجن؟، بفديهم بدمي”.. طارق داود، فتى الضفة الذي أوفى بعهده مع غزة. pic.twitter.com/vY5AL1FG6K

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) August 13, 2024

وفي قلقيلية المحتلة -الواقعة شمال غربي الضفة الغربية- ترعرع الطفل طارق داود، وفيها نشأ على حب الدين والأرض ومعنى الفداء والدفاع عن القدس والأقصى، فانضوى تحت لواء كتائب الشهيد عز القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- وصار أحد قيادييها الميدانيين رغم حداثة سنه.

وبارز داود العدو الصهيوني في مواجهاتٍ عدة حتى قام الاحتلال منذ زهاء عامين باعتقاله، وحكم عليه بالسجن لمدة 7 سنوات، ليظل في سجون الاحتلال عامًا كاملاً قبل أن يُفرج عنه في صفقة تبادل أسرى مع كتائب القسام في نوفمبر الماضي.

لم يكن هذا هو الاعتقال الأول للشهيد داود؛ حيث اعتقل عدة مرات، بدأت أولاها وهو في سن الرابعة عشر، وكان ذلك عام 2021 ليصبح مجموع ما أمضاه في سجون الاحتلال قرابة عامين بشكل متفرق.

لقاء مع الشهيد طارق داود لحظة الإفراج عنه في صفقة التبادل التي حصلت في الهدنة الأولى بالحرب.

كان عمره 17 عامًا وأمضى عامًا في سجون الاحتلال وكان الإدعاء العسكري الصهيوني يطلب بسجنه لمدة 7 أعوام.

بعد إطلاق سراحه أصبح مطاردًا للاحتلال وقائدًا ميدانيًا للقسام في مدينة قلقيلية. pic.twitter.com/QUSEcUuPqy

— yaseenizeddeen (@yaseenizeddeen) August 12, 2024

وكان جيش الاحتلال قد اقتحم منزل ذوي الشهيد القسامي عشرات المرات واعتقل والديه وأشقاءه، وقاموا بتعذيبهم في محاولات للضغط عليه لتسليم نفسه؛ حيث تعرضت أمه “دنيا” للاعتقال أكثر من عشر مرات، نُقلت -خلالها- إلى معسكرات تابعة لجيش الاحتلال، واحتجزت في ظروف مأساوية وقاسية، هذا بالإضافة إلى حالة الرعب المستمرة التي تعيشها مع زوجها “زياد داود” وباقي الأبناء، خوفًا على طارق من أن تناله يد الاحتلال بسوء.

وأكّدت مؤسسات الأسرى أنّ حالة عائلة داود تشكّل نموذجًا لمئات العائلات التي تعرضت لعمليات اعتقال كرهائن والتي تندرج في إطار جريمة (العقاب الجماعي)، بهدف الضغط على أبنائهم المطاردين من قبل الاحتلال، وقد تعمّد الاحتلال بشكل أساسي استخدام الزوجات والأمهات كرهائن من خلال اعتقالهن المتكرر لأيام وأسابيع.

والد الشهيد بإذن الله المطارد طارق داود في بيت التهنئة بارتحاله بمدينة قلقيلية. pic.twitter.com/O3ZV1zwoUq

— locutoratere (@locutoratere) August 12, 2024

الفتى القسّامي المجاهد، يعرف طريقه ويدرك طبيعته، بل ويوقن بحقيقة نهايته؛ حتى إنه كان قد كتب وصيته قبل استشهاده، فعاش مقاومًا للاحتلال لا تفتر عزيمته، ولا تضعف إرادته، ولا يزيده بطش الاحتلال إلا صمودًا؛ ففور خروجه من السجن عاد ليحمل سلاحه ويقود الميدان تحت راية القسام، ويُذيق العدو بأسه حتى بلغ بجيش الاحتلال حد الغضب أن يطلبه أسيرًا أو شهيدً.

أبى المجاهد داود إلا أن يكون مَوجةً هادرة في طوفان الأقصى، وأدرك أنه -لا محالة- سائر في ركب الشهداء، طال الأمد به أو قصُر، فاختصر في سنيّ عُمُره القليلة، ما لا يُدركه كثيرٌ من المُعمّرين وإن اجتهدوا، فملأ حياته حركة وجهادًا وكأنه يتسابق مع الأجل حتى يوجع العدوّ المحتل قبل أن يُباغته رصاصه بُكرةً أو عشيًّا.

صورة تجمع شهيد اليوم “طارق داود” من قلقيلية مع الشهيد أشرف نافع “ازكيهم” في طولكرم pic.twitter.com/Va8bo5X8aD

— أركــــــــان (@ar2aan) August 12, 2024

الفتى المثقل بالأحزان على الدماء المهدرة في غزة منذ عشرة أشهر، والمليء بالغضب تجاه تدنيس الأقصى من عصابات اليهود، انطلق في الميدان يخطط وينفذ ويقود الطليعة المجاهدة في عمليات تقضّ مضاجع الاحتلال، حتى كان آخرها عملية إطلاق النار قرب بلدة عزون شرق قلقيلية، ما أسفر عن إصابة مستوطن بجراحٍ خطرة، وذلك ردًّا على جرائم الاحتلال ومستوطنيه في الضفة الغربية والقدس وغزة.

ومساء الاثنين (12-8) تمكنت قوات الاحتلال من تنفيذ عملية اغتيال جبانة بحق المطارد طارق داود، لتنطوي بذلك صفحة مشرقة من صفحات الجهاد في الضفة الغربية.

الاعلام العبري ينشر مقطع لمركبة الشهيد طارق داود لحظة اغتياله قرب عزون

اكثر من 100 رصاصة اخترقت المركبة
رحمك الله 💔 pic.twitter.com/r8LhuTiHMr

— UmKhaled القسامية (@tasnim_umkhaled) August 12, 2024

وفور استشهاده نعته حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مؤكدة أن جرائم الاحتلال المستمرة في الضفة وغزة، وعمليات الاغتيال بحق قيادات المقاومة؛ لن تكسر إرادة المقاومة لدى شعبنا البطل ومقاومينا البواسل.

وشددت على أن دماء الشهيد طارق داود ستكون وقودًا يدفع قاطرة الانتفاض والثورة في وجه هذا المحتل الجبان وقطعان مستوطنيه، حتى الوصول إلى حقوقنا السليبة وأهداف شعبنا في الحرية وتقرير المصير.

حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تنعى إلى شعبنا الفلسطيني المرابط، الشهيد القسامي القائد طارق داود، قائد كتائب القسام في محافظة قلقيلية، الذي ارتقى في عملية اغتيال جبانة نفذتها قوات الاحتلال الفاشي في بلدة عزون مساء اليوم الاثنين pic.twitter.com/3bCxtMhz4J

— د. حسام فوزي جبر (@HOSAM_MOKBEL) August 12, 2024

كما زفّت كتائب القسام، الشهيد داود، والذي وصفته بأنه أحد فرسانها الميامين، معلنة عن تبنيها عمليته البطولية بحق المستوطن؛ ومؤكدة الوقت ذاته أن البذرة التي زرعها في مدينة قلقيلية قد أزهرت وأينعت مجاهدين أشداء، سيرى الله ثم شعبنا المجاهد منهم بأسًا في ساحات القتال وعزمًا في مواطن النزال، في قابل العمليات البطولية بإذن الله تعالى.

وفي وصيته قبل استشهاده.. دعا داود إلى استمرار المقاومة “لأنها السبيل للحرية والخلاص من الاحتلال”.

كما أكد أن “غزة تعني الكثير لكل الشعب الفلسطيني، ويجب إسنادها حتى تتمكن مع أبطال الضفة والقدس من تحرير الأسرى من الظلم الذي يتعرضون له”.

فشرت فشرت ” اسرائيل ” قالوها الحمسـ ،ـاوية

الشهـ،ـيد القائد البطل اشرف نافع | طولكرم
٢٣/٧/٢٠٢٤

الشهـ،ـيد القائد البطل طارق داوود | قلقيلية
١٢/٨/٢٠٢٤ pic.twitter.com/qZlFvPKHjx

— Malak 𓂆 (@malakash0ur) August 12, 2024

“}]] 

المحتوى ذو الصلة