غوتيريش أمام مجلس الأمن: الوضع الإنساني في غزة “وصمة عار أخلاقية علينا جميعا”

 ​   

نيويورك /PNN/ حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن “نظام الدعم الإنساني في غزة يقترب من الانهيار التام”، مع تواصل العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ أكثر من 9 أشهر.

جاء ذلك في كلمة الأمين العام التي أدلى بها نيابة عنه رئيس ديوانه كورتيناي راتراي، أمام اجتماع عقده مجلس الأمن الدولي، اليوم الأربعاء، حول الوضع في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية،  برئاسة وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف.

وأكد غوتيريش عدم وجود أي شيء يبرر “”العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني”، مشيرا إلى أن ما يقرب من نصف مليون شخص يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد والأمراض المعدية آخذة في الارتفاع، وسط “تحديات شديدة ومخاطر مميتة” يواجهها العاملون الإنسانيون التابعون للأمم المتحدة على الأرض.

وقال راتراي، نيابة عن الأمين العام، إن دخول المساعدات الإنسانية على نطاق واسع وتسليمها إلى جميع أنحاء غزة، أمر ضروري لبقاء ورفاه المدنيين، وأضاف: “آن الأوان منذ وقت طويل لتوفير بيئة تمكينية آمنة لعمليات إنسانية فعالة في غزة، بما يتماشى مع القانون الدولي الإنساني”.

وبينما تتجه جميع الأنظار نحو غزة، قال الأمين العام على لسان رئيس ديوانه إن الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، تواجه “ظروفا محفوفة بالمخاطر”.

وأشار إلى أن “أكثر من 550 فلسطينيا قتلوا منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر – من بينهم 138 طفلا – معظمهم على يد القوات الإسرائيلية”. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإجراءات الإسرائيلية تقوّض السلطة الوطنية الفلسطينية، وتشل الاقتصاد الفلسطيني وتؤدي إلى انعدام الاستقرار وتسريع التوسع الاستيطاني بشكل كبير.

وقال إن “التطورات الأخيرة تغرز سكينا في قلب أي احتمال للتوصل إلى حل الدولتين. إن جغرافية الضفة الغربية المحتلة تتغير بشكل مطرد من خلال الخطوات الإدارية والقانونية الإسرائيلية”، مضيفا أن “إحدى هذه الخطوات هي نقل سلطات في الضفة الغربية المحتلة إلى نائب مدني في الإدارة المدنية الإسرائيلية”، وهو ما وصفه الأمين العام- في كلمته- بأنه “خطوة أخرى نحو بسط السيادة الإسرائيلية على هذه الأرض المحتلة”.

وقال: “إذا تركت هذه التدابير دون معالجة، فإنها تهدد بالتسبب في أضرار لا يمكن إصلاحها”.

وشدد الأمين العام على ضرورة تغيير المسار من خلال الوقف الفوري لكافة الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية ومحاسبة مرتكبي أعمال العنف.

وأكد أن “المستوطنات الإسرائيلية انتهاك صارخ للقانون الدولي وعقبة رئيسية أمام السلام”، مشددا على “ضرورة أن تضمن إسرائيل سلامة وأمن المواطنين الفلسطينيين”.

وطالب الأمين العام بالتواصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار في غزة الآن، مشيرا إلى أن “الوضع الإنساني في غزة وصمة عار أخلاقية علينا جميعا”.

وأكد غوتيريش مجددا “ضرورة معاملة جميع المعتقلين بشكل إنساني، وإطلاق سراح المحتجزين دون سبب قانوني”، مشددا على أن هذه “الحرب الرهيبة” يجب أن تنتهي ويجب استعادة الحكم في غزة إلى “حكومة فلسطينية شرعية واحدة”.

وقال: “إن دعم السلطة الفلسطينية أمر بالغ الأهمية. ويجب تعزيز مؤسساتها حتى تكون مستعدة للحكم وقيادة جهود الإنعاش وإعادة الإعمار في غزة”.

منصور: إسرائيل ترتكب الجرائم أمام مرأى العالم بشكل علني ومتكرر

بدوره، قال المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، إن إسرائيل ترتكب الجرائم أمام مرأى العالم بشكل علني ومتكرر، وبالكاد تبذل أي جهد للتستر على جرائمها، كما أن أفراد جيشها لا يترددون في مشاركة تسجيلات تلك الجرائم مع بقية العالم.

وأضاف في كلمته أن “ما يحدث في غزة سيسجل باعتباره الإبادة الجماعية الأكثر توثيقا في التاريخ”.

وأشار منصور إلى أن أبناء غزة ليسوا بحاجة إلى سماع العالم يتحدث عن الأشجار المقتلعة، بل إنهم يحتاجون إلى ظلها الذي يقيهم من الحرّ القائظ. وتساءل: “إلى أي درجة يمكن أن تكون قاسيًا، وإلى أي مدى يجب أن تكون إجراميًا، لقصف نفس السكان مرارا وتكرارا، وهل سيستنكر العالم تلك الجرائم ويتوقف عن التسامح مع تكرارها”.

وشدد على أننا رأينا إسرائيل منذ أشهر وهي تقترف جريمة ترقى إلى الكارثة الإنسانية، وتتسبب بالمجاعة، وعلاوة على ذلك، تستخدم المجاعة والجفاف وانتشار الأمراض كأسلحة في هذه الحرب.

وأبلغ أعضاء مجلس الأمن الدائمين والأعضاء المشاركين في الجلسة، بأن مليوني شخص تعرضوا لحصار دام 17 عاما يواجهون الآن حصارا محكما، ويموتون من الجوع والمرض بينما يتوفر الغذاء والدواء على بعد أمتار فقط.

وشدد منصور على أن مجلس الأمن اعتمد القرار 2735 لتحقيق وقف فوري لإطلاق النار يؤدي إلى وقف دائم للأعمال العدائية، وعلى الرغم من أن ذلك لن يعيد الحياة لمن قُتلوا أو الأطراف لمن بُترت أطرافهم، إلا أن من شأنه أن ينقذ الأرواح ويوقف المعاناة المستمرة.

وأكد أن ثمّة إجماعا عالميا على دعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وحل الدولتين بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي. وفي غضون يومين، ستصدر أعلى هيئة قضائية على وجه الأرض رأيها الرسمي بشأن قضية فلسطين، وعدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي، وهنا ينبغي أن يكون هذا التعبير عن القانون بمثابة الأساس لعملنا الجماعي في الأيام القادمة.

ووجّه منصور كلمة إلى الدول الأعضاء: “كما رفضت جميع شعوبكم التنازل عن حقوقها، فإن الشعب الفلسطيني لن يقبل أبدا التنازل عن حقوقه. ولن يتحقق السلام على حساب حقوقنا، بل بالتمسك بها. الحق في الحياة والحرية والكرامة. وهذا هو الطريق الوحيد للسلام. دعونا نشرع في النهاية بشكل جماعي في ذلك.”

ودعاهم إلى دعم وتعزيز أولئك الذين يسعون إلى السلام بدلا من تسليح أولئك الذين يسعون إلى الإبادة.

لافروف: روسيا تؤيد حصول فلسطين على عضوية كاملة بالأمم المتحدة

من جهته، قال وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن خلال الشهر الحالي، إن “منطقة الشرق الأوسط تواجه مخاطر غير مسبوقة لأمن ورفاه وحياة شعوبها”.

وأكد “أهمية إجراء حوار صادق حول وقف سفك الدماء والمعاناة والانتقال إلى تسويات الصراعات القديمة والجديدة”. وأشار إلى أن بلاده تحتفظ تاريخيا بعلاقات جيدة مع جميع دول المنطقة.

وقال لافروف إن روسيا تؤيد حصول فلسطين على عضوية كاملة بالأمم المتحدة.
وشدد على ضرورة الامتثال لجميع قرارات الأمم المتحدة، وقال إن هذه هي المرة الرابعة خلال 10 أشهر التي يجتمع فيها مجلس الأمن على المستوى الوزاري لبحث المسألة، وإن المجلس اعتمد 4 قرارات بهذا الشأن.

وأضاف أن استمرار سفك الدماء في الأرض الفلسطينية المحتلة يؤكد أن كل هذه القرارات تظل حبيسة الأوراق.

وأشار إلى أن ما يحدث الآن في غزة هو عقاب جماعي غير مقبول للسكان المدنيين.

وقال إن “العمليات العسكرية واسعة النطاق التي تقوم بها إسرائيل مع حليفتها الولايات المتحدة أدت إلى وقوع الكثير من الضحايا والتدمير”، مضيفا: “خلال 10 أشهر قُتل نحو 40 ألفا وأصيب 90 ألفا من المدنيين الفلسطينيين- معظمهم من الأطفال والنساء. هذا الرقم يزيد عن ضعف عدد الضحايا المدنيين من الجانبين خلال عشر سنوات من الصراع في جنوب شرق أوكرانيا”.

وقال إن الانفجار غير المسبوق للعنف في الشرق الأوسط، ناجم إلى حد كبير عما وصفها بالسياسات الأميريكية الفاشلة في المنطقة.

وذكر أن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن “مرة تلو الأخرى لعرقلة” جهود وقف إطلاق النار بشكل دائم.

غيانا تدعو إلى “وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار”

وقالت مندوبة غيانا الدائمة لدى الأمم المتحدة، كارولين رودريغيز بيركيت، إن بلادها كانت تأمل أن ينجح قرار مجلس الأمن 2735 في إسكات صوت القنابل والرصاص الذي لا يزال ينهمر على قطاع غزة، مؤكدة أن “الصمت يصم الآذان بشأن الحل المحتمل لإنهاء الحرب في غزة”.

وأضافت: “إنها مسؤولية هذا المجلس أن يواصل بذل كل ما في وسعه لوضع حد لهذه الحرب”، داعيةً إلى “وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار وإطلاق سراح جميع الرهائن، والفلسطينيين المحتجزين دون محاكمة في السجون الإسرائيلية”. وحثت على الالتزام بقرارات مجلس الأمن السابقة.

ودعت أيضًا إلى حشد جماعي للإرادة السياسية لتأمين مستقبل مستقر للمنطقة إلى جانب مجموعة من الإجراءات، بما في ذلك حماية موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني وزيادة المساعدات التي تدخل غزة، مؤكدة ضرورة التزام إسرائيل باعتبارها القوة المحتلة بضمان وصول المساعدات لقطاع غزة، مذكرة بأوامر محكمة العدل الدولية ذات الصلة.

وقالت إنه “يجب اتخاذ إجراءات تقلل من التوترات وتصاعد العنف في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية”.

 

الولايات المتحدة: الوضع الإنساني في غزة “كارثي”

وقالت مندوبة الولايات المتحدة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد، إن “بلادها تواصل الجهود إلى جانب قطر ومصر والشركاء الآخرين للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن وتوصيل المساعدات للفلسطينيين المحتاجين”.

وأضافت: “يعلم هذا المجلس جيدًا أنه لا يوجد شيء سهل فيما يتعلق بتأمين السلام وأن التقدم بالتأكيد ليس بالسرعة التي نتمناها جميعًا. نحن نرى ذلك في المحادثات الجارية… لكننا مازلنا مثابرين”.

وأضافت: “لقد عملنا بلا كلل لتسهيل الاتفاق الذي أقره هذا المجلس في القرار 2735”.

وشددت: “يجب على إسرائيل أن تتخذ خطوات فورية إضافية لإزالة الحواجز التي تحول دون توصيل المساعدات على نطاق واسع”، مشيرة إلى “الوضع الإنساني الكارثي في ​​غزة”.

وقالت إن المدنيين الفلسطينيين “يعيشون في الجحيم مرارا وتكرارا” وينزحون من مكان إلى آخر بحثا عن الأمان، مشيرة إلى الغارة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مدرسة تدعمها الأمم المتحدة في النصيرات وسط قطاع غزة.

وأضافت أن “وضع اللمسات النهائية على اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذه على الطاولة هو أفضل وسيلة لتخفيف المعاناة”، معربة عن أملها في أن يساعد وقف إطلاق النار في غزة الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تهدئة الوضع في منطقة الشرق الأوسط ككل.

  

المحتوى ذو الصلة