مجازر الاحتلال في الشمال.. هروب إسرائيلي متجدد مع كل إخفاق عسكري

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

لا يزال اليمين المتطرف الحاكم لكيان الاحتلال يتنقل من مربعٍ لآخر كل ما شعر أن في خطواته تلك زخمًا إعلاميًّا أو هروبًا من إخفاقات سياسية وعسكرية، محققًا بذلك أهدافه الخاصة لا المعلنة؛ حيث يعمد إلى الانتقام من أهل غزة عقابًا لهم على تمسكهم بالمقاومة والصمود أمام المجازر الوحشية التي تُرتكب بحقهم منذ ما يزيد عن العام، وكذلك يسعى إلى تصدير صورة دعائية بأن إسرائيل هي المنتصرة من خلال عمليات الاغتيال بحق القادة تارة، وارتكاب مجازر مروعة بحق المدنيين وحصارهم تارة أخرى.

عملية مكثفة في شمال قطاع غزة، لا سيما مخيم جباليا، يقوم بها الاحتلال منذ أسبوعين، فارضًا حصارًا مطبقًا على السكان، ومرتكبًا مجازر وحشية بشكل يتجاوز الأيام الأولى للحرب، شاملاً منع إدخال المساعدات واستهداف المستشفيات وقصف مراكز الإيواء بشكل يومي.

استهداف النازحين

كان آخر هذه المجازر ما قام به طيران الاحتلال من قصف منطقة مشروع بيت لاهيا في شمال قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد 73 مواطنًا وإصابة وفقد العشرات، ويأتي ذلك بعد ساعات على استشهاد 33 مواطنًا -بينهم 21 امرأة- في قصف جوي على مخيم جباليا مساء السبت، وذلك في ظل تعتيم إعلامي بعد أن قام الاحتلال بقطع الاتصالات والإنترنت عن المنطقة.

من جانب آخر، واصلت قوات الاحتلال غاراتها على مناطق متفرقة من قطاع غزة، واستهدفت الطائرات خيمة تؤوي نازحين في دير البلح وسط القطاع، ما أدى إلى إصابة 5 مواطنين، وكذلك استهدفت منزلًا في محيط مسجد السلام بحي الصبرة جنوب مدينة غزة.

وقالت حركة حماس تعقيبًا على ذلك إن “الصمت العربي والعجز الدولي شجع هذا العدو الفاشي المجرم على ارتكاب المزيد من الجرائم والمجازر، لإفراغ شمال القطاع من سكانه”، داعية “الدول العربية والإسلامية والأمم المتحدة وكافة الجهات الدولية المعنية إلى التحرك الفاعل، لوقف هذه المحرقة التي يرتكبها النازيون الجدد، والتي سيكون لها تداعيات كبيرة على أمن المنطقة وسلمها”.

#صور | الاحتلال يرتكب مجزرة جديدة بقصف مربع سكني مكتظ بالسكان في بيت لاهيا ما أسفر عن عشرات الشهداء و الجرحى pic.twitter.com/T25AAtc6w4

— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) October 20, 2024

مهرب آمن

تمثل الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي باغتيال قيادات المقاومة وبارتكاب المجازر ضد المدنيين مهربًا آمنًا مما عجز عن تحقيقه من الأهداف المعلنة لعدوانه على غزة ومن بعدها الضفة ولبنان؛ حيث لم يستطع حتى الآن القول بأنه قضى على حركة حماس في غزة أو حزب الله في لبنان، بل لا يزال يتلقى الضربات الموجعة من الجهتين، ما يؤكد إخفاقه في ذلك، كما أنه لم يُعد أسراه من قبضة المقاومة ولم يستطع أن يفرض إرادته على سكان غزة بفرض إدارة مدنية عليهم لم يختاروها بإرادتهم.

في لحظة ما وجد الاحتلال في الثغرات لدى حزب الله فرصة سانحة لإنقاذ قدميه من وحل غزة، فوجّه ضربات متتالية للبنان، مضيفًا إلى أهداف حربه على غزة هدفًا جديدًا، وهو عودة مستوطني الشمال النازحين بسبب صواريخ حزب الله على مستوطناتهم، وذلك اعتقادًا منه أن حزب الله قد انهار بفعل ضرباته المتلاحقة له، ولكنه فوجئ بتصعيد عسكري من قبل الحزب بشكل غير مسبوق، ما فاجأ الاحتلال وأسكت كثيرًا من صوت نشوة انتصاره، فلجأ -كالعادة- إلى التصعيد في غزة، ولو بلا هدف عسكري.

“نحن نخسر بشكل كبير”.. اللواء غادي شامني، القائد السابق لفرقة #غزة في جيش الاحتلال، يقر بأن حركة حمـ ـاس تحقق فوزا في الحرب، وتستعيد المدن الفلسطينية بعد انسحاب إسرائيل منها في غضون 15 دقيقة. pic.twitter.com/KkWyF2kf4m

— مجلة ميم.. مِرآتنا (@Meemmag) September 20, 2024

إخفاق وفشل

عمليات عديدة قام بها الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء عدوانه في السابع من أكتوبر 2023 من شمال القطاع إلى أقصى جنوبه، لكنه لم يعد من ذلك بتحقيق أي من أهدافه، بل أقرّ قادة في الجيش بأن المناطق التي ينسحبون منها سرعان ما تعاود حماس السيطرة عليها بعد أن يعلن الاحتلال القضاء عليها.

يضاف إلى ذلك ما سعى الاحتلال لإبرازه كعلامة نصر في حربه على المقاومة من خلال عمليات اغتيال أبرز قادتها، وعلى رأسهم الشهيد صالح العاروري -القائد السابق لحركة حماس في الضفة- والشهيد إسماعيل هنية -رئيس المكتب السياسي السابق لحماس- ثم اغتيال الشهيد حسن نصر الله -الأمين العام لحزب الله-، وأخيرًا الشهيد يحيى السنوار -رئيس المكتب السياسي لحماس-، إلا أن كل تلك الاغتيالات لم تنل من قوة المقاومة وصمودها، بل أثبتت أنها تزيدها قوة وضراوة في مواجهة الاحتلال.

تنفيذ “خطة الجنرالات”

وفي ظل هذه الإخفاقات في تحقيق الأهداف المعلنة تصدّرت من جديدٍ خطة طرحها الجنرال غيورا آيلاند مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق والذي خدم مديرًا للتخطيط في الجيش؛ والذي تبلورت أفكاره بعد أن صرح في يوم طوفان الأقصى في لقاء مع القناة الـ12 الإسرائيلية قائلًا “عندما تكون في حالة حرب مع خصم أنت لا تمده بالطعام ولا تزوده بالكهرباء أو الماء أو أي شيء آخر، إنما تحاصره بصورة تامة”.

ظلت أفكار آيلاند تتطور إلى أن طرح في أغسطس/آب 2024 خطة في مقال نشره في صحيفة” يديعوت أحرونوت” بعنوان “المرحلة المقبلة.. فرض حصار على شمال القطاع” أقرَّ خلالها بفشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق الأهداف المعلنة للحرب، وفشل الضغط العسكري في إجبار حماس على الإفراج عن الأسرى.

ولحلِّ تلك المعضلة دعا إلى تجويع سكان شمال غزة حتى الموت -حسب تعبيره- بعد منحهم مهلة لمدة أسبوع لمغادرة مناطقهم إلى وسط وجنوب غزة، ثم منع إدخال المياه والغذاء والوقود إلى المناطق المحاصرة.

وقدر آيلاند عدد الموجودين في شمال القطاع بنحو 300 ألف نسمة، من بينهم نحو 5 آلاف مقاوم، واعتبر أن من سيتبقون بعد تلك المهلة لن يكون أمامهم سوى أحد احتمالين، إما الموت أو الاستسلام، واشتهرت خطة آيلاند باسم “خطة الجنرالات”.

السنوار ينتصر شهيدًا

وفي ليلة السابع من أكتوبر 2024 شرع الاحتلال في عملية عسكرية بمخيم جباليا على يد الفرقة 162 بعد نقلها من منطقة العمليات في رفح ومحور فيلادلفيا، وذلك على إثر تصديق نتنياهو ووزير دفاعه غالانت على العمليات التي يمكن تنفيذها في غزة على أساس خطة الجنرالات، بحيث تركز على حصار شمال قطاع غزة ووقف المساعدات الإنسانية وإجلاء السكان، وأنه في حال نجاح الخطة يمكن تكرارها في مناطق أخرى من القطاع

ومع إعلان جيش الاحتلال أنه تمكن -صدفةً- من قتل الرجل الذي أرغم أنوف الاحتلال ومفجر طوفان الأقصى القائد الشهيد يحيى السنوار، حاول أن يصور ذلك على أنه انتصار وتحقيق لأهداف حربه على غزة، إلا أن الختام البطولي للسنوار والذي جعله رمزًا عالميًّا للنضال والاستبسال والشجاعة، فوّت على الاحتلال هذه الفرصة، ما دفعه لتشديد العدوان مرة أخرى على جباليا وشمال غزة، وارتكاب المزيد من المجازر فيها.

عمر المختار قبل استشهاده قال عبارة خالدة :

نحن لن نستسلم ننتصر أو نموت ، سيكون عليكم أن تحاربوا الجيل القادم والأجيال التي تليني

“أما أنا فإن حياتي ستكون أطول من حياة شنيقي”

الاحتلال بنشره للحظات الأخيرة في حياة يحيى السنوار قد جعل حياته أطول من حياة قاتليه#يحيى_السنوار pic.twitter.com/GWiIA4LQUi

— Osama Gaweesh (@osgaweesh) October 17, 2024

“}]] 

المحتوى ذو الصلة