العرب بين الانبطاح الرسمي لابتزاز ترامب.. وضمير الأمّة الجمعي ووعيه المتصاعد  

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

على الرغم من أنّ فوز دونالد ترامب لم يكن مفاجئًا، في ظل الخسائر الكبيرة التي مُنيت بها إدارة بايدن بسبب انحيازها للإجرام الصهيوني ودفع كامل فاتورة الإبادة المتواصلة بغزة سياسيًا وعسكريًا، إلّا أنّ التفاعل مع عودة ترامب للبيت الأبيض عربيًا كشف الحالة المتردية التي وصلت لها “حالة الانبطاح الرسمي العربي”، في الخضوع والتبعية والتسليم وكأنّ ترامب قدرٌ لهؤلاء الحكام لا يمكن الفرار منه أو الوقوف بوجه رغباته وأوامره، التي ستكون بحسب التجربة السابقة منحازة بكليتها كالإدارة السابقة لخدمة الأجندات الصهيونية.

ويرى كتاب ومحللون أنّ حالة الانبطاح العربي في شقها الرسمي لا تعبر عن ضمير الأمّة ووعيها المتصاعد الذي شكلته حالة السابع من أكتوبر في وجود فئة تستطيع الدفاع عن شرف الأمّة وأن تقول لا بوجه قوى الغطرسة العالمية وللاحتلال من خلفها، لا سيما وأنّ ترامب ليس آلهة أو قدرًا يجب أن نرضخ الأمّة لجبروته وطغيانه.  

ويرى مراقبون أنّ القادة العرب ما زالوا لا يملكون الإرادة ولا القناعة للدفاع عن مصالحهم وسيادتهم ومواردهم، الأمر الذي سيجعلهم يخضون ويسلمون لإدارة ترامب، فيما رأى آخرون بفوزه إيجابية لا سيما وأنّ بلطجة ترامب واستفزازه وابتزازه فرصة لكي تستيقظ الأمّة من غفلتها.

وذهب محللون إلى أنّنا سنواجه اليوم بعد تحالف ترامب مع نتنياهو أقصى خيارات التطرّف في تمويت قضية فلسطين، وتحويلها شأناً استثمارياً، على ما حاولا في الخطّة التي أعلنها ترامب “صفقةً” من أجل السلام في المنطقة.

وفي هذا السياق يقول الكاتب والمحلل السياسي حلمي الأسمر إنّ حجم التحليلات التي انطلقت في قراءة حال العالم بعد انتخاب ترامب يفوق الحصر، فقد انهمرت كالمطر، ولي عليها جملة ملاحظات.

ويضيف الأسمر في منشورٍ له على فيسبوك، رصده المركز الفلسطيني للإعلام، أنّ البعض يتحدث عن إله وليس عن رئيس دولة، صحيح هي عظمى، وأن عطس اهتزت أسواق المال، لكنه بشر، يمكن أن يموت أو يقتل في الغد وقبل أن يصل إلى مكتبه البيضاوي!

ويتابع بالقول: تأسيسا على النقطة الأولى، ليس كل ما يريده هو وإدارته، وكل الغرب من ورائه، يمكن لهم أن ينفذوه، فقد حاول تمرير ما سميت صفقة القرن، وتم ردها إلى وجهه صفعة، فنحن أمة نمر في أزمة فعلا، ولكننا لم نمت ولدينا رجال قادرون على مقارعته هو ومن يدعم، ومن يحمي. وما السابع من أكتوبر عنا ببعيد!

ويشدد على أنّ ما يريده هو وعصاباته ليس قدرا مقدورا. فلا يحدث في أرض الله إلا ما يريد الله، ولله عباد حكموا العالم قبل أن يولد ترامب هو وأبوه وجده الألف، وسيعودون لحكمه شاء من شاء وأبى من أبى. وقد بدأ للتو زمن هؤلاء، وزمن ترامب بدأ في الأفول.

ويرى الأسمر أنّ همة الأمة وعنفوانها لا تقاس بانبطاح حكامها وزحفهم على بطونهم للقائه والتزاحم على باب “البيت الأبيض” ولكن تقاس بضمير الأمة الجمعي ووعيها العام الذي بدأ رحلة الصعود وإدراك مدى قوتها وقدرتها على التغيير، بل احتقاره هو ومن سبقه ومن سيلحق به، فهم خدم في معبد الصهيونية والماسونية، ومصير هؤلاء وأولئك هو مصير من سبقهم من امبراطوريات داستها سنابك خيلنا!

ويخلص إلى أنّ “الزمن دوار، والدول كالبشر تهرم وتشيخ وهم الان في مرحلة الشيخوخة وان طالت، فلا يغرنكم ما هم به من قوة وجبروت”.

أما وزير الخارجية التونسي الأسبق رفيق عبد السلام، فيقول: كل الدول والكتل الكبرى في العالم تقوم بجرد حسابات الربح والخسارة من صعود ترامب، من الصينيين والروس والايرانيين والأتراك الى الاسرائيليين والاوروبيين والحلف الأطلسي وغيرهم، وبعضهم قد يربح من صفقات محتملة مع ترامب وبعضهم الآخر يتحسب لإمكانيات المواجهة العسكرية والاقتصادية، الا العرب فهم خاسرون مع الديمقراطيين ومنكوبون مع الجمهوريين.

ويفسر ما ذهب إليه بالقول: لأنهم بكل بساطة لا يملكون الإرادة ولا القناعة للدفاع عن مصالحهم وسيادتهم ومواردهم، وهم مستعدون سلفا لتسليم القواعد والأموال والنفط وكل شيء ومعه الذهاب لإسرائيل مقابل شيء واحد ووحيد هو بقاء حكامهم على كراسي الحكم بالقاب أصحاب الجلالة والسيادة والسمو والفخامة، أي مقابل تسليمهم مفاتيح البوابات والحدود لحشر الشعوب داخل الأسيجة القُطرية ومراقبتها وقمعها و”بهذلتها” نيابة عن المحتلين الأصليين.

أما أستاذ الأخلاقيات السياسية محمد المختار الشنقيطي، فقال في تدوينة له، رصدها المركز الفلسطيني للإعلام: ربما يكون أهل منطقتنا بحاجة اليوم إلى بلطجة ترامب واستفزازه وابتزازه، أكثر من حاجتهم إلى نفاق هاريس وعصابتها التي تنافق أهل المنطقة وهي تذبحهم من الوريد إلى الوريد.

ولفت الشنقيطي إلى أنّ “مستوى الغفلة والخذلان وبلادة الإحساس التي كشفها طوفان الأقصى في صفوفنا لا يعالجه إلا لهيب السياط الحارقة”.

وفي قراءته للمشهد يرى الكاتب والمحلل السياسي معن البياري، أننا نُغادر حكاية السيّئ والأكثر سوءاً، بحسم الأخير فوزَه رئاسة الولايات المتحدة، فنعبُر إلى ترقّب ما سيصنعه هذا، دونالد ترامب الثاني، وقد صار في الثامنة والسبعين عاماً، فينا، نحن العرب، وفي العالم، وفي أميركا. لنا كلّنا خبرةٌ فيه، فقد حدَث أن أقام في البيت الأبيض أربع سنوات، قبل أن يخلفه جو بايدن. نكون على حقٍّ لو قُلنا إن كابوساً ثقيلاً تمثّله عودته هذه إلى رئاسة أقوى دولة، فالذي نعرفُه عنه غير مُطمئِن، مقلق.

ويضيف بياري، في مقالة رصدها المركز الفلسطيني للإعلام: أنّ هذا لا يشير إلى أن الخاسرة كامالا هاريس كانت ستتبنّى العدالة والإنصاف في العالم، فترى عذابات الغزّيين واللبنانيين جرّاء التوحّش الإسرائيلي، وتلتفتُ إلى دورٍ قوي لبلادها من أجل وقف عذابات السوريين والسودانيين واليمنيين.

ويستدرك بالقول: إنما يشير هذا إلى منسوبٍ أعلى للعجرفة والصهينة والعنصرية والاستقواء لدى ترامب وفريق إدارته المرتقَب. وعندما يكون نتنياهو أول مهنّئي المرشّح الفائز، مبتهجاً بـ”أعظم عودة في التاريخ” فهذا شاهدٌ على تحالفٍ سيتجدّد بين اثنيْهما، وهما صديقان، في المضيِّ إلى أقصى خيارات التطرّف في تمويت قضية فلسطين، وتحويلها شأناً استثمارياً، على ما حاولا في الخطّة التي أعلنها ترامب “صفقةً” من أجل السلام في المنطقة.

وينوه البياري إلى أنه في البال أن الرئيس المتجدّد كان قد أعلن عن عدم رضاه عن صغر مساحة إسرائيل.

ويختم حديثه بالقول: صارت وراءنا قصة معاقبة الأميركيين العرب والمسلمين كامالا هاريس. صار قدّامنا رجل عواصف التهوّر والتطرّف والشعبويات والعداء للصحافة وحرّياتها والولع بالمستبدّين والديكتاتوريين. صار وراءَنا السؤال عن سبب عدم نجاح السيدة التي قالت كلاماً طيّبا في غير قضية، ورأيناها، عن حقّ، أقلّ سوءاً من منافسها. صار قدّامنا دونالد ترامب. ويكفي هذا الاسم لتجتاحنا زوابع من قلقٍ وتحسُّب. … يا ألطاف الله.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة