فقوموا إلى خيلكم !

قد أصابنا الله بشدّة عظيمة قدّرها، ونحن نعلم أنه تعالى لا يريد بعباده شرّاً محضاً، بل هو يهيّئهم لأمر رشد، ويفتح لهم به باباً مستوراً فيه صلاحٌ ولطفٌ وفرَج وشفاء وفتح.

ولطالما كنا نجهل عواقب الأمور مهما اجتهدنا في رسم مساراتها المتوقعة. وتدبير الله لا يراعي تدبيرنا، ولا يقيس على حذرنا وحرصنا، ولا يجري على رغائبنا ومكارهنا، ولله مصالح في مكاره عباده.

وقد يشقّ علينا قضاء الله في الحال، فيكون فتحاً ونصراً في الاستقبال، فيشفي به صدور المؤمنين، ويُذهب غيظ قلوبهم.

وقد أخبرنا الله أنه يجعل فيما نكرهه خيراً، وأكّد ذلك بأنْ جعله كثيراً فقال: (فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً)، وجزم بأنّ فيه الخير المخصوص لنا فقال: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم).

ووعدنا بأن اليسر مقرون بالعسر الواقع علينا (فإن مع العسر يسراً، إن مع العسر يسرا)، ولن يغلب عسرٌ يسرين.

وكثيراً ما دخلت المَسرّة من باب المَضرّة، وتأتي المنافع من مداخل الموانع، ويأتي الدواء من الداء.

وقد علمنا أنه إذا اشتد الأمر هان، وأنَّ الشدَّةَ إذا تتابعتْ انفرجَتْ، وإذا توالَتْ تولَّتْ، ففوّضوا أمركم الله، فهو يعلم وأنتم لا تعلمون!
وقوموا إلى خيلكم، وانفِروا حيث كنتم، وارموا ما كان يُقعدكم وراء ظهوركم !

 

المحتوى ذو الصلة