مجلس الأمن يفتتح جلسة طارئة بشأن الوضع في قطاع غزة

 ​   

نيويورك/PNN/افتتح مجلس الأمن الدولي، مساء اليوم الجمعة، جلسة طارئة بشأن الوضع في قطاع غزة، بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، تحت البند المعنون “الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية”.

وأعلنت الإكوادور، التي تتولى رئاسة مجلس الأمن لشهر كانون الأول/ديسمبر الجاري، عن الجلسة بعد الرسالة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للمجلس يوم الأربعاء الماضي، مستندا إلى المادة 99 من ميثاق المنظمة الأممية التي تتيح له “لفت انتباه” المجلس إلى ملف “يمكن أن يعرّض حفظ السلام والأمن الدوليين للخطر”.

وأعدت الإمارات العربية المتحدة مشروع قرار يطرح للتصويت على مجلس الأمن، يطالب في نسخته الأخيرة بـ”وقف فوري لإطلاق النار لدواع إنسانية” في غزة، محذرا من “الحالة الإنسانية الكارثية في قطاع غزة”.

كما يدعو مشروع القرار إلى “حماية المدنيين” و”ضمان وصول المساعدات الإنسانية”.

وهذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها غوتيريش بتفعيل المادة 99 من الميثاق، منذ أن أصبح أمينا عاما للأمم المتحدة عام 2017.

غوتيريش يحث مجلس الأمن على عدم إدخار أي جهد للدفع من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار

وفي كلمته بمستهل الجلسة، شدد غوتيريش على ضرورة أن يفعل المجتمع الدولي كل ما يمكن لإنهاء محنة المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة، وحث مجلس الأمن الدولي على عدم إدخار أي جهد للدفع من أجل “الوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية وحماية المدنيين والتوصيل العاجل للإغاثة المنقذة للحياة”.

وأكد غوتيريش، أن المخاطر المرتفعة من انهيار منظومة الدعم الإنساني بشكل كلي في قطاع غزة هي ما دفعه إلى تنبيه مجلس الأمن الدولي في رسالة رسمية اعتمد فيها على المادة 99 من ميثاق المنظمة.

وقال غوتيريش “لقد كتبت المادة التاسعة والتسعين لأننا وصلنا إلى نقطة الانهيار، فهناك خطر مرتفع بأن تنهار منظومة الدعم الإنساني ما يسبب نتائج كارثية، بما قد يقود إلى انهيار تام للنظام العام وإلى زيادة الضغط باتجاه نزوج جماعي تجاه مصر، وأخشى أن تكون النتائج مدمرة لأمن المنطقة برمتها”.

وأضاف أن خطر انهيار المنظومة الإنسانية على ارتباط وثيق بغياب أمن وسلامة موظفي الأمم المتحدة في قطاع غزة، وبكثافة وبطبيعة العمليات العسكرية (الإسرائيلية) التي تحد بشكل كبير إمكانية الوصول إلى من هم بحاجة ماسة للمساعدة.

وأشار إلى أن التهديد بالنسبة إلى أمن وسلامة موظفي الأمم المتحدة في غزة غير مسبوق، حيث قتل أكثر من 130 من الموظفين والكثير منهم مع عائلاتهم، وهي أضخم نسبة من خسارة الأرواح في تاريخ المنظمة الدولية، ولفت إلى أن بعض الموظفين يأخذون أطفالهم معهم إلى العمل لكي يعرفوا أنهم إما سيعيشون أو يموتون معا.

وشدد غوتيريش على أن وكيل الأمين العام لدائرة الأمن والسلامة في الأمم المتحدة، أشار إلى أن سبل الحد من المخاطر بالنسبة للموظفين في غزة غير متاحة بسبب طريقة تطور النزاع، مؤكدا أن المنظمة ملتزمة كلياً بالبقاء وبمساعدة المواطنين في قطاع غزة.

وحيا الأمين العام للأمم المتحدة الموظفين الإنسانيين الملتزمين بعملهم رغم كل المخاطر الهائلة على صحتهم وحياتهم، منوهاً في ذات السياق إلى أن الوضع بكل بساطة غير قابل للاستدامة.

وتابع أنطونيو غوتيريش أن مجلس الأمن دعا في القرار 2712 إلى زيادة توفير المساعدات للاستجابة للحاجات الإنسانية للسكان المدنيين لا سيما الأطفال، إلا أن الظروف الميدانية الراهنة تجعل من المستحيل الاضطلاع بهذه الولاية، حيث أن ظروف توفير المساعدات الإنسانية بشكل فعال لم تعد قائمة.

ونوه إلى أن معبر رفح لم يصمم لدخول مئات الشاحنات، وتسبب الوضع الحالي بازدحام خانق، ولكن حتى لو سمح بدخول إمدادات كافية لقطاع غزة فإن القصف المكثف والقيود التي تفرضها إسرائيل على الحركة ونقص الوقود وانقطاع الاتصالات يجعل من المستحيل بالنسبة للوكالات الأممية وشركائها أن تصل إلى معظم السكان المحتاجين للمساعدة.

وأضاف: “بين الثالث والخامس من كانون الأول/ ديسمبر، لم تتمكن الأمم المتحدة من توزيع المساعدات إلا في محافظة رفح، أما الوصول إلى المناطق الأخرى فكان مستحيلاً. الناس يشعرون باليأس والخوف والغضب وفي بعض الحالات هم يعبرون عن غضبهم ضد موظفي الأمم المتحدة، كل ذلك يحصل وسط كابوس إنساني متفاقم، بداية ليس من حماية حقيقية للمدنيين، أكثر من 17 ألف فلسطيني قتلوا منذ بداية العمليات العسكرية الإسرائيلية، يشمل ذلك أكثر من 4000 إمرأة و7 آلاف طفل، وعشرات الآلاف قد أصيبوا وكثر مفقودون وهم على الأرجح تحت الركام، وكل هذه الأرقام تزداد يوماً بعد يوم”.

وشدد على أن الاعتداءات الجوية والبرية والبحرية الإسرائيلية المكثفة مستمرة وواسعة النطاق، وحتى الآن تم الإفادة بأن هذه الاعتداءات قد أصابت 339 منشأة تعليمية، و26 مستشفى، و56 منشأة للرعاية الصحية، و88 مسجداً و3 كنائس، وأكثر من 60% من المنشآت قد دمرت أو أصيبت ومنها 300 ألف منزل وشقة، وحوالي 85% من السكان اضطروا لمغادرة منازلهم.

وقال: “سكان غزة يطلب منهم أن يتنقلوا نحو الجنوب من دون أدنى مقومات للحياة، وما من مكان في غزة آمن، حيث 88 من ملاجئ الأونروا على الأقل قد أصيبت، فيما قتل أكثر 270 شخصا وأصيب أكثر من 900. الملاجئ مكتظة وغير صحية، والأشخاص يضمدون الجراح النازفة ومئات الأشخاص يقفون في الطوابير لاستخدام مرحاض واحد. العائلات خسرت كل شيء وهي تنام على الأرض وتلبس ملابس لم تبدلها منذ شهرين. عشرات آلاف الفلسطينيين وصلوا إلى رفح في الأيام الأخيرة وأدى ذلك إلى المزيد من الاكتظاظ في الملاجئ، والكثير من الأسر النازحة بما فيها الأطفال والمسنين والنساء الحوامل وذوي الإعاقة ينامون في الشوارع وفي الساحات العامة”.

وتطرق إلى تحذيرات صادرة عن برنامج الأغذية العالمي، تشير إلى وجود خطر حقيقي من وقوع المجاعة في قطاع غزة، حيث 97% من الأسر في شمال غزة لا تأكل بما فيه الكفاية، وفي الجنوب فإن النسبة بين صفوف النازحين تصل إلى 83%.

وأضاف: “نصف سكان الشمال وثلث النازحين في الجنوب يعانون مجاعة حقيقية ومخزون الغذاء لدى برنامج الأغذية العالمي بدأ ينفذ في الشمال، 9 من بين 10 أشخاص قد قضوا يوماً على الأقل بدون غذاء، وآخر مطحنة طحين في قطاع غزة دمرت في الخامس عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي”.

 

الإمارات: الوقف الفوري لإطلاق النار هو الوسيلة الوحيدة لإنهاء المعاناة

وقال نائب المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة محمد عيسى أبو شهاب، إنه بالنسبة للعديد من سكان غزة الذين لم يغادروا القطاع قط، فإن “عالمهم بأكمله يتم تدميره بشكل منهجي أمام أعينهم”.

وذكر أنه يجب على مجلس الأمن أن يتحرك بشأن الأزمة عندما لا يصل سوى القليل من المساعدات ويعجز العاملون في المجال الإنساني عن إيصالها خوفًا من التعرض للقتل.

وأضاف: “على الرغم من الهدنة المؤقتة الأخيرة، إلا أن العنف والخطر على المدنيين لم يهدأ، بل إن هذا الصراع قد انتقل الآن إلى مرحلة جديدة وأكثر خطورة”، مشيرًا إلى أن حصار خان يونس وأجزاء أخرى في جنوب غزة قد أدى إلى تفاقم الوضع”.

وقال أبو شهاب: “لا يوجد فعلياً ملاذ آمن لملايين الأشخاص المحاصرين والمعرضين للهجوم”.

وأكد أن اللجوء إلى المادة 99 في ميثاق الأمم المتحدة يجب أن تكون نقطة تحول في هذا المجال، ويجب التفكير في محنة غزة الفظيعة.

وطالب بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار فهو الوسيلة الوحيدة لإنهاء هذه المعاناة، مشددا على ضرورة الامتثال للقانون الإنساني الدولي.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد حذّر في رسالة غير مسبوقة إلى المجلس من “انهيار كامل وشيك للنظام العام” في قطاع غزة الذي يتعرض لعدوان إسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مشددا على “وجوب إعلان وقف إنساني لإطلاق النار”.

وقال الأمين العام: “مع القصف الإسرائيلي المستمر، ومع عدم وجود ملاجئ أو حد أدنى للبقاء، أتوقع انهيارا كاملا وشيكا للنظام العام بسبب ظروف تدعو إلى اليأس، الأمر الذي يجعل مستحيلا (تقديم) مساعدة إنسانية حتى لو كانت محدودة”.

وأضاف: “قد يصبح الوضع أسوأ مع انتشار أوبئة وزيادة الضغط لتحركات جماعية نحو البلدان المجاورة”.

وأشار إلى أنه في حين أن المساعدات الإنسانية التي تمر عبر معبر رفح “غير كافية، نحن ببساطة غير قادرين على الوصول إلى من يحتاج إلى المساعدات داخل غزة”.

وقال غوتيريش: “قوّضت قدرات الأمم المتحدة وشركائها في المجال الإنساني بنقص التموين ونقص الوقود وانقطاع الاتصالات وتزايد انعدام الأمن”.

وحذّر غوتيريش: “نحن نواجه خطرا كبيرا يتمثل في انهيار النظام الإنساني. الوضع يتدهور بسرعة نحو كارثة قد تكون لها تبعات لا رجعة فيها على الفلسطينيين وعلى السلام والأمن في المنطقة”.

وأضاف: “يتحمّل المجتمع الدولي مسؤولية استخدام نفوذه لمنع تصعيد جديد ووضع حد لهذه الأزمة”، داعيا أعضاء مجلس الأمن إلى “ممارسة الضغط لتجنب حدوث كارثة إنسانية”.

ومنتصف تشرين الثاني/نوفمبر، وبعد رفض أربعة مشاريع قرارات، خرج مجلس الأمن عن صمته في نهاية المطاف وتبنى قرارا دعا فيه الى “هدن وممرات للمساعدات الإنسانية” في قطاع غزة.

ويتكون مجلس الأمن الدولي من 15 دولة، لكل منها صوت واحد، منها خمس دول دائمة العضوية، ولها حق النقض “الفيتو” وهي: روسيا، الصين، فرنسا، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية، و10 دول أعضاء غير دائمة تنتخب لمدة عامين من قبل الجمعية العامة، وهي بالإضافة إلى الإكوادور، البرازيل، ألبانيا، الإمارات العربية المتحدة، سويسرا، موزمبيق، مالطا، اليابان، الغابون، وغانا.

ومجلس الأمن، هو أحد أجهزة الأمم المتحدة الرئيسية الستة، التي تشمل الأمانة العامة والجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية، إضافة إلى مجلس الوصاية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي.

 

  

المحتوى ذو الصلة