صرخة إلى كل الدنيا.. شمال غزة يُباد

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

منذ 5 أيام يتمترس المواطن محمد الفار (55 عامًا) رفقة عائلته في منزلهم الواقع في قلب معسكر جباليا، ولا يستطيع الخروج منه مطلقًا، بسبب نيران طائرات الكواد كابتر، واستهداف الاحتلال لأي جسم متحرك يحاول الخروج من المخيم.

المواطن محمد الذي استرق بضعة دقائق للحديث إلى مراسلنا عبر الهاتف أكد أنهم يعيشون في إبادة حقيقية، لا ماء ولا طعام، ولا دواء، يقول: نحن نموت في الدقيقة ألف مرة، وكل لحظة تستهدف الطائرات المنازل، والطرقات، هناك شهداء في الشوارع ولا أحد يستطيع الوصول إليهم.

ومضى يقول: “احنا بننباد في شمال قطاع غزة، المناطق محاصرة تمامًا، وأي إنسان يحاول الخروج، يقتل بدم بارد، أين العالم، أين الضمير الإنساني”.

عاجل | الدفاع المدني بغزة:
– الاحتلال يمنع منذ الأحد الماضي دخول الإمدادات الأساسية إلى شمال غزة
– الاحتلال يفرض حصارا مطبقا على شمال القطاع ويعزله عن مدينة غزة بشكل كامل
– الاحتلال دمر البنية التحتية في محافظة شمال غزة ما جعل التنقل أمرا شبه مستحيل pic.twitter.com/nMuOTJBeje

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) October 10, 2024

ولليوم الخامس على التوالي، تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي هجوما بريا واسعا على مناطق بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا، في ظل حصار خانق على سكانها، هو الثالث منذ بدء العدوان على غزة.

ويزداد الوضع سوءا كل دقيقة، حيث تستهدف قوات الاحتلال كل جسم متحرك وتمنع دخول إمدادات المياه والطعام والدواء إلى محافظة الشمال، وسط قصف مدفعي وجوي مكثف.

ونزح المواطن فايز أبو شعيرة من منطقة بئر النعجة وهي منطقة نائية صباح السادس من أكتوبر، تحت القصف إلى قلب معسكر جباليا، ظنًا منه أنه أكثر أمنًا، ليواجه المصير الخانق نفسه في داخل المخيم.

يعيش سكان شمال غزة تحت حصار إسرائيلي كامل من الدبابات والطائرات والمسيرات، من بيت حانون إلى بيت لاهيا إلى مخيم جباليا، وكذلك مدينة جباليا البلد، وسط قصف متواصل بالدبابات والطائرات، وسيطرة جوية بالطائرات المسيرة.

المواطنون في الشمال محاصرون في منازلهم، بلا ماء أو طعام أو دواء،…

— أنس الشريف Anas Al-Sharif (@AnasAlSharif0) October 10, 2024

ويقول أبو شعيرة إن الوضع في شمال غزة قاسٍ للغاية، وإن الموت يلاحق الناس في الشوارع، ومسيرات الكواد كابتر تطلق النار على أي جسم متحرك، إضافة إلى قصف مدفعي وجوي لا يكاد يتوقف في كل مكان، “في كل لحظة هناك شهداء”.

ويضيف “نحن محاصرون في مخيم جباليا ونتضرع إلى الله أن يزيل عنا هذه الغمة، الوضع في الشمال يفوق الوصف: البيوت تُقصف على رؤوس ساكنيها والشهداء (تنتشر جثثهم) بالطرقات وتحت الأنقاض، في ظل الإمكانيات المحدودة لطواقم الإسعاف والدفاع المدني واستهداف جيش الاحتلال لهم بشكل مباشر”.

400 ألف فلسطيني محاصرون في شمال القطاع..
يجبرهم الاحتلال على النزوح مرات ومرات..
والجوع والتعب يفتك بهم..

فكيف تجوع غزة_هاشم وهي بيننا يا 2 مليار مسلم ..؟!! 😢

بدنا نوصل الهاشتاج للأول عالميًا#شمال_غزة_يباد#مخيم_جباليا_يباد#غزه_تقاوم_وستنتصر_بإذن_الله pic.twitter.com/XGVSIhBAp3

— دنيا Dounia (@Dounia3690) October 10, 2024

ويشير إلى أن مًسيّرات الكواد كابتر تحاصر محافظة الشمال بالنيران، فلا أحد يستطيع التحرك، ويؤكد “لا نعلم إن كنا سنعيش أم لا فكل ليلة تكون أصعب من سابقتها، نحن شعب حر وصاحب كرامة وقضية، حرام إللي بيصير فينا بهدلة الأطفال والنساء، كل شقاء العمر راح، لكننا صامدون”.

ويهدد الاحتلال الإسرائيلي هؤلاء المواطنين الذين يزيد عددهم على 200 ألف نسمة في مناطق وأحياء محافظة شمال القطاع، بإخلاء منازلهم مرتكبا المجازر بحق المدنيين لإجبارهم على النزوح جنوبا وتهجيرهم.

حصارٌ مطبق

الدفاع المدني الفلسطيني يقول في بيان له إن الاحتلال يفرض حصارا مطبقا على شمال القطاع ويعزله عن مدينة غزة بشكل كامل.

وأوضح أن جيش الاحتلال يمنع منذ صباح الأحد دخول الإمدادات الأساسية لمحافظة شمال غزة.

هؤلاء من أصدر الاحتلال الإسرائيلي لهم أمر فوري بالإخلاء!
كيف يمكن للفرق الطبية إجلاء هؤلاء المرضى وتركهم لمواجهة الموت أو سوء المعاملة؟
فيديو من داخل وحدة العناية المركزة في مستشفى كمال عدوان. pic.twitter.com/5JUPA89hGg

— حسام شبات (@HossamShabat) October 10, 2024

عشرات الجثامين عالقة في الشوارع

وأوضح أن عشرات الجثث عالقة في الطرقات شمالي القطاع، ولم يتم انتشالهم بسبب القصف الإسرائيلي المستمر والعنيف، مؤكدا أن الاحتلال دمر البنية التحتية في محافظة الشمال، مما جعل عملية الانتقال خلالها أمرا شبه مستحيل.

وقال: إنّ إخلاء مستشفيات شمال القطاع من شأنه أن يؤدي لانهيار كامل في النظام الصحي، كاشفًا أن طواقمه فقط في محافظة الشمال موجودة فقط في منطقة مدرسة الفاخورة في جباليا.

ونبه إلى أنهم يتلقون مناشدات كثيرة من مواطنين مصابين محاصرين داخل منازلهم.

مجزرة في مدرسة رفيدة💔
يا رب إنهم طغوا في البلاد
وأكثروا فيها الفساد
فصُبَّ عليهم سوط عذاب! pic.twitter.com/Csihorgusf

— أدهم شرقاوي (@adhamsharkawi) October 10, 2024

وفي ساعات المساء بعد عصر الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، كان محمد هاني وطفله يبحثان عن ملابس دافئة في سوق مخيم جباليا، وفجأة انهالت عليهما قذائف مدفعيات الاحتلال، أصواتها تزلزل القلوب وتثير الخوف في وجوه الناس وهم يركضون إلى مأمن يحول دون إصابتهم بشظاياها التي تحمل الموت والفقد، على حد وصفه.

وأضاف هاني “حملتُ ابني وركضت عكس اتجاه الناس الفارين، أردت أن أسحب عائلتي فقد كانت تنتظرني، من شارع إلى زقاق ألهث خوفا وأملا أن أنجو بأبنائي، وصلت إليهم وحملنا متاعنا على أكتافنا بحثا عن نزوح آمن ولكن إلى أين؟”.

تغطية صحفية: إصابات في مستشفى كمال عدوان جراء قصف الاحتلال المتواصل على مخيم جباليا شمال غزة pic.twitter.com/t0W9dbTQiK

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) October 10, 2024

ويوضح أنها المرة الثالثة التي يتوغل فيها جيش الاحتلال في محافظة الشمال ويشن فيها أبشع المجازر، ويقول “نزحنا مرات كثيرة من جنب الركام وتحت القذائف والطائرات والموت يرقص حولنا، عشرات القتلى والإصابات في الشوارع، ليس لدينا قوة لنحملهم ونسعفهم”.

وصدرت دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن لحصار السفارة الإسرائيلية في العاصمة عمان ردًا على حصار مخيم جباليا وشمالي قطاع غزة.

عمل في ظل خطورة كبيرة

في حين قال العقيد أحمد الكحلوت مدير الدفاع المدني في شمال قطاع غزة: “لليوم السادس من العملية العسكرية للاحتلال بشمال غزة طواقم الدفاع المدني لا تزال تعمل في ظل خطورة كبيرة على الطواقم والمركبات جراء استهداف الإحتلال لكافة المناطق بمحافظة الشمال ومحاصرة مخيم جباليا مما يحد من قدرة الدفاع المدني للوصول إلى كافة المناطق والمنازل المستهدفة”.

وأكد أن أكثر من ٢٢٠ شهيد حتى الآن بالشمال منذ بدء العملية العسكرية، مشيرا إلى أن طواقم الدفاع المدني عاجزة عن الوصول لعشرات الشهداء والمصابين بأماكن التوغل بمنطقة بئر النعجة ومنطقة ابو شرخ ومنطقة القصايب ومنطقة مقبرة الفالوجا ومنطقة السكة شرق معسكر جباليا.

كارثة غير مسبوقة

أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن كارثة إنسانية غير مسبوقة، ستحل على مناطق شمال قطاع غزة، مع إطباق الاحتلال الإسرائيلي حصار مخيم جباليا ومشروع بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، منذ أن بدأ الهجوم البري على تلك المناطق مطلع الأسبوع الجاري، ومع استمرار تصعيد وتيرة “جريمة الإبادة الجماعية” بحق الفلسطينيين هناك، بارتكاب المجازر وجرائم القتل العمد والتهجير القسري واسع النطاق.

أصبحنا ننتبه إلى صوت أنفاسنا..

الصحفي محمود العمودي يصف ما يدور في شمال قطاع غزة تزامناً مع عدوان الاحتلال المستمر لليوم السادس على التوالي pic.twitter.com/pLAdWzcZwL

— قناة القدس (@livequds) October 10, 2024

وأشار المرصد في تقرير جديد حول واقع شمال القطاع إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلية أحكمت حصارها على مخيم جباليا والأحياء الشرقية والشمالية المحاذية له، مثل تل الزعتر والسكة وبيت حانون وبيت لاهيا، إلى جانب التمركز في الجزاء الغربية وصولًا لمقبرة يافا ومفترق التوام.

وأبرز الأورومتوسطي أن جيش الاحتلال يواصل اجتياح أجزاء واسعة من شمال غزة منذ مساء السبت الماضي، وسط شن غارات وأحزمة نارية وقصف مدفعي، بما في ذلك قصف منازل على رؤوس سكانها، ما أدى إلى عشرات الشهداء والجرحى.

وأكد أنه تلقى معلومات أولية عن إعدام قوات الاحتلال الإسرائيلي خمسة فلسطينيين، منهم امرأة ورجل وابنه خلال محاولتهم النزوح من مخيم جباليا، رغم أنهم كانوا يرفعون رايات بيضاء.

إخلاء مستشفى كمال عدوان

وفي تطور خطير، أبلغت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي بإخلاء كامل لمستشفى كمال عدوان الواقع في مشروع بيت لاهيا، شمال غزة.

ونقل عن الدكتور حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان، قوله إنه تلقى اتصالًا من القوات الإسرائيلية وأبلغوه بإخلاء المستشفى من المرضى والطواقم الطبية خلال 24 ساعة، وإلا سيعرضون أنفسهم للخطر.

تفحمت جثثهم بفعل الحرائق.. شهداء إثر قصف جيش الاحتلال لخيام النازحين في مستشفى اليمن السعيد شمال قطاع غزة#حرب_غزة pic.twitter.com/fFyJgBPURf

— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 10, 2024

وأشار إلى أن مستشفى كمال عدوان يعمل بشكل جزئي مع مستشفيين آخرين في شمال غزة؛ هما مستشفى العودة والإندونيسي في جباليا شمال القطاع، بعد أن تعرضوا للتدمير والمداهمة والتنكيل بالطواقم الطبية والمرضى والنازحين خلال الاجتياح الأول لشمال غزة في ديسمبر/ كانون أول الماضي.

ويأتي هذا التطور في وقت يتعرض فيه مستشفى كمال عدوان للحصار وإطلاق النار من مسيّرات “كواد كابتر”، مع شن عشرات الغارات على المباني محيطها، واستهداف بوابتها بقنابل دخانية.

وقد تسبب قصف بناية بقطع الطريق الوحيد الذي كانت تمر منه سيارات الإسعاف من مستشفى كمال عدوان إلى المستشفى المعمداني لنقل عشرات الإصابات الخطيرة، قبل أن يجري تشديد الحصار بالنار على المستشفى وإعاقة حركة الإسعاف ونقل الضحايا.

وتطرق التقرير الحقوقي إلى اعتقال جيش الاحتلال أحد المسعفين خلال نقل مرضى من المستشفى إلى المستشفى المعمداني، رغم وجود تنسيق مسبق لذلك.

وأفاد الفريق الميداني للمرصد الأورومتوسطي بتلقي شهادات من فلسطينيين تمكنوا من الوصول إلى مدينة غزة عن مشاهدتهم جثامين شهداء في الشوارع، إلى جانب آخرين من الضحايا تحت أنقاض المنازل التي تعرضت للقصف ويتعذر على طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم، حيث تعرض ما لا يقل عن 20 منزلًا للاستهداف في غضون 4 أيام.

وأكد أن هناك آلاف المحاصرين في مخيم جباليا وبيت لاهيا وجباليا يعانون من نفاد شبه تام للمواد الغذائية التي كانت أساسًا قليلة لديهم بسبب إغلاق المعابر الإسرائيلية مع وقف إدخال البضائع والمساعدات القليلة التي كانت تدخل منذ أكثر من أسبوع قبل الاجتياح الجديد.

وأكد أن هناك الآلاف من الأسر لم تخلِ منازلها حتى اللحظة وتعيش ظروفًا صعبة تحت القصف المركز، لافتا إلى أن السكان غير قادرين على الخروج من منازلهم للتزود بالمياه، في وقت لا تتمكن طواقم البلديات أو اللجان المحلية مساعدتهم في الحصول عليها.

الآلاف مهددون بالموت جوعا

وقال إن هذا يعني أن آلاف السكان “مهددون بالموت جوعًا أو عطشا”، علمًا أن جميعهم يعانون من الآثار الكارثية لسوء التغذية نتيجة سياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال منذ عام كامل.

وحذر الأورمتوسطي أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعمل بشكل ممنهج لمحاولة تفريغ شمال غزة من سكانها، ودفعهم للانتقال القسري إلى الجنوب، حيث أصدر عدة أوامر تهجير إلى جانب إلقاء منشورات تطلب ذات الهدف.

وأكد أن تتبع عملية جيش الاحتلال الإسرائيلي يدلل على أنه لا يوجد لها هدف أو ضرورة حربية، بل تأتي لاستكمال عمليات التدمير التي طالت أكثر من 85% من مباني شمال غزة، خلال ثلاث عمليات توغل سابقة، واستهداف المدنيين وإجبارهم على إخلاء المنطقة وتحويلها إلى منطقة عسكرية بالكامل.

وأشار إلى أن الجيش نصب حاجزًا يقطع طريق صلاح الدين من جهة الإدارة المدنية ويخضع كل من يسلكه للخروج من المخيم للتفتيش.

وطالب الأورومتوسطي الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإنقاذ عشرات آلاف السكان شمال غزة، ووقف عملية “التطهير العرقي المروعة” التي تجري ضدهم، ووضع حد لـ”جريمة الإبادة الجماعية” التي ترتكبها إسرائيل للعام الثاني على التوالي.

وشدد المرصد على ضرورة قيام المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة، بالتدخل الفوري والحاسم لإنقاذ عشرات آلاف السكان الذين قال إنهم “يتعرضون لواحدة من أعنف حملات جريمة الإبادة الجماعية التي شهدها القطاع”.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة