تقييم الإعلام الغربي لخطاب نتنياهو في الكونجرس الأمريكي

[[{“value”:”

ما أن انتهى نتنياهو من خطابه في الكونجرس الأمريكي، حتى شرعت في قراءة اهم الصحف الغربية لرصد كيفية التعاطي مع هذا الخطاب، وحاولت أن اركز على النقاط المشتركة التي ركزت عليها هذه الصحف في تقييم هذا الخطاب، وشملت قراءتي صحفا أمريكية وأوروبية متنوعة الى جانب بعض تقارير مراكز دراسات أو تعليقات بعض المواقع الالكترونية المعروفة…الخ.

وترافق الخطاب مع ظاهرتين جدير التذكير بهما، أولهما ان نصف الديمقراطيين تقريبا من أعضاء الكونجرس لم يحضروا، ومنهم من وصف نتنياهو بمجرم الحرب الكذاب (العضو عن الحزب الديمقراطي سوندرز )، وثانيهما المظاهرات التي رافقت الخطاب خارج مبنى الكونجرس ومن ضمن المشاركين فيها عدد من اليهود المتدينين ..

تقييم الخطاب:
ركزت صحيفة نيويورك تايمز على نقطة محددة وهي ان المؤشرات التي عرضها نتنياهو عن نسبة القتلى المدنيين الى العسكريين او عن حجم المساعدات التي تدخل الى قطاع غزة او عن مستويات العنف وحجم التدمير تتناقض بشكل صارخ مع تقارير المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية ، بل تقارن الصحيفة بين الحرب الروسية في أوكرانيا وبين حرب غزة لتشير الى معطيات لا تتفق مع ما قاله نتنياهو، بل وتصف ما ذكره بأنه ” تبسيطي” الى حد بعيد، اما صحيفة الغارديان البريطانية فقد قارنت بين ما قاله نتنياهو وبين تقارير المنظمات الدولية في الموضوعات التالية:

أ‌- المساعدات الغذائية : اشارت الصحيفة الى تقارير المنظمات الدولية ( أوكسفام ووكالة الغوث وغيرها) الى تباين كبير بين ما قاله نتنياهو وبين تقارير هذه المنظمات المحايدة.

ب‌- حماية المدنيين: ادعى نتنياهو ان طائراته اسقطت ملايين المنشورات التي تدعو المدنيين للابتعاد عن مناطق معينة، لكن الصحيفة تعيد التذكير ببيانات لجان وهيئات الامم المتحدة عن أن 80% من سكان غزة تم ترحيلهم بالقوة، وان بعضهم تم ترحيله عشر مرات ، كما ان ضرب الاماكن التي طلبت إسرائيل من المدنيين التوجه لها تم قصفها بالطيران والمدفعية وبشكل متواصل، كما ان عدد الضحايا المدنيين الى العسكريين لا يتفق مع تقديرات نتنياهو نهائيا..

ت‌- أشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو لم يتحدث عن “حل او كيفية تحرير الاسرى الإسرائيليين”، وبقي يكرر موقفه بهزيمة حماس ونزع سلاحها ، وهو امر –كما تقول الصحيفة- يتناقض مع نتائج استطلاعات الرأي الاسرائيلي حول موضوع الرهائن، فاكثر من ثلثي الإسرائيليين يرون ان موضوع الرهائن اهم من مطالب نتنياهو.

ويستعرض مركز “اتلانتيك كوانسل (Atlantic Council) اراء ستة خبراء تابعوا خطاب نتنياهو ، ويرى هؤلاء ان الخطاب سعى لاسترضاء طرفي التنافس في الانتخابات الرئاسية الامريكية لكنه عمق الخلافات داخل الحزب الديمقراطي بخاصة في الموقف من سياسات نتنياهو (وهو ما تبنته صحيفة فورين بولسي)، ورأى بعضهم ان العلاقات الإيرانية الخليجية لا تسير وفق التوجه الذي روج له نتنياهو عبر الدعوة لحلف ابراهيمي( وهو ما اشارت له وكالة رويترز)، بينما رأى خبير آخر أن اجتماعات نتنياهو مع المسؤولين الأمريكيين هي الأهم من خطابه، كما ان خطابه لم يغير في مواقف الديمقراطيين الذين قاطعوا خطابه، ناهيك عن فشل نتنياهو في تبرير الأرقام الكبيرة للضحايا المدنيين في قطاع غزة.

ويرى أحد هؤلاء الخبراء ان العالم يسعى لمنع اتساع الصراع ،لكن نتنياهو المح الى احتمال الهجوم على جنوب لبنان، وهو ما يعاكس التوجه الدولي. واستعرض احد الخبراء فكرة تستحق التنويه، وهي ان نتنياهو يريد ابعاد حماس عن الحكم في غزة، ونزع سلاحها، ولكن حزب الله –الذي يراه نتنياهو خطرا وجوديا- لا يحكم في لبنان ، ونمت قوته العسكرية تحت نظر الحكومة اللبنانية.. وأشار خبير آخر الى ان نتنياهو حاول تقديم نفسه كقائد يلتحم معه شعبه لكنه في الحقيق ترك خلفه مجتمعا تنهشه الانقسامات بين شرائح المجتمع وبين العسكريين والسياسيين وداخل من هذه الأطراف ذاتها.

وتشير وكالة رويترز الى ان المجتمع الدولي اصبح اكثر اقتناعا بفكرة إقامة دولة فلسطينية، لكن نتنياهو لم يشر الى هذا الموضوع نهائيا، بل لم يقدم أي حل لموضوع القضية الفلسطينية، وهو امر مثير للاستغراب، فهو لا يريد دولة فلسطينية ولا يقدم أي حل كبديل لهذا .

الخلاصة:
في الوقت الذي حاول نتنياهو ان يقدم نفسه ” كحضاري يدافع عن الحضارة في وجه الهمجية” فان هناك الفان ومائتا مظاهرة شهريا في العالم ضده وبخاصة في الجامعات، فهل جامعات هارفارد او كولومبيا او اكسفورد او السوربون يعبرون عن ” الهمج”، وفي الوقت الذي يدعي ان عدو إسرائيل هو عدو الولايات المتحدة، فلماذا يعاديه 50% من أعضاء الحزب الديمقراطي الحاكم في الولايات المتحدة، فهل النائب الديمقراطي سوندرز مثلا هو من ضمن “الهمج”؟

وهل نتنياهو هو الحضاري في الوقت الذي تطالب فيه المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض عليه، وتعتبر محكمة العدل الدولية –اعلى هيئة قضائية في العالم- وجوده في الأراضي المحتلة “غير شرعي ” ونظامه يقوم على التمييز العنصري، وهل ينفرد نتنياهو بتقاريره المزورة عن الضحايا المدنيين وحجم المساعدات والتهجير “بالحس الحضاري” بينما مئات التقارير الصادرة عن المنظمات الدولية المتخصصة هي تعبير عن ” الهمج”…

أزعم ان نتنياهو زاد صورته قتامة مهما حاول غير ذلك، وأتمنى أن يستمر في الحكم لأنه وبدون انفعال ” أغبى رئيس وزراء عرفته إسرائيل” من حيث القدرة على الإدارة الفعالة لكسب الأصدقاء الدوليين.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة