“حلل يا دويري”.. رسائل في اتجاهات متعددة

عبارة ينطق بها مقاوم قسّامي في الميدان، تتصدّر مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها رغم بساطتها، وكلماتها الثلاث: “حلل يا دويري”، حملت العديد من المعاني والرسائل.

فالدويري هو الشخص الثاني الذي يُذكر اسمه خلال تنفيذ عملية في معارك غزة الأخيرة، بعد أبو حسين فرحات، الذي أشيع أنه استُشهد. أي إنه تم رفع مقام ومكانة محلل عسكري، تحوّل إلى إعلامي بارز، إلى مقام الشهداء، وهذا شأن عظيم، يدلل على الدور والتأثير الذي تركه الرجل في الإعلام والميدان على حد سواء.

ويشير هذا الحدث إلى أن الذي يخطو باتجاه المقاومة، يرتفع ذكره، مهما كانت جنسيته، وسيذكره المجاهدون حتى وهم في أحلك الظروف، كأنهم يبعثون بدعوة إلى الله أن يشاركهم في أجرههم بتلك المعارك الفاصلة، وقد أبلى على جبهة الإعلام. وبالمقابل فإن من يخذل المقاومة وأهل غزة فهو شريك في الجريمة. وبالمناسبة فإن المحكمة الدولية الخاصة برواندا أقرت محاكمة إعلاميين واعتبرتهم شركاء في المذابح، نتيجة ما تفوّهوا به قبل المذابح وخلالها. وهذا يعكس دور الإعلام، حتى في القانون الدولي الجنائي.

“حلل يا دويري”، رسالة وفاء من كتائب القسام إلى كل فرد ناصرها بالكلام أو بدعاء أو غيره، لتقول إنها لا يمكن أن تنسى تلك المواقف التي حفرت عميقاً في وجدانها. القسام التي اعتادت خصلة الوفاء، فسمّت الصواريخ والأسلحة بأسماء الشهداء. وكان لغير الفلسطينيين نصيبهم الكبير من هذه التسميات، فطائرات الزواري احتلت دوراً كبيراً في 7 أكتوبر وما بعده، لتثبت أن هذا الشهيد التونسي ما زال فعله وذكره سارياً في المقاومة. بل إن حركة (حماس) بعد سنوات من انطلاق عملها المسلح، اختارت اسم الشيخ السوري، ابن جبلة، عز الدين القسام، تسمية لجناحها العسكري.

إنه الوفاء، الذي يقودنا إلى رسالة أخرى، بأن كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية، يرون أن للأمّة دوراً موازياً في معركة رد العدوان، وفي معارك تحرير فلسطين. فكما لم يفرق القسام بين سوريا وفلسطين، وكما يرى الدويري الأردن وفلسطين يسكنهما شعب واحد، كذلك هي حقيقة المعركة كما تراها كتائب القسام؛ معركة الأمّة، ومعركة الإنسان أينما كان.

تخبرنا العبارة “حلل يا دويري”، أن للكلمة ثقلها على معنويات المقاومين، فلا نبخل بكلمة، أو بموقف، لأن حديث الخذلان و”يا وحدنا” له تأثير سلبي، أما الكلمة الطيبة، فتحدّث المقاومين بأن ما يفعلونه يصنع المستقبل، ويطرد اليأس بعيداً، ويعيد تصحيح التاريخ، وإن عجزنا اليوم عن القتال، فإن الظروف لن تبقى كما هي، وإن من يناصركم اليوم بالكلمات والغضب، سيكون معكم غداً في الميدان.

هي رسالة أيضاً بأن المقاومة ليست معزولة عن العالم الخارجي، وتتابع وسائل الإعلام بشكل دقيق، وتبني استراتيجيتها وتكتيكاتها على جملة من المعطيات، وهذه رسالة مبشّرة. “حلل يا دويري”، احتفى بها الناس، وكأنها قصيدة، لا كلمات ثلاث، فالمعنى اخترق الوجدان، واستقر في عقل وقلب السامع، كما بدا من ردود الفعل.

 

المحتوى ذو الصلة