العواودة: أحلام الاحتلال التوسعية بحسب رغبات نتنياهو أمرٌ غير واقعي

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

على الرغم من “حالة النشوة والغرور” التي تظهر جلية في تصريحات نتنياهو وأركان حكومته المتطرفة في السعي لتوسيع دائرة الحرب والعدوان في غزة ولبنان والسعي لاستهداف النووي الإيراني، وتهديد أمن المنطقة برمّتها، إلا أنّ ذلك لا يبدو “لقمة سائغة” كما يحرص أولئك على تصويره، لا سيما وأنّ أيّا من الأهداف المعلنة في معارك الكيان ما زال عاجزًا عن تحقيق أيٍ منها، فلا هو قادرٌ على إعادة المستوطنين في الشمال، وفي الوقت نفسه ما زال يدور في حلقة مفرغة بحثًا عن أسراه في غزة أو القضاء على المقاومة ومنع عملياتها وإطلاقها للصواريخ بعد مرور عامٍ على الطوفان.

فهل نتنياهو قادرٌ – كما يزعم هو ووزراؤه المتطرفون – على تحقيق نظرية الأمن لكيانهم عبر توسيع دائرة الحرب واحتلال مزيدٍ من الأراضي في دول الإقليم، أم أنّ كلّ ذلك مجرد أحلامٍ ما زال يعجز عن تحقيقها وإن تبجحت حكومة المتطرفين بالسعي قدما نحو تحقيقها في ظل ظروفٍ دوليةٍ وإقليميةٍ مواتيةٍ لذلك وفقًا لمنطق معتقداتهم التوسعية لتحقيق “إسرائيل الكبرى من البحر إلى النهر”.

وفي هذا السياق، يحذر الخبير في الشؤون الإسرائيلية صلاح العواودة من أنّ دولة الاحتلال الصهيوني بقيادة نتنياهو وحكومته المتطرفة تسابق الزمن في تحقيق أحلامها التوسعية على حساب دول الجوار، مستغلة اللحظة السانحة في ظل دعمٍ أمريكيٍ غير مسبوق، مؤكدًا أنّ ذلك سيدفعها للسعي نحو احتلال جنوب لبنان وضرب النووي الإيراني، ولن يمنعها من مدّ بصرها وأطماعها نحو الأردن ومصر وغيرها في سبيل الوصول لـ”إسرائيل الكبرى” من النيل إلى الفرات “المزعومة”.

ويرصد العواودة في تصريحاته للمركز الفلسطيني للإعلام، نقطة الانطلاق في نظرية الأحلام التوسعية ومن خلال أرشيف جيش الاحتلال بين عامي 1950 و1982 والذي يظهر وجود هذه الظاهرة التي استمرت لـ 30 سنة وما زالت آثارها على الجيش والحكومة والمجتمع بادية.

وبحسب تلك النظرية، “ومن أجل حل المشكلات الأمنية وضمان أمن اليهود يجب ضم أراضٍ اضافية لدولة الاحتلال التي تم رسم حدودها في هدنة 1949، ولتحقيق هذا الهدف فإن إسرائيل تحتاج الى حرب تبادر هي لها او تأتي وحدها فيقوم الجيش باحتلال مساحات كبيرة ويفرض سيادته عليها ثم يتم ضمها الى إسرائيل”.

وفي تصريحاته للمركز الفلسطيني للإعلام يقول العواودة بحسب بروتوكولات الحكومة الإسرائيلية في الخمسينيات والستينيات نظرية الأمن تتطلب احتلال الأراضي والتوسع وأنه كل عشر سنوات يجب أن يكون هناك حرب إذا لم يبادر لها العدوّ بحسب زعمهم تبادر لها إسرائيل.

ويضيف: الآن هذا باستقراء تاريخ الاحتلال موجود، وعليه شواهد من الأعوام 1948 وحتى العام 1982 تحديدًا، ولكن بعد اتفاقيات أوسلو وكامب ديفيد ووادي عربة لم يعد احتلال وتوسع في أراضي الجوار، فهذه النظرية كانت خاصة في الخمسينات والستينات، حتى تمّ توقيع اتفاقيات السلام مع العرب.

ويتابع بالقول: من وجهة نظري، ما حصل في اتفاقيات السلام أخطر من التوسع العسكري والاحتلال للأراضي، وهو ما يقطف العرب ثماره اليوم عمليًا.

ويلفت العواودة إلى أنّ هذا العدوان على غزة وعلى لبنان والعدوان على الفلسطينيين في انتفاضة الأقصى، ومن قبل ذلك قتل عرفات، وإلغاء اتفاقية أوسلو، وإعادة احتلال المدن في الضفة، وحتى حرب 1982 كانت ثمرة كامب ديفيد.

ويسترسل الخبير في الشأن الصهيوني في حديثه بالقول: إنّ المسألة تحتاج إلى كثير من التفصيل، لكن اليوم مع وجود حكومة اليمين المتطرفة بقيادة نتنياهو أعتقد أن فكرة العودة إلى إستراتيجية الخمسينات والستينات تبدو أكثر منطقية وأكثر واقعية، فهذه الحكومة في تركيبتها وفي أفكارها التي تحملها، لا تعترف باتفاقية سلام، ولديها أحلامها التوسعية أيدولوجيًا، ومستندة إلى الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة، الأمر الذي أحدث كل هذه التطورات التي حصلت في داخل الكيان.

ويستدرك العواودة بالقول: لذلك من المنطقي أن يكون هناك توسع بهذه الحرب بأكثر من جبهة، خصوصًا الدول التي لم توقع اتفاقيات سلام مع دولة الاحتلال.

ويشدد العواودة على أنّ هذا لا يجعل الدول التي وقعت اتفاقيات سلام في منأى، فمثلا الأردن قد يكون ساحة للتوسع، لأنّه بدون هجوم على الأرض لا يرى اليمين الصهيوني حلاً للقضية الفلسطينية، وبناء على معتقداتهم تلك فإنّه يجب احتلال الأردن.

ويؤكد أن التفاوض بالنسبة للصهاينة مع العرب سيكون على “الأردن المحتلة”، وهذا وفق الأيديولوجيات التي يحملها اليمين الصهيوني.

ويذكّر بأنّه قبل عام عرض الوزير في حكومة نتنياهو سموتريتش خارطة لإسرائيل تضم الأردن في منتدى في باريس، وأثارت الحادثة ضجة كبيرة، ولذلك فإنّ النظام الأردني يعلم أكثر من غيره هذا الكلام.

ويضيف العواودة: ولذلك، بناء على تطورات هذه الحرب فإنّ من المتوقع كل شيء أن يحدث، لأنّ هذه الأحلام تراودهم وكانوا ينتقدون اليسار بدولة الاحتلال، لأنه لا يذهب بهذا الاتجاه، والآن بناء على المعطيات والنتائج التي يرونها في العمليات العسكرية التي يقومون بها، يمكن أن يوسعوا طموحاتهم.

وينوه العواودة بالقول: تاريخيا أحد معالم النصر بالنسبة للعدو هو احتلال أرضٍ جديدة، ولذلك يطالب اليمين عدم الانسحاب من قطاع غزة، على الأقل لو أبقوا جزءًا من قطاع غزة بشكلٍ دائمٍ تحت الاحتلال، لأنهم يقولون: بدون ذلك لن ننتصر، والانتصار يجب أن يكون فيه احتلال جديد.

ويقول العواودة: أعتقد أنّ لبنان ينطبق عليه هذا الكلام، وسيحتلون جنوب لبنان، وسيفاوضون لبنان على المناطق المحتلة، فتعريف النصر لديهم هكذا.

ويلفت إلى أنّ مسألة التوسع الصهيوني باتت مرشحة بشكلٍ أكبر الآن مع عملية الصواريخ الإيرانية التي ضربت الكيان، وقد يكون هناك ضربة مرتقبة للنووي الإيراني، وقد تحدثوا عن ذلك، حتى قبل الهجوم الإيراني، ولذلك نحن أمام تصعيد، وكل الخيارات مفتوحة.

ويشدد على أنّ هناك أيضًا مبدأ أساسيا وثابتا بالتجربة، في العلاقة بين الكيان والولايات المتحدة، وبرز في حرب 1967، فقبيل الرابع من حزيران في ذلك العام، كان هناك نقاشات وجدل في الكيان الصهيوني وحكومته من جهة والإدارة الأمريكية من جهة أخرى، حول الحرب مع العرب، هل نبادر للهجوم، فالعرب يحشدون ويعدون جيوشهم للهجوم، وما إلى ذلك، فهل نبادر لضربة استباقية للعرب، ام نترك العرب يهجمون.

ويلفت العواودة إلى الإدارة الأمريكية كان موقفها قبل الحرب أنه إذا أنتم من هاجم لن نتدخل، ولكن إذا هاجمكم العرب سنقف إلى جانبكم، وفي النهاية ذهب العدوّ الصهيوني لمهاجمة العرب والنتيجة معروفة لدى الجميع، والإدارة الأمريكية تبنّت الهجوم وفرضته أمرًا واقعًا واعترفت بالوقائع الجديدة وغطتها، وأجبرت العرب على الاستسلام ورفع الراية البيضاء وأراضيهم محتلة.

ويلفت إلى أنّ المعادلة لم تختلف الآن، فنتنياهو يعرف ذلك جيدًا، ويعرف كيف تفكر الإدارة الأمريكية، وعلاقته باللوبيات السياسية المختلفة في الولايات المتحدة صهيونية أم غيرها، وثيقة جدًا، وهو عاش في الولايات المتحدة كمواطن أمريكي، ويعرف كيف يفكر الأمريكان كمؤسسة ودولة وأحزاب ومرشحين.

ويتابع بالقول: لذلك هو يثق ثقة عمياء أنه سيفعل كل ما يريد، والولايات المتحدة ستغطي عليه، وستقدم له كل ما يلزم، ولن تتخلى عنه، وإذا شعرت الولايات المتحدة أنه عاجز عن فعل شيء، أو يتعرض للخطر، سوف تتدخل فورًا.

وينوه إلى أنّ هذا سيشجعه في الهجوم على إيران، لأن الولايات المتحدة قالت بشكل واضح إذا إيران هاجمتكم سوف نتدخل، لكن ما دامت المعركة بينكم وبين حزب الله، فلن نتدخل، يعني الحرب في حدود فلسطين، لا نتدخل، لكن أي طرف دولي سنقف أمامه.

 ويختم العواودة حديثه بالقول: لذلك هو الآن يجد فرصة رغم أن الولايات المتحددة هددت إيران، ولكن الآن إيران ضربت العدوّ، ولذلك أصبحت المسألة بالنسبة لنتنياهو حتمية يجب أن يضرب إيران، ويجب أن تتدخل الولايات المتحدة وتضرب إيران، وهذا ما يطالب به نتنياهو منذ أكثر من 15 عامًا، وهذا هو برنامجه تجاه إيران تحديدًا.

ولكنّ الخبير بالشأن الإسرائيلي، وعلى الرغم مّما سبق، إلى أنه يرى أنّ الاحتلال ومع كل ما فعل من قتل وتدمير في أكثر من مكان فهو لا يزال تحت وطأة آثار ضربة الطوفان، مشددًا في الوقت ذاته على أن الجمهور الصهيوني لا يزال يعيش صدمة السابع من أكتوبر ولن يمسحها إلا نصر مطلق يشمل كل محور المقاومة، ويعيد تشكيل المنطقة وفق رغبة نتنياهو، وهذا الأمر يبدو غير واقعي.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة