المجاعة تعود لغزة والشمال.. آلام متجددة وتحذيرات دون صدى

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

ليس مبالغة عندما نقول إنّ المجاعة عادت لتطل برأسها من جديد في مناطق شمال قطاع غزة، فبعد وقت قصير سمح فيه الاحتلال بإدخال المواد الغذائية والفواكه والخضروات، عاد ليشدّد الخناق على مدينة غزة وشمالها منذ بدء العملية العسكرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

ففي 7 مايو/ أيار الجاري، سيطرت إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع مصر، وهو ما أدّى إلى توقّف دخول المساعدات إلى القطاع، وتوقّف سفر الجرحى والمرضى إلى الخارج لتلقي العلاج.

#انفوجراف

غزة على أبواب المجاعة

+98% من المخابز توقفت عن العمل لانعدام غاز الطهي
*700 بئر مياه توقفت عن العمل لاستهدافها من الاحتلال

المصدر: الإعلام الحكومي في غزة pic.twitter.com/rzCsywCqwG

— فلسطينيو الخارج (@PalesAbroad) May 31, 2024

ويعاني سكان شمال قطاع غزة، البالغ عددهم نحو 700 ألف نسمة، من نقص حاد في المواد الغذائية والخضروات، نتيجة استمرار إغلاق الاحتلال للمعابر الحدودية وعدم دخول الشاحنات إلى الشمال، الأمر الذي يعيد “شبح المجاعة” إلى الواجهة من جديد، وفقاً لمسؤولين محليين ومنظمات دولية.

والمتجول فيما يطلق عليها “الأسواق” في شمال قطاع غزة وهي أبعد ما تكون عن ذلك، لا يجد فيها شيئا ًيمكن أن يقتات عليه الناس، الذين باتوا لا يجدون ما “يغمسون” فيه خبزهم الذي لم يبق عندهم سواه.

🛑 Time for the world to listen to the children of #Gaza

“I have been in the same clothes since the war started.”

“Our streets are destroyed & full of garbage.”

“I want to go back to my school and friends.”

“I am sick of this life.”

Their only hope is an immediate #Ceasfire pic.twitter.com/w3AFsxucUG

— UNRWA (@UNRWA) May 28, 2024

فلا فواكه ولا خضروات، ولا لحوم ولا مجمدات، ولا معلبات ولا حتى بقوليات، وعادت مظاهر سوء التغذية تسود شوارع شمال غزة بشكل واضح وجليّ.

حالة صعبة ومجاعة حقيقية

في ظهوره المتكرّر على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، يحرص الصحفي محمود العامودي على تصوير الحالة التي وصل إليها شمال القطاع، حيث تقطن عائلته.

وظهر العامودي الجمعة الماضية في أحد المقاطع، وأمامه صحن من الزعتر والفلفل الأحمر، وعلبة لحم “لانشون” صغيرة، وقال إنّها غذاء الجمعة له ولعائلته، مؤكداً أن سُفرته هذه هي “سُفرة طويلة وعريضة”، مقارنة بحال غالبية السكان شمال قطاع غزة.

Thousands of families in #Gaza are once again looking for food and shelter.

So far this month, WFP has provided food to 1 million people, but with reduced rations. Access remains extremely limited.

We must ensure assistance reaches people in need, everywhere they are. pic.twitter.com/LGdg3iw4bO

— World Food Programme (@WFP) May 24, 2024

وأكد العامودي في المقطع أنّ شمال غزة لم يدخله أي نوع من المواد الغذائية منذ فترة طويلة، وخاصة الخضار واللحوم والفواكه، مؤكداً أنّ أهل شمال غزة صابرون محتسبون، وراضون بقضاء الله، وفق تعبيره.

وفي مقطع آخر، ظهر العامودي وهو يحمل معجنات مخبوزة من الطحين و”محشوة بالحشائش”، وقال إنّ طعمها مُرّ، لكنها أفضل من أن يأكل وعائلته معجنات من الطحين وحده.

والمتجول في أسواق غزة والشمال، يقف حائراً حول ما يمكنه أن يصنع إزاء الحالة الصعبة التي تعيشها الأسواق، فالبسطات فارغة، وغالبية المحال مغلقة، والكل يبحث عما يسدّ به رمق عائلته التي تنتظر عودته على أحرّ من الجمر.

“أحمد” أبٌ لأربعة أطفال، ويعيش مع أمّه وأبيه كبار السنّ، في منطقة أبو إسكندر شمال مدينة غزة، يؤكد لمراسل المركز الفلسطيني للإعلام أنّه لم يبق لدى عائلته سوى الطحين.

جيش الاحتلال النازي “الإسرائيلي” يقتل ثلاثة طباخين مهمتهم طهي الطعام لآلاف النازحين المدنيين، ويحول أجسادهم إلى أشلاء، والشهداء هم:
1. الشهيد/ طارق زكي درويش
2. الشهيد/ حمزة زكي درويش
3. الشهيد/ عبد الرحمن عبد الكريم درويش pic.twitter.com/ataxZ51bGz

— إسماعيل الثوابتة #غزة (@ismailalthwabta) May 31, 2024

وبيّن أنهم منذ فترة طويلة لم يجدوا ما يغمّسون به لقيماتهم، وقال: “بعد انتعاشة بسيطة عاشتها أسواق غزة والشمال، عادت الأمور أصعب وأقسى، ولم نعد نجد ما نأكله، لتتكرر مأساتنا من جديد”.

وعانى أهالي محافظتي غزة والشمال، خلال الشهور الماضية، من مجاعة حقيقية في ظل منع الاحتلال إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، وهو ما تسبب في وفاة عدد من الأطفال وكبار السن.

تحذيرات ومناشدات

ويوم الأربعاء المنصرم، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إنّ دخول المساعدات إلى قطاع غزة انخفض بنسبة 67% منذ إغلاق الاحتلال معبر رفح في السابع من أيار/ مايو الجاري.

وفي ذات اليوم، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” أنها ستزيل مؤقتاً الرصيف البحري الذي أنشأته قواتها حديثاً قبالة ساحل غزة لإيصال مساعدات إنسانية إلى القطاع؛ بهدف إصلاحه، بعد انفصال أحد أجزاء هيكله جراء تعرضه لأمواج هائجة.

وقبل نحو أسبوع، حذّر مسؤولو إغاثة وخبراء صحة، من “مجاعة في قطاع غزة خلال مايو/ أيار الجاري، ما لم ترفع إسرائيل القيود عن المساعدات، ويتوقف القتال، وتعود الخدمات الحيوية”، وفق ما نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

وحسب الصحيفة ذاتها، قال المسؤولون إنّ “المجاعة في غزة متوقعة ما لم تعد الخدمات الحيوية، مثل الرعاية الصحية والمياه النظيفة التي يجب أن تكون موجودة لدرء سوء التغذية”.

وأوضحوا أنّ “الجوع يتفاقم في غزة مع تواصل الهجوم الإسرائيلي على رفح”، المدينة الواقعة أقصى جنوب القطاع.

وقال جانتي سويريبتو، الرئيس والمدير التنفيذي لمنظمة “أنقذوا الأطفال” الأمريكية: “لم نشهد شيئاً كهذا (الوضع في القطاع) من قبل في أي مكان في العالم”، حسب الصحيفة.

من جهته حذّر المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، من عودة المجاعة لمدينة غزة وشمالي القطاع نتيجة إغلاق الاحتلال للمعابر، ومنعه دخول المساعدات الإنسانية.

وقال المكتب الإعلامي في بيان: “تتعمّق الأزمة الإنسانية داخل قطاع غزة، مع استمرار احتلال معبر رفح وإغلاقه أمام دخول شاحنات المساعدات، وإعاقة دخولها من معبر كرم أبو سالم، حيث تُطبِق إسرائيل بذلك حصارها على قطاع غزة بالكامل”.

وأضاف: “بذلك يعود شبح المجاعة ليتهدد من جديد محافظتي غزة والشمال، وتتفاقم أزمة الأمن الغذائي في محافظات الوسط والجنوب، خاصة مع نزوح عشرات آلاف المواطنين من مدينة رفح جراء عملية الاجتياح التي يقوم بها جيش الاحتلال”.

وتابع الإعلامي الحكومي: “نؤكد ضعف جهود إغاثة شعبنا وبقائها دون الحد الأدنى المطلوب أمام الكارثة الإنسانية التي تعصف به”.

وذكر أن “ما دخل من شاحنات عبر الرصيف البحري الأمريكي منذ بداية عمله، لم يتجاوز 100 شاحنة”.

فيما “دخل محافظتي غزة والشمال الأسبوع الماضي من نقطة أنشأها الجيش الإسرائيلي غرب بيت لاهيا 214 شاحنة، منها 109 محملة بالطحين للمخابز والمواطنين، و6 شاحنات أدوية فقط”، وفق المكتب الإعلامي الحكومي.

وطالب المكتب بانسحاب قوات الاحتلال من معبر رفح، مشيراً إلى أن المعابر البرية “هي الأكثر جدوى وفاعلية لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة، والحد من أزمة الأمن الغذائي ومنع المجاعة التي تهدد كافة مناطق القطاع”.

وخلّفت الحرب على غزة أكثر من 116 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

وتواصل إسرائيل الحرب رغم اعتزام المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الجيش الصهيوني يوآف غالانت لمسؤوليتهما عن “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية”، ورغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فوراً.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة