بعد 4 أسابيع من الحرب.. نزوح وهجرة إسرائيلية معاكسة بمئات الآلاف

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

ما زالت تبعات صدمة عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وما أحدثته من حالة هلع وانكسار هيبة أسطورة “الجيش الذي لا يقهر”، تجتاح الكيان ومستوطنيه، وعلى كافة المستويات.

وكان من المستبعد لدى كيان أقيم على تهجير السكان الأصليين، وإحلال مهاجرين “مستوطنين” محتلين مكانهم، أن تطرح بقوة مسألة الهجرة العكسية، والعودة إلى حيث أتوا قبل الاحتلال.

واقع جديد فرضته المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام، زعزع مكانة جيش الاحتلال، وفرض تصورا جديدًا أتثبته الأرقام، لمغادرة ونزوح مئات آلاف الصهاينة المحتلين، بعدما ارتبط وصف “النزوح” بالفلسطينيين على مدار 7 عقود مضت.

230 ألف مغادر بأربعة أسابيع

واستعرض تقرير لصحيفة “دي ماركر”، لأول مرة ظاهرة “الهجرة من إسرائيل” وفرار 230 ألف مستوطن، خوفًا من تبعات الحرب في غزة، بعد أسبوعها الرابع، وتخوفًا من مواجهات الضفة، والتوتر على الجبهة الشمالية مع لبنان.

وجاءت نتائج “الفرار من تبعات الحرب” في ظل انخفاض وتيرة هجرة اليهود إلى فلسطين “بشكل حاد” أساسًا، في النصف الأول من عام 2022، بحسب بيانات وزارة الهجرة واستيعاب القادمين الجدد الإسرائيلية والوكالة اليهودية، وتراجع نسبة استقدام اليهود بنحو 20 بالمئة من أوروبا وأمريكا.

وكانت نقلت صحيفة “هآرتس” عن مركز الإحصاء الإسرائيلي قوله إن “عدد اليهود الذين غادروا إسرائيل عام 2015 (أي بعد معركة العصف المأكول) بلغ ما يناهز 17 ألف مستوطن”.

بينما ذكرت تقديرات إحصائية إسرائيلية أخرى، لنفس المركز، أن “نحو 800 ألف مستوطن ممن يقيمون بصورة دائمة تقريبا في دول عدة، لا يرغبون بالعودة إلى إسرائيل”.

وأفادت صحيفة “معاريف”، أن أكثر من 756 ألف يهودي غادروا إسرائيل حتى عام 2020، للعيش في بلدان أخرى، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية، والشعور بعدم المساواة، والإحباط من تعثر مسار السلام، والتخوف من تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية، وهذا قبل المعركة الأخيرة “طوفان الأقصى”.

وتعني هذه الأرقام، أن نسب النزوح والهجرة العكسية ستزاد وتضاعف تباعا في المرحلو المقبلة، لقناعات كثيرة أصبحت رسخت عند المحتلين أن لا أمان عليهم على هذه الأرض التي أخذوها عنوة من أصحابها.

نزوح كبير لا يُتحدث عنه

وبعد مرور 10 أيام على انطلاق طوفان الأقصى، اعترف المتحدث باسم جيش الاحتلال، خلال مؤتمر صحفي أن “نحو نصف مليون إسرائيلي نزحوا داخليًا”.

وتوالت التصريحات حول إخلاء كل المستوطنات الواقعة حول قطاع غزة من سكّانها، كما أُخليت أكثر من 20 مستوطنة في شمال فلسطين المحتلة، قرب الحدود اللبنانية، وفق كونريكوس، الذي أقر أن “هذا نزوح سكّاني كبير في إسرائيل ولا يُتحدَّث عنه كثيرًا”.

وفي ذات السياق، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، عن رئيس اتحاد الفنادق الإسرائيلية، أن نصف غرف الفنادق الإسرائيلية تستخدم لإيواء العائلات التي “أُجلِيَت” من المستوطنات القريبة من قطاع غزة.

عوامل أخرى للهجرة المعاكسة قبل الحرب

وأرجع البروفيسور يوفال هراري، المحاضر في كلية التاريخ بالجامعة العبرية، تصاعد ظاهرة الهجرة اليهودية العكسية، إلى “تنامي نفوذ التيار الديني اليميني المتطرف في المجتمع الإسرائيلي، وتغلغله في الوزارات الحكومية، وسيطرته على مقاليد الحكم”.

بينما يرى المتحدث باسم “كتلة السلام الآن” آدم كلير، أن “تنامي هذه الظاهرة مؤخرا، تعود للصراعات الداخلية بين اليهود حول هوية إسرائيل، وكذلك لتعزيز المخاوف والشعور بعدم الأمان مع احتدام الصراع مع الفلسطينيين وانسداد الأفق لأي تسوية سياسية مستقبلية”، بحسب حديث سابق للجزيرة نت.

حملة “لنغادر البلاد معا”

وفي أتون الحرب الدائرة بعد السابع من أكتوبر، تجددت حملة تحت اسم “لنغادر البلاد معا” تدعو عبر شبكات التواصل الاجتماعي عائلات المستوطنين للبحث عن وجهة حول العالم، للإقامة المؤقتة أو الاستقرار، مع توفير فرص عمل والاستثمار بمشروعات تجارية.

شاهد | نغادر البلاد معا.. حملة رقمية تدعو لمغادرة الكيان الصهيوني بعد معركة طوفان الأقصى#GazaHolocaust #هولوكوست_غزه pic.twitter.com/jbUeIXgHf0

— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) November 7, 2023

وضمت الحملة على سبيل المثال مجموعات كبيرة في تطبيق “واتساب” غالبيتهم العظمى من حملة جنسية الاحتلال، وبعضهم من اليهود الموجودين خارج البلاد، ويمكثون في دول مختلفة حول العالم، خاصة في وأميركا وكندا وأوروبا .

وقد وسّعت المجموعة نشاطها مع تصاعد التوتر الأمني، وعدم وجود أفق لانتهاء الحرب، وعرضت مساعدتها على كل من يحمل الجواز الإسرائيلي، وليس على من يمتلك جنسية مزدوجة وبحوزته جواز سفر أجنبي فقط.

ويدير ينيف غورليك، أحد القائمين على الحملة فإنها على منصة “فيسبوك”، انضم إليها نحو 5 آلاف شخص من إسرائيل، وتتمحور استفساراتهم حول المغادرة والسفر للخارج، ولو بشكل مؤقت لحين انتهاء الحرب، ومنهم من يستفسر عن فرص استصدار تأشيرة عمل في الدول الأوروبية.

 

المحتوى ذو الصلة