حين يصبح الصمت الرسمي العربي وعداؤه للمقاومة أكبر هديةٍ للكيان الصهيوني

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

بعد أكثر من عامٍ على تواصل الحرب الصهيونية الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني وسعيها المحموم لإزالة خريطة قطاع غزة من الجغرافيا كلها وفرض واقعٍ جديدٍ، تمدد سريعاً شراره المحرق نحو لبنان، ليكشف حقيقة المشاريع الصهيونية في تغيير وجه المنطقة بأكملها بمباركة غربيةٍ أمريكيةٍ، يظلّ الصمت الرسميّ العربي على هذه المجازر والمؤامرة واضحة المعالم هو السؤال المحوريّ والعلامة الفارقة تجاه كلّ ما يجري، فلماذا هذا الصمت المقيم كصمت أصحاب القبور؟

لا يتردد المراقبون لمجريات الأحداث بالتأشير على صمت النظام الرسميّ العربيّ بأنه جزء لا يتجزأ من المشاركة في الجريمة – وإن كان بصمت- لكنّ التساؤلات تحول حول أسباب تآمر العرب على أنفسهم وتقديمهم أكبر هدية للعدوّ بترك نتنياهو وحكومته النازية يستفردون بأهل فلسطين ولبنان ومقاومتها الباسلة، لقتلها ووأدها وتحقيق المشاريع الصهيو-أمريكية التي باتت تهدد كل الأقطار العربية ودول المنطقة بلا استثناء.

ويرون أنّ أغلب الأنظمة التي تقود العالم العربي والإسلامي اليوم شريكة في نحرِ فلسطين والمقاومة من الوريد إلى الوريد لانشغالها بموازين القوى وتعارض المصالح، والخوف من قوى المقاومة، فيما “تتراكم الشواهد والأدلة يوماً بعد يوم أنّ العداء الرسمي العربي للمقاومة، مبدأً وحقًّا، لا يقلّ عن عداء إسرائيل لها.

وفي هذا السياق يقول أستاذ الشريعة الإسلامية الدكتور أحمد الشحروري – في تصريحاته للمركز الفلسطيني للإعلام: إنّ رسائل عديدة تصلنا من شمال غزة حيث الموت والدمار، وحيث التهجير والتخطيط للإحلال، واستغاثات سكان الشمال أصبحت تعلو على دويّ المدافع وأصوات الصواريخ، والنظام العالمي متآمر، يشترك في تدمير غزة.

ويتساءل الشحروري: تُرى كيف يمكن أن يُثْنى العدوّ الصهيونيّ عن هذه الحملة المسعورة التي يتّبع فيها سياسة الأرض المحروقة لتنفيذ مخططه؟ هل سيوقفه تصريح صحفي لمسؤول عربي غيور؟ هل سترهبه وقفاتنا التي هي إعلان حقيقي عن عجزنا عن الحركة على الأرض؟

ويشدد على أن حصار آلاف من الناس في مخيم ضيق بلا أدنى مقومات حياة ولا حرية بات يعرّي العرب والمسلمين ويحوّل عجزهم المزعوم إلى تآمر على أرواح المحاصَرين وهو – لو عقِلنا- حصار يضربه المتخاذلون حول ديارهم لأن ما بعد غزة في وجدان الصهاينة هو عمان والقاهرة ودمشق وبغداد والرياض ما بعد غزة سيكون بناء مملكة اليهود الموعودة في التوراة .

ويستدك الشحروري بأنّه لا بد من سؤال مفصلي هنا: هل حقّا لا تستطيع الدول العربية أن تدافع عن غزة وتوقف المجزرة الكبرى الفعالة التي لا تتوقف سكاكينها منذ عام؟ ممّ يخافون؟ وممن يخافون؟ والجواب الحقيقي المؤلم أنهم يخافون المقاومة لا أعداءها فهم يتصورون أن انتصار المقاومة في الميدان سيمنحها قوة تتطاول بها على أمن الدول واستقرارها.

 ويلفت إلى أنّ هذا الخوف تدفعه وتنفي دواعيه حقيقتان: الأولى أنه لم يُكتَب في سيرة المقاومة سطر واحد فيه اعتداء على غير المحتل للأرض بل على العكس فإن المقاومة في ذاتها هي دفاع عن الأمة كلها حين تقلّم أظافر المحتلّ وتمنعه من العدوان والتمدّد إلى خارج الأرض المحتلة عسكريا.

والحقيقة الثانية وفقًا للشحروري: أن دولنا العربية والإسلامية تعلم أن عين “إسرائيل” على العرب هي عين إستراتيجية وأن القضية قضية وقت ولو عقلنا لفعلنا بالصهاينة ما تفعل أمريكا بروسيا إذ جعلت لها وكيلا لإنهاك الروس هو أوكرانيا فأمدّتها بالسلاح الفتاك وبالمال والخبراء العسكريين فأوكرانيا تخوض حرب إنهاك واستنزاف لقوة روسيا تشغلها عما يقلق أمريكا منها ولو فعل العرب مع المقاومة الفلسطينية ما فعلت أمريكا مع أوكرانيا لطالهم من ذلك الخير الكثير .

ويختم حديثه برسالة مفادها: عفوا مخيم جباليا عفوا شمال غزة لقد انشغلنا عنكم بالجدل بالمقالات والخطب والوقفات عفوا غزة فكل الأنظمة الصامتة والمتآمرة شريكة في نحرِك من الوريد إلى الوريد لانشغالها بموازين القوى وتعارض المصالح وأنتِ وحدك في الميدان يا غزة حتى لا يُكتَب شرف النصر حين يتنزّل إلا لمقاوم صادق تحمّل الجوع والعطش والبطش وعزاؤه أنه يقوم بواجبه وأنه لن ينعم متخاذل بأمن ولا طمأنينة ولا استقرار ما دام معول الغدر يعمل في السرّ والعلن لتحقيق أهداف الصهيونية وحلفائها في المنطقة والله من ورائهم محيط.

من جانبه يرى الكاتب والمحلل السياسي وائل قنديل أنّ العدو الصهيوني يمضي في سلخ مساحاتٍ من غزّة ولبنان في عملية توسعة لمساحته وفرضها واقعاً ديموغرافيّاً جديداً، من دون أيّة معارضة من النظام الرسمي العربي، الذي يبدو منسجماً تماماً مع الرغبة الإسرائيلية الأميركية في إعادة صياغة الشرق، وهنا لا يوجد مسمّى آخر لهذا السكوت العربي سوى أنّه مشاركة صامتة، تتأكّد حين ينصرف الجهد العربي كلّه إلى محاصرة جبهات المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن، اقتصاديًّا وسياسيًّا ومعلوماتيًّا، فضلاً عن حصارها الخانق وعقابها الباطش لكلّ محاولةٍ شعبية للانتفاض والغضب من أجل فلسطين ولبنان.

ويلفت قنديل في مقالة له – رصدها المركز الفلسطيني للإعلام – أنّ هذا الصمت العربي والاكتفاء بالفرجة على تمدّد المشروع الجيوسياسي الإسرائيلي وتقدّمه، هو ثاني أكبر هدية تلقاها الاحتلال منذ 7 أكتوبر (2023)، حين سارعت جلّ العواصم العربية إلى إدانة “طوفان الأقصى” الفلسطيني، امتثالاً لأكاذيب نتنياهو التي فرضها نصّاً ثابتاً في تصريحات الرسميين العرب.

ويقول قنديل: هنا تتراكم الشواهد والأدلة يوماً بعد يوم أنّ العداء الرسمي العربي للمقاومة، مبدأً وحقًّا، لا يقلّ عن عداء إسرائيل لها، ولعلّ هذا يفسّر هذا الالتقاء بين الطرفين على رغبة إحراق التاريخ ودفنه في جغرافيا جديدة تنفرد إسرائيل بوضع خرائطها الآن، في ظلّ اصطفافٍ بينها وبين محور التطبيع العربي ضدّ قيامة التاريخ.

ويستدرك بالقول: أو بتعبير آخر تصحيح التاريخ المكذوب المفروض بقوّة تحالف الاحتلال والاستبداد، الذي يحاول انتزاع الحقيقة من الوعي العربي، والتي تقول إنّ هذا الذي يحدُث يعيد تعريف الكيان الصهيوني على الوجه الصحيح، عصابات احتلال يقودها مجرمون وليس دولة يحكمها سياسيون، هكذا بدأت إسرائيل، وهكذا تحيا، وهكذا سوف تنتهي.

ويختم قنديل بالقول: الشاهد أنّه من الغباء أن يتصوّر أحد أنه يستطيع الهروب من التاريخ بالاختباء في الجغرافيا، أو محاولة صنع جغرافيا جديدة متوهمًا أنها ستصنع واقعًا ومستقبلًا مختلفين.. واسألوا التاريخ.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة