[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
على الرغم ممّا أراده الاحتلال الصهيوني النازي من المشاهد النازية التي خلفها بعد انسحابه من مجمّع الشفاء والتي لا ترقى لجرائم الإبادة الجماعية فحسب بل إنّها تفوقها بكثير، وذلك في سياق سعيه المتواصل لـ “كيّ الوعي الفلسطيني” تمهيدًا لتحقيق كافة أهدافه وعلى رأسها تهجير أهل غزة وتفريغها من ساكنيها؛ إلا أنّ كل تلك المساعي وعلى مدار أكثر من ستة أشهر باءت بالفشل.
وبالقدر الذي كانت فيه المشاهد صادمة لما خلفه الاحتلال في مجمع الشفاء ومحيطه من دمارٍ واسعٍ ورائحة موت في كل شبر وكل زاوية، إلا أنّ مشاهد الصمود والدعوة للتجذر في الأرض والتعالي على الآلام وعدم الرضوخ لأهداف العدوّ الصهيوني كانت على ذات القدر المعاكس لأهداف الاحتلال، فمن تحت الرماد والأنقاض والأشلاء التي خلفها وقف رجال غزة وخنساواتها يؤكدون ثباتهم وصمودهم، في رسالة للعالم أجمع الذي أظهر خذلانه المتواصل وصمت أهل القبور على جرائم الاحتلال.
كي الوعي
وفي إطار فهم وحشية الاحتلال ونازيته المتواصلة بحق قطاع غزة بعد ستة أشهر قدم الكاتب والمحلل السياسي الدكتور سعيد الحاج عددًا من النظريات: أولاها محاولة إظهار القوة واسترداد الردع الذي فقدته دولة الاحتلال مع عملية “طوفان الأقصى”، وثانيها: غريزة الانتقام من الفلسطينيين ومقاومتهم، وثالثة الأثافي برأيه: استغلال فرصة غير مسبوقة – من وجهة نظر الاحتلال – لتغيير قواعد اللعبة، وأخيرًا: نظرية التخبط وغياب أي خطة واضحة للعمليات العسكرية.
وقال الحاج في مقالته في – موقع الجزيرة نت – إن معظم هذه الأطر التفسيرية يبدو منطقيًا، وقد يصلح لفهم دوافع الاحتلال لجرائمه بحق الفلسطينيين، لا سيما في الأيام والأسابيع الأولى من العدوان، بيد أننا لا نراها كافية لتفسير استمرار هذه الوحشية والدموية كل هذه الشهور، وبعد انقضاء صدمة اليوم الأول.
ولكنّ الحاج يؤكد أنَّ التصور بأن دولة الاحتلال – ومن يدعمها ويقف معها، بل ويوجهها – ما زالت تعمل وفق ردة الفعل بعد كل هذه المدة من الزمن ودون خطة واضحة على المديين المتوسط والبعيد لا يبدو منطقيًا. إن استمرار الآلة العسكرية “الإسرائيلية” بنفس النهج- رغم الفشل الواضح في تحقيق الأهداف المعلنة – يرجح أن ثمة رؤية ما تحكم السلوك “الإسرائيلي”، مؤخرًا، وستبقى على الأمد المتوسط بالحد الأدنى، كبديل عن الارتجال والفوضى والانتقام، وغيرها مما ساد في الأسابيع الأولى.
ويشدد على أنّ هذه الرؤية هي السعي لكيِّ وعي الفلسطينيين ومن يدعمهم أو يتضامن معهم على المدى البعيد. لقد استخدم الاحتلال سياسات كي الوعي منذ بدايات المشروع الصهيوني على أرض فلسطين، وعلى طول عقود المواجهة مع الثورة الفلسطينية، ثم المقاومة في العقدين الأخيرين، لكنها تبدو اليوم مع “طوفان الأقصى” أكثر وضوحًا وتعمدًا.
حجم الدمار يفوق الخيال
واظهرت صور حصل عليها المركز الفلسطيني للإعلام حجم الدمار الكبير في الجهة الشمالية من محيط مجمع الشفاء الطبي بغزة؛ جراء الحصار المتواصل والعدوان على المنطقة.
كما رصد المكتب الاعلامي الحكومي حجم الدمار الكبير داخل مجمع الشفاء الطبي بعد انسحاب قوات الاحتلال، وما تكشف من تفاصيل مؤلمة وقصص تحرك ضمير الإنسانية الذي ما زال يغفو في سباتٍ عميق.
ووثقت كاميرات الصحفيين والإعلاميين مشاهد جديدة للدمار الذي خلفته قوات الاحتلال في محيط مجمع الشفاء الطبي بغزة.
لماذا مجمّع الشفاء؟
من جانبه يرى الخبير العسكري اللواء فايز الدويري في إجابته على سؤال لماذا مجمع الشفاء، أنّ الأسباب متعددة منها رمزية البناء الذي يزيد عمره الزمني عن عمر دولة الكيان.
ويرى الدويري أنّ استهداف مجمّع الشفاء ما هو إلا محاولة للقضاء على كل مقومات الصمود والحياة، فبعد تنفيذ القتل بالجوع يجب تنفيذ القتل بالحرمان من الرعاية الصحية.
ويؤكد بالقول: أنّ مجمع الشفاء بدأ يعمل كخلية أزمة لإدارة شؤون القاطع الشمالي خاصة السيطرة على توزيع المساعدات وإدارة الشؤون الإدارية في المنطقة مما يتعارض مع رغبة الكيان في إيجاد إدارة بديلة لحماس بالتعاون مع بعض العملاء والتي ظهرت بداياتها في الأيام الأخيرة وتحديداً يوم امس عندما دخل بعض الأفراد التابعين للواء ماجد فرج ، أو محاولة هاليفي في إيجاد قيادات بديلة أخرى من بين عشائر بدو النقب وشرق الضفة كما تشير بعض المصادر.
رسائل الصمود والثبات رغم الدمار والقتل
بدوره قال الإعلامي والمحلل السياسي وضاح خنفر في تعليقه على مشاهد الشفاء المؤلمة بالقول: نعرف ان الصهاينة مجرمون، لكن الذي يتكشف في محرقة مستشفى الشفاء يدل على أنهم قد توحشوا أبعد بكثير من أي تقدير، إنهم يكتبون نهايتهم بأيديهم، هذه الصور وتلك الاجساد المحترقة ستكون وقودا يُشعل نار التحرير.
ورغم الألم والدمار ورائحة الموت التي تفوح في كل مكان، وجهت خنساوات فلسطين من فوق الأنقاض رسائل إلى كل العالم بأنّ شعب غزة صامد ولن يبرح أرضه ومكانه مهما فعل الاحتلال ومهما ارتكب من مجازر، ومهما توحش في نازيته وقتله لابناء الشعب الفلسطيني.
كما دعت خنساوات فلسطين أهل غزة للصمود والثبات في أرضهم وعدم الرضوخ لإرادة الاحتلال التي تسعى لتفريغ المنطقة من سكانها تمهيدا لإحكام سيطرته على قطاع غزة والإمعان في المزيد من إذلال أهلها وقهرهم والسيطرة على حياتهم وتنغيصها.
بدوره يرى اللواء فايز الدويري أنّ الصور التي يتم بثها من مجمع الشفاء وما حوله تبين جزءًا من جرائم جيش الاحتلال في قطاع غزة.
وأكد أنّ جريمة مجمع الشفاء ليست الوحيدة كما أنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في سلسة جرائم عصابات جيش الاحتلال وستكشف الأيام القادمة المزيد من هذه الجرائم.
وقال الدويري: لم يكن لدويلة الاحتلال أن تنفذ تلك الجرائم لولا الغطاء الأمريكي والغربي والتخاذل العربي والإسلامي عن نصرة أبناء جلدتهم (إلا من رحم ربي ) من الطيف العربي المحيط.
وشدد على أنّه لا يمكن للظلم والتجبر أن يستمر مهما طال ليله، فكل الشعوب الناشدة للحرية دفعت أثماناً باهظة في سبيل استرداد حريتها وكرامتها، ودفعت غزة ولا تزال تدفع فاتورة باهظة على طريق التحرير من دماء شعبها.
وقال الدويري: هذه الدماء الطاهرة لن تذهب سدى، وسيبقى السابع من أكتوبر شعلة الحرية والخطوة الأولى على طريق التحرير وزوال الكيان الصهيوني، شاء من شاء وأبى من أبى، نعم فاتورة باهظة يصعب تصورها، لكن الحرية شجرة تروى بالدماء، اللهم نصرك الذي وعدت.
رسائل المحاصرين على جدران الشفاء المدمرة
ورغم انقطاع الاتصالات بين مجمع الشفاء والمحيط الخارجي الذي حاصره الاحتلال النازي، إلا أنّ المحاصرين فيه تركوا رسائل عشق وصمود وشوق لأحبتهم واهلهم، ليؤكدوا أنّ هذا الشعب حيٌ ونابضٌ بالحياة لن ينال الإجرام الصهيوني من عزيمتهم وأملهم وحبهم لأرضهم.
ومن العبارات التي كتبها المحاصرون على جدران مجمع الشفاء الطبي بغزة: “لقد حضنت الموت عشقا، من حصار مجمع الشفاء الطبي لليوم الثامن على التوالي، 25/3/2024”.
كما ترك أطباء مجمع الشفاء رسائل كتبوها على حيطان المشفى تبشر المحاصرين بالفرج والنصر القريب.
انتصار الاحتلال المزعوم
وقال الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة في توصيفه للمشهد: هذا هو الانتصار الذي يتبجّح به قادة الاحتلال منذ أيام، انتصار على عزّل في مُجمّع طبي، تتم تغطيته بسيل من الأكاذيب التافهة.
وتابع بالقول: بالمناسبة.. هُم لم ينسحبوا من المكان رأفة بالناس، بل خوفا من المقاومين من حوله، تماما كما يحدث في مناطق أخرى، حيث يتركون أكثر الأماكن التي اجتاحوها ويكتفون بالحرب عبر الذكاء الاصطناعي (المسيّرات على وجه الخصوص)، بجانب المدفعية البعيدة والطائرات الحربية.
ولفت الزعاترة إلى أنّهم في 2005 فرّوا من القطاع بعد تصاعد الخسائر، وهُم برسم الهروب من جديد، ويبحثون عن وكيل يقبل التبعية؛ مع حرية الاجتياحات السريعة عند اللزوم، تماما كما يحدث في الضفة الغربية، لكن المقاومة ستتواصل، وهي تتواصل في الضفة الغربية، بدليل الشهداء والأسرى والاجتياحات اليومية، فهنا شعب ليس في وارد الاستسلام، وإن خذله حفنة أشقياء يطبّل لهم قوم أكلتهم العصبية الحزبية.
أما الإعلامية الفلسطينية هدى نعيم فقالت تصف المشهد: لم يكن جيش احتلال الذي مر! ، إنما تتار العصر مروا من هنا! جنود قد ضمنوا أنه لن يتحرك أحد ولن يوقفهم أحد وأن كل شيء مستباح!، حرقو مجمع الشفاء الطبي بشكل كامل! قتلو جرحى ودفنوهم مكبلي الأيدي! نبشو القبور! حاصروا الأطفال والنساء والمرضى حتى مات البعض جوعاً ومرضاً!
بدوره على الإعلامي إسلام بدر: بدون اكياس جثث.. رافقت فريق اسعاف الخدمات في مهمة جمع جثامين الشهداء من محيط مستشفى الشفاء.. المشهد كارثي .. رائحة الموت .. الحرب في أفظع تجلياتها.
“فيلم رعب”.. هكذا وصف صحفي يعمل مع “CNN” مشهد مُجمّع الشفاء بعد انسحاب جيش الاحتلال!
وقال خضر الزعنون: “تشعر وكأنه فيلم رعب، لا يمكن أن يكون هذا حقيقيا (..) الجرّافات تجرف جثث الناس في كل مكان حول وداخل فناء المستشفى”.
وأضاف الصحفي: “الكثير من العائلات تبحث عن أحبائها ولا تتمكّن من العثور عليهم. بعضها يُعرف أنهم قُتلوا لكن جثثهم لا تزال مفقودة (..) لقد وجدنا عائلات بأسرها مقتولة وجثثهم متحللة في المنازل المحيطة بالمستشفى”.
وقال إن الأشخاص الذين بقوا على قيد الحياة في المُجمّع كانوا يعانون من سوء التغذية “حيث كان يتم إعطاؤهم زجاجة مياه واحدة يوميا يتقاسمها 6 أشخاص”.
وتابع: “أنظر حولي ولا أًصدّق ما أراه.. هذا يفوق وصف الجريمة”.
“}]]