المقاطعة مقاومة اقتصادية مفيدة بلا سلبيات عكس ما يروج الانهزاميون وأصحاب المصالح

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

مع تواصل جرائم الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، بما فيها الحرب على غزة، اتخذت الشعوب العربية، موقفاً جمعياً للتضامن، ما بين ذلك التظاهرات، وجمع المساعدات الإغاثية، وحملة لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية والأميركية، كما امتدّت المقاطعة لسلع وخدمات دول أوروبية.

وبهذا المعنى، فهناك مقاطعة مباشرة للمنتج الإسرائيلي، وأخرى غير مباشرة لداعمي الاحتلال، من دول الاتحاد الأوروبي، خصوصاً بريطانيا وفرنسا.

ويرى عصام شعبان، الباحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية بجامعة القاهرة، أن بهذا التحديد الدقيق لدعاوي المقاطعة، فإن الشعوب العربية تضع الصراع مع الاحتلال في سياقه الصحيح، وترفض منظور التجزئة، والفصل بين إسرائيل ومسانديها”.

وقال شعبان إنه “من حيث الأدوات، اتخذت المقاطعة من تطور وسائل الاتصال الاجتماعي، أداة للتعبئة والحشد”، لتجاوز عوائق السلطوية حيث تمنع تقريباً إقامة المؤتمرات الجماهيرية، أو توزيع البوسترات الدعائية والتضامنية.

وتابع أنه “بديلاً عن ذلك، ظهر إبداع متنوّع، بما في ذلك استخدام المقاطع المصوّرة للدعوة للمقاطعة، وبيان فوائدها وآثارها، والتذكير بأن شراء بضائع إسرائيل وداعميها يعني مشاركة في العدوان”.

وشدد على أنه “تعزز رفض الفصل الساذج ما بين الاقتصاد والسياسة، الذي يسوقه الانهزاميون ومجموعات المصالح، بدعاوى الواقعية، وتحقيق فوائد تنموية، وليست بعيدة عنا الدعاية لاتفاقيات التطبيع الإبراهيمية” .

وأضاف “يمكن القول إنها ظاهرة، وبين مضامينها أنها شكل من المقاومة الاقتصادية، وعامل إسناد واصطفاف مع الشعب الفلسطيني في صموده البطولي وإيماناً بعدالة قضيته”.

وأكد شعبان أن”المقاطعة أيضاً أحد أشكال مناهضة دولة الاحتلال المرتبطة بمشروع الهيمنة الرأسمالية ووليدته، انتقالاً من بريطانيا إلى رعاية أميركية كاملة، خاصة بعد اتفاق التعاون الاستراتيجي الأميركي – الإسرائيلي 1983″.

وحول زعم أن ثمة نتائج سلبية للمقاطعة على العمالة والإنتاج، قال شعبان: “ذلك مردود عليهم، فالسوق ليس مرهوناً بالهيمنة الأميركية والأوروبية، على الأقل في كثير من السلع التي لها بدائل، ويمكن أن تدعم المقاطعة فرص الإنتاج المحلي، وتوسيع أعمال شركات مصرية شهدت منتجاتها إقبالاً ملحوظاً كبديل لسلع أميركية وأوروبية وتوفير بعض النقد الأجنبي”.

وأشار أنه إلى “جانب مقاطعة عربية، هناك تحركات عالمية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وبين أمثلة على ذلك، إعلان جماعة تسمي نفسها اليهودية التوراتية (غير الصهيونية) مقاطعة سلسلة مطاعم ماكدونالدز”.

وشدد على أن “المقاطعة أزعجت إسرائيل وحلفاءها، الذين حاولوا التضييق عليها بدعوى معاداة السامية، وهذا ما يؤكد المضامين السياسية للمقاطعة وقدراتها على صياغة موقف من دولة الاحتلال ونشره عالمياً”.

وختم بقوله “تبدو المقاطعة هذه المرة أكثر قوة، وبذلك فهي تتجاوز مقولات المنهزمين من مدعي الحكمة الذين يثبتون البوصلة على أشكال المقاومة كافة للهيمنة الأميركية والتي تعد إسرائيل إحدى ركائزها في الشرق الأوسط”.

ومن جهتها، ترى الكاتبة والمترجمة سامية علي، أن للمقاطعة كحالة نفسية جمعيَّة جذورٌ في تراثنا العربي والإسلامي، كما ورد من شكوى الناس لإبراهيم بن أدهم غلاء أسعار اللحم عند الجزّارين، لم يأمر الجزّارين أن يخفضوا سعر اللحم، بل قال للناس أرخصوه أنتم (أي اتركوه لهم) فقالوا: نحن لا نملكه حتى نرخصه؟ وكيف نرخصه وهو ليس في أيدينا؟ قال: اتركوه لهم.

وأضافت علي أنها بهذا الشكل “تتكلم العبقرية عندما يكون هناك إرادة التغيير وإرادة الغيرة على الأوطان والحقوق، نعم، بالمقاطعة والاعتماد الكُلي على السلع المحليَّة، وليس بسلع من يدعم ويؤازر عدوًا لنا، ويريد بيعها في بلادنا، وهذا هو أضعف الإيمان لمن لا يقوى قلبه، ولا تتحمله ظروفه إلى فعل ما هو أكبر من ذلك”.

 

المحتوى ذو الصلة