محللون إسرائيليون: اغتيال العاروري هو رهان على حياة المحتجزين بغزة

 ​   

تل أبيب/PNN- اعتبر جميع المحللين في الصحف الإسرائيلية الصادرة، اليوم الأربعاء، أن اغتيال إسرائيل للقيادي في حركة حماس، صالح العاروري، في بيروت أمس، هو الحدث الأبرز في الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ ثلاثة أشهر. كذلك تساءل جميعهم حول طبيعة ومدى قوة رد حزب الله على اغتيال العاروري في “عقر داره”، الضاحية الجنوبية.

واعتبر المحلل السياسي في “يديعوت أحرونوت”، ناحوم برنياع، أنه حتى لو لم يكن العاروري ضالعا في التخطيط والتنفيذ لهجوم “طوفان الأقصى”، فإن موجة العمليات المسلحة التي نفذتها حماس في الضفة الغربية “مسجلة باسمه”.

وبحسبه، فإن الاغتيال يدل على أن تهديدات مسؤولين إسرائيليين حول استئناف الاغتيالات هي “جدية وقابلة للتنفيذ”، وأن أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، “بات يدرك أنه حتى بعد ضربة 7 أكتوبر، إسرائيل تعرف كيف تدخل إلى بيته، في قلب الضاحية في بيروت”، وأن “هذه اللغة الوحيدة التي يفهمونها في الشرق الأوسط”.

وأشار برنياع إلى “التكلفة مقابل الفائدة” بعد الاغتيال، “فالذي قرر اغتيال العاروري في بيروت افترض أنه سيكون له رد فعل عنيف من جانب حماس وكذلك من جانب حزب الله. ومن بين جميع ردود الفعل المحتملة، تلك المتعلقة بالمخطوفين هي الأكثر إثارة للقلق”

ونفى برنياع تقارير بثتها قنوات تلفزيونية إسرائيلية، أمس، وادعت أن اغتيال العاروري سيزيد احتمالات التوصل إلى صفقة تبادل أسرى. وشدد على أنه “لا أعتقد أن أحدا من صناع القرار في إسرائيل مقتنع بأن الاغتيال سيليّن مواقف السنوار ويدفع صفقة أخرى. فهذه قصص نرويها لأنفسنا. والأرجح أكثر هو أن الاغتيال سيؤخر، وربما يحبط، استمرار المفاوضات”.

وأضاف أنه “بما يتعلق بحياة المخطوفين، فإن أي تأخير من شأنه أن ينطوي على أهمية بالغة، وأي تصفية من شأنها أن تقود إلى تصفية مضادة. وليس مريحا الاعتراف بأن القرار بشأن الاغتيال هو رهان على حياة المخطوفين. والأيام ستظهر إذا كان الرهان مبررا”.

وتابع أن “بإمكان حماس أن تحاول الانتقام بواسطة عمليات مسلحة في الضفة والقدس. وحزب الله سيرد أيضا، عاجلا أم آجلا. وحيّز رد فعله أكبر من حيز حماس. وثمة أمر واحد مؤكد، وهو أن موت العاروري ومساعداه ألحق ضررا بفرع حماس في بيروت في المدى القصير، لكنه لن يغير الواقع”.

وأشار محلل الشؤون الاستخباراتية في الصحيفة نفسها، رونين برغمان، إلى أن إسرائيل كانت ضالعة في اغتيال قائد “فيلق القدس” الإيراني، قاسم سليماني، في العراق، وأنه كان بالإمكان تنفيذ هذا الاغتيال بسهولة في بيروت أو دمشق، “لكنها لم تعمل هناك تحسبا من أن يتواجد إلى جانبه مقاتلون من حزب الله، ومن شأن مقتلهم أن يستدرج حزب الله إلى سلسلة ردود فعل وربما إلى حرب شاملة مع إسرائيل”.

وأضاف أن قائد “فيلق القدس” الذي خلف سليماني، إسماعيل قآني، تعهد لقادة حماس خلال جنازة سليماني بتعزيز التعاون، بما يشمل تزويد أسلحة متطورة لغزة، إلى جانب وسائل تشفير اتصالات وعتاد استخباراتي آخر. “وعلى ما يبدو أن قآني وفى بتعهده، وتلقت إسرائيل النتيجة في 7 أكتوبر”.

واعتبر برغمان باغتيال العاروري أن “إسرائيل أخذت زمام المبادرة، ولديها استعداد لتحمل مخاطر ورغبة بأن تأخذ مجددا القيادة في حرب فعلت إسرائيل خلالها كل شيء باستثناء قيادة الأمور. والاغتيال يثبت أيضا أن لدى إسرائيل معلومات أفضل بكثير حول ما يحدث في طهران وبيروت مما يحدث في غزة”.

وتوقع برغمان أن “الاغتيال قد يؤدي إلى رد فعل سيؤدي بدوره إلى رد فعل مضاد إسرائيلي، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى تصعيد بالغ وإلى فتح جبهة أخرى. لكن بإمكان الاغتيال أيضا أن يشكل تحذيرا وردعا تجاه أعضاء المحور من فتح جبهة كهذه”.

وأفاد برغمان بأن “تقديرات معظم المسؤولين في إسرائيل والولايات المتحدة هي أن نصر الله لن يكون مستعدا لجرّ لبنان كلها إلى دمار كي يتماثل أو يدافع عن حماس التي شنت هجوما ضد إسرائيل من دون إبلاغه. وهناك من يأمل أن العملية في بيروت ستحقق فائدة أخرى وتدفع دولا مثل الولايات المتحدة أو فرنسا، إلى جانب حكومة لبنان، إلى القيام بأي شيء من أجل التوصل لاتفاق سياسي بين إسرائيل وحزب الله، يؤدي إلى انسحاب حزب الله من الحدود ويسمح بعودة السكان (الإسرائيليين) إلى الشمال”.

وبحسبه، فإنه “الآن، عندما يرون ألسنة النيران في قلب بيروت، بالإمكان الحصول على تجسيد بأن إسرائيل ستفعل للبنان ما فعلته لغزة في حالة الحرب”.

وأشار المحلل العسكري في “هآرتس”، عاموس هرئيل، إلى أن اغتيال العاروري يشكل “المرة الأولى في الحرب التي نجحت إسرائيل فيها باستهداف عضو قيادي في حماس. وعلى الأرجح أن الاغتيال سيؤدي إلى رد شديد من جانب حماس، ولكن يتوقع أن يكون هذا الرد من لبنان بالأساس”.

وأضاف أن السؤال المركزي هو كيف سيرد حزب الله. “وكانت لبنان ساحة الاغتيالات، لكن هذا مقرون بخطر تصعيد آخر مع حزب الله… ورغم ذلك، إسرائيل لم تعد تفرق بين حماس الداخل وحماس الخارج، ولا بين المستوى العسكري في الحركة وبين المستوى السياسي”.

وحسب هرئيل، فإن “لدى حماس قدرة معينة، لكن محدودة، لإطلاق قذائف صاروخية من قطاع غزة تجاه وسط إسرائيل. وخطر من نوع آخر، ويوجد فيه تجديد وتأثير محتمل، هو نشاط الحركة من لبنان. وسيضطر نصر الله إلى اتخاذ قرار إذا كان سيوافق على أن تطلق حماس قذائف صاروخية إلى المناطق الواقعة جنوب خط عكا – صفد”.

وتابع أن “العاروري كان حلقة الوصل المركزية من جانب حماس مع الحرس الثوري الإيراني والتقى مع نصر الله أحيانا. ولا يزال لدى المحور الشيعي حساب مفتوح مع إسرائيل بسبب اغتيال الجنرال الإيراني، رضى موسوي، في دمشق الأسبوع الماضي”.

واعتبر المحلل العسكري في “معاريف”، طال ليف رام، أن “السؤال المركزي بعد اغتيال العاروري ليس متعلقا بتأثير الاغتيال على القتال في غزة، وإنما إذا كان الاغتيال سيؤدي إلى رد فعل من جانب حزب الله، وفي هذه الحالة ستنتقل المعركة ضد حزب الله لتصبح الجبهة المركزي في الحرب”.

ووصف العاروري بأنه كان “قائد ذراع حماس العسكري” في الضفة الغربية، وأن له “أهمية خاصة” لأنه “عرف كيف يربط جيدا بين معرفته منذ سنوات طويلة بالضفة الغربية وإسرائيل”، التي قضى في سجونها أكثر من 15 عاما كمعتقل إداري ودون توجيه أي تهمة له، “وبين إنشاء علاقات مع الحرس الثوري الإيراني وحزب الله من أجل تعزيز التعاون”.

  

المحتوى ذو الصلة