تل ابيب /PNN / يدفع رئيس حزب الصهيونية الدينية ووزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، منذ توليه منصب وزير في وزارة “الأمن”، قبل 20 شهرا، تغييرات كبيرة على أرض الواقع في الضفة الغربية بعد تسليمه المسؤولية عن “الجانب المدني” والاستيطان.
وفقا للقانون الإسرائيلي، الجيش هو السلطة العليا في الضفة الغربية المحتلة. لكن “الواقع هو أن سيادة إسرائيل في الضفة الغربية او ما يطلقون عليه “يهودا والسامرة تم تسليمها إلى طائفة سياسية مغلقة، متطرفة، وتنصاع لإمرة شخص واحد وتتقدم بموجب خطة خلاصية واحدة. ورئيس الحكومة (بنيامين نتنياهو) يدعم أو لا يعرقل”، وفق المحلل السياسي في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، اليوم الإثنين.
وأضاف برنياع أن سموتريتش طوّق الضفة الغربية بواسطة منصبيه الوزاريين، “والهدف الذي وضعه في ’خطة الحسم’ التي نشرها عام 2017 لم يتغير: جعل السلطة الفلسطينية تنهار، منع إقامة دولة فلسطينية ووضع السبعة ملايين عربي الذين يعيشون بين نهر الأردن والبحر أمام خيار – الموت في المعركة، الهجرة إلى الخارج أو مواطنين من الدرجة الثانية إلى الأبد”.
وكوزير للمالية، سموتريتش يجمد ويؤخر ويمنع تحويل أموال المقاصة التي تجبيها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية من الجمارك والضرائب، كي تسدد رواتب موظفيها وبضمنهم أفراد أجهزتها الأمنية، الذين يتلقون حاليا نصف رواتبهم فقط، حسب برنياع.
وتحول إسرائيل قسما كبيرا من أموال المقاصة إلى إسرائيليين، وخاصة مستوطنين، بموجب “قانون تعويض ضحايا الإرهاب”، الذي سنّه وزير القضاء، ياريف ليفين، ورئيس لجنة القانون والدستور في الكنيست، سيمحا روتمان. كما تخصم إسرائيل قسما من مستحقات المقاصة يوازي الهبات التي تمنحها السلطة إلى عائلات الشهداء والأسرى.
وجمدت الحكومة الإسرائيلية دخول العمال الفلسطينيين من الضفة للعمل في إسرائيل، منذ بداية الحرب على غزة. وأشار برنياع إلى أن الشاباك الذي تخوف من أن الأزمة الاقتصادية ستؤدي إلى تصاعد العمليات المسلحة، أعد خطة لدخول مراقب لقسم من العمال إلى أماكن عمل دائمة.
وأضاف أن “الجيش الإسرائيلي أيد هذه الخطة، لكن سموتريتش وزملاءه مارسوا ضغوطا أدت إلى رفض خطة الشاباك، ولم يتبق للسكان الفلسطينيين سوى الاعتماد على مساعدات خارجية، بينها أموال تهربها إيران إلى حماس والجهاد الإسلامي”.
ولفت برنياع إلى أن سموتريتش أقام “إمبراطورية خاصة به” في مكتبه في مقر وزارة الأمن والجيش الإسرائيلي في تل أبيب، “والمنفذ هو المستوطن المتطرف هيلل روت، وهذا تعيين سياسي من جانب سموتريتش، في منصب ’نائب رئيس الإدارة المدنية للشؤون المدنية’، ومن الناحية الفعلية هذا منصب حاكم الضفة في جميع النواحي”.
ونقل برنياع عن بروفيسور دان تيرنر، وهو مستوطن في مستوطنة “كفار أدوميم” على طريق القدس – أريحا، قوله إن “الحكومة منحت سموتريتش صلاحيات مطلقة تسمح له أن ينفذ بسرعة الانقلاب الذي خطط له في الضفة، وهو ضم فعلي للمناطق C وتهجير الفلسطينيين منها، وهو يقول هذه الأمور علنا”.
وأضاف تيرنر أن “هذا يعني أن كافة صلاحيات رئيس الإدارة المدنية مُنحت إلى هيلل روت، الذي يخضع لمديرية الاستيطان، وهذه هيئة سياسية في وزارة سموتريتش في وزارة الأمن. وإشغال وظائف رؤساء الأقسام في الإدارة المدنية، بتعيين ناشطين في حزب الصهيونية الدينية فيها، وهكذا تم مؤخرا تعيين مهندس من مستوطنة ’ريفافا’ في منصب مدير مكتب التخطيط في الإدارة المدنية، وهو السلطة الأعلى في مجال التخطيط والبناء” في الضفة.
وأشار تيرنر أنه جرى تسريح “المستشار القضائي ل”يهودا والسامرة”، الذي يتبع للنيابة العامة العسكرية وتم إغلاق دائرته، “وعيّن سموتريتش أكثر من 20 محاميا، وبين مهامهم إخراج الضم الفعلي وتهويد المنطقة إلى حيز التنفيذ، وهم يغيرون الأنظمة بسرعة بهدف السماح بتطوير المنطقة لليهود فقط”.
وتابع تيرنر أن “كافة الأمور يديرها مسؤولون مدنيون، سياسيون. وجعل الخدمات مدنية هو أحد وسائل سموتريتش وعناصره من أجل التحرر من سيطرة الجيش والسعي إلى ضم فعلي. وخلال السنة ونصف السنة الأخيرة يوجد صفر تخطيط لـ300 ألف فلسطيني يسكنون في المنطقة C وصفر تصاريح بناء. وفي موازاة ذلك عمليات الهدم تجري كأمر اعتيادي، وبضمنها هدم آبار مياه ومدارس. والإنفاذ متسارع وانتقائي”.
وأكد أن “الاتجاه معاكس في المستوطنات، والإعلان عن أراضي دولة تضاعف أربع مرات، وتصاريح البناء تضاعفت أربع مرات، إضافة إلى إقامة البؤر الاستيطانية العشوائية بدون تصاريح. ويوجد أكثر من 100 مزرعة وبؤرة استيطانية عشوائية صغيرة داخل مراعي الفلسطينيين. ولا يتم إنفاذ البناء غير المرخص لدى اليهود، بتشجيع من سموتريتش. ويوجد في الإدارة المدنية حاليا حظر كامل على إنفاذ القانون ضد مخالفي قوانين البناء”.
وأضاف تيرنر أن شرطة “يهودا والسامرة” تتصرف وفقا لسياسة بن غفير. وهي تمتنع عن إيقاف العنف والإرهاب اليهودي. وإذا اعتقل مستوطن يسرح على الفور. وهذا ضم فعلي – تمدين الخدمات تحت سيطرة حزب مع حقوق مدنية لليهود فقط. والأمر المؤكد هو أن هذا لن يساعدنا في المداولات ضدنا في لاهاي”.
بدوره، أفاد برنياع بأنه سمع أقوالا مشابهة من مسؤولين أمنيين إسرائيليين، “وتخوفهم هو من تأثير الإجراءات الكهانية (نسبة للحاخام الفاشي مئير كهانا الذي بين أتباعه سموتريتش وبن غفير) في الضفة على تصاعد الإرهاب (أي مقاومة الاحتلال)، ومن قرار حكم متشدد يصدر عن محكمتي لاهاي”.
وخلص برنياع إلى أنه “ليس مؤكدا أي لجنة تحقيق في إخفاقات 7 أكتوبر تقلق القضاة في لاهاي، لكن ما يبدو أنه أبارتهايد، سلب وضم في الضفة، يهمهم جدا. وهذا يبدو كذريعة مريحة لفرض أوامر اعتقال على وزراء في الحكومة الحالية، وربما على رئيس الحكومة أيضا. والإدارة الأميركية قلقة حيال التغييرات في الضفة ليس أقل من قلقها حيال الجمود في غزة. وما يحدث في الضفة لا يبقى في الضفة”.