لماذا يسقط العرب بفخ “الطمأنات الأمريكية” ووساطتها المنحازة لنتنياهو؟

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة ما يصفه مراقبون ومحللون بلعبة “ملهاة التفاوض والضحك على الذقون”، يواصل الاحتلال الصهيوني عدوانه على كافة الجبهات مستفيدًا من عامل الوقت الذي لم يكن ليتوفر له لولا العبث الأمريكي في مسلسل من حيل الطمأنة وقرب التوصل إلى اتفاقات لوقف إطلاق النار في غزة، وأخرى لمنع التصعيد وجر المنطقة لحرب إقليمية في المستفيد الأكبر من هذه اللعبة الأمريكية الكبرى هو نتنياهو وحكومة التطرف التي يقودها.

كتاب ومحللون سياسيون يرون أنّه يجب على الدول العربية المنخرطة في مسلسل التفاوض الأمريكي الذي لا ينتهي الانسحاب فورًا، وعدم منح نتنياهو المزيد من الوقت لتحقيق أهدافه في غطاء من الكذب الأمريكي المتواصل، وعدم الركون إلى فخ الطمأنات الأمريكية التي كان من خلالها الاحتلال يجني المزيد من النقاط والمكاسب ويضرب المزيد من الأهداف.   

من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي سليمان أبو ارشيد إن إسرائيل تحاول قطف نتائج الحرب على قطاع غزة من خلال فرض ترتيبات سياسية جديدة برعاية أمريكية.

ويشير أبو ارشيد في مقالة، رصدها المركز الفلسطيني للإعلام، إلى أن هذه الترتيبات ستتجاوز الاتفاقيات التي وقعت عليها دولة الاحتلال مع الفلسطينيين والمصريين، في مقدّمتها اتّفاقيّتي أوسلو وكامب ديفيد الّتي جرت برعاية أميركية.

ووفقاً لإبي ارشيد فإن نتنياهو يحتاج لمصر لاستكمال هذه الترتيبات، والتي تبدو حتى هذه اللحظة رافضة للأفكار الإسرائيلية الجديدة.

وتابع:” الانسحاب من المفاوضات هو الحدّ الأدنى المطلوب من مصر بعد كلّ الإهانات الّتي لحقت بها باحتلال محور فيلادلفيا وتدمير معبر رفح، وهي ترى التواطؤ الأميركي المكشوف مع مطالب نتنياهو”.

مؤكداً على أن نتنياهو يستعين بالموقف الأميركي لفرض وقائع جديدة على الأرض وفي مقدّمتها تواجد عسكريّ إسرائيليّ على محور فيلادلفيا، لإعادة السيطرة على حدود قطاع غزّة مع مصر.

ويشير الكاتب والمحلل السياسي إلى أن نتنياهو يستغل ضعف موقف النظام المصريّ الّذي أرخى الحبل لإسرائيل في انتهاك مبادئ اتّفاقيّات كامب ديفيد عندما تسامح مع تدمير معبر رفح وانتشار الجيش الإسرائيليّ على محور فيلادلفيا.

ويرى أبو ارشيد أنه من المستغرب تمسّك الزعماء العرب بالوساطة الأمريكية التي غيّرت مقترحاتها فيما يخص صفقة التبادل بما يتلاءم مع المطالب الإسرائيليّة.

مشدداً:”الولايات المتحدة ليس فقط مجرد وسيط غير نزيه وإنما شريك ومنحاز بشكل كامل لإسرائيل وشريك في عدوانها على الشعب الفلسطينيّ”.

الكاتب والمحلل عبدالله المجالي يشارك أبو ارشيد الرأي ذاته فيقول: من حقائق السياسة الدولية أن الولايات المتحدة ليست أكبر حليف استراتيجي للكيان فحسب، بل هي متعهدته وراعيته. وهذا أمر لا يجوز أن يغيب عن أذهاننا ونحن نراقب ونحلل الأوضاع في المنطقة على ضوء معركة طوفان الأقصى، فالانحياز الأمريكي للكيان أمر واضح وضوح الشمس.

الولايات المتحدة أعلنت بصراحة وبدون مواربة أنها ستدافع عن الكيان في حال تعرضه لتهديد وجودي.

ويتابع بالقول مع ذلك يمكننا القول بأن ذلك التحالف الاستراتيجي والرعاية والحماية الكاملة هي للكيان، لكن ذلك قد لا ينطبق على قادته وسياساتهم، وخصوصا الإرهابي نتنياهو.

ويشدد المجالي – في مقالته بصحيفة السبيل – على إن انحياز الولايات المتحدة لنتنياهو هو بقدر إقناعه لها بأن ذلك الانحياز هو لصالح الكيان، وهذا أمر قد ينجح فيه نتنياهو وقد يفشل. ولا شك أن الانقسام الصهيوني سيؤثر على قدرة نتنياهو إقناع واشنطن بدعم وحماية سياساته.

ويتابع بالقول: مع الأسف سيظل بلينكن يتلاعب بمفاوضات صفقة التبادل، وسيظل حليفا موثوقا لدى نتنياهو، وسيظل الوسطاء العرب تحت رحمته إلا إذا تقدموا خطوة جريئة للأمام وأعلنوا ببيان واحد أن نتنياهو هو من يعرقل الصفقة وليست حماس كما يدعي بلينكن.

من جانبه يرى الكاتب الدكتور سعيد الحاج أنه ينبغي التنبّه إلى أن إدارة بايدن شاركت، إلى جانب دعم الاحتلال بكافة الصور، في عمليات خداع وتمويه؛ خدمة لأجندة حكومته. فقد أتى اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في الضاحية الجنوبية في ظل سحب حاملات الطائرات الأميركية من شرق المتوسط، موحيًا بتراجع التوتر، كما أتى اغتيال فؤاد شُكر (في الضاحية كذلك، وبأسلوب لا يمكن إلا أن يكون بتنسيق مع واشنطن) بعد طمأنات وصلت للجانب اللبناني بأن “إسرائيل” ستتجنب استهداف بيروت في إطار ما أسمته “ردها على هجوم مجدل شمس”.

ويحذر الحاج من أنّ هناك أمثلة أكثر تقول إن كل إيحاء بتراجع التوتر أو طمأنات أو تأكيدات على رفض الإدارة الأميركية توسيع المواجهة في المنطقة كان جزءًا من عملية تضليل استغلها الاحتلال. وعليه، فالأمر في السياق الحالي قد يكون جزءًا من تضليل أكبر، لا سيما أن حجم الحشد العسكري الأميركي في المنطقة (إضافة إلى مؤشرات أخرى مثل وقف الرحلات الجوية إلى تل أبيب لأشهر) يوحي بالاستعداد لحرب طويلة الأمد.

وينبه إلى القول: هنا، لا ينبغي أبدًا التهوين من فكرة أن كل الجهود الأميركية الأخيرة لا تحاول فقط تأجيل أو إلغاء رد إيران وحزب الله، ولكن قد تكون تسعى لإتاحة الفرصة لنتنياهو لمفاجأتهما بهجوم استباقي، وتحديدًا ضد حزب الله في لبنان.

ويستدرك الحاج بالقول: فالقناعة لدى الاحتلال منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول أنه ينبغي منع فرص إطلاق عملية مشابهة من جنوب لبنان، ما يعني ضرورة توجيه ضربة قاصمة لحزب الله بغض النظر عن الموقف في غزة. واللافت أن ذلك كان موقف غالانت في اليوم التالي مباشرة لعملية طوفان الأقصى. وكما تتفق الإدارة الأميركية مع الاحتلال بضرورة القضاء على حركة حماس، ولكن تختلف معه في بعض التفاصيل، فهي تتفق معه كذلك في هدف القضاء على حزب الله، ولكن قد تختلف فقط في بعض التفاصيل.

ويشدد على أنه: يبدو أن حزب الله بات مدركًا هذه الحقيقة، كما تشي بذلك تصريحات أمينه العام حسن نصر الله، ويوحي بذلك التصاعد في عملياته وكذلك رسائل الردع المتتالية. ولذلك، فالأسلم ألا يقع في فخ “الطمأنات” الأميركية.

ويختم الحاج بالقول: في المشهد الحالي، ليس هناك نية أو قناعة لدى الاحتلال بوقف إطلاق النار في غزة، ولا ضغوط حقيقية عليه لفعل ذلك، ولا بوادر أو مؤشرات لشيء مشابه، ما يعني أن العدوان مستمر واحتمالات التوسع الإقليمي قائمة. وفي هذه الحالات، من سارع بالضربة الأولى كانت له الأفضلية.

وفي ظل ما سبق، يظهر أنّ إصرار الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس بعدم المشاركة في أي مفاوضات عبثية تتغير فيها الشروط وفقًا لأهواء وإرادة نتنياهو بمباركة أمريكية، أكثر جدوى من مسلسل العبث الأمريكي المتواصل منذ أكثر من عشرة اشهر بلا طائل يحقق مصالح الشعب الفلسطيني بوقف العدوان.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة