معركة طوفان الأقصى.. هل يتخلخل الميزان الدبلوماسي لإسرائيل؟

الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام

في السنوات الأخيرة، بل في الشهور التي سبقت يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول2023، كانت تشعر إسرائيل بنشوة عالية وتفاخر بعلاقات دبلوماسية فتحت من خلالها أبواب دول عديدة حتى كادت أن تتحول إلى الدولة القائد في منطقة الشرق الأوسط.

فما بين إعادة تعزيز العلاقات مع دول كانت تقطع علاقتها بها، إلى توقيع اتفاقيات تطبيع، وصولا لمراحل متقدمة من التماهي في السياسات، أصبحت إسرائيل تمثل الحليف الاستراتيجي بل شريكاً محوريا كاد أن يقودها لإقامة مجموعة من التحالفات الأمنية والاقتصادية والسياسية. لكن اليوم، وبعد مرور شهر على معركة طوفان الأقصى وعدوانها على قطاع غزة، برزت مجموعة من التحولات في هذا المسار على مستويات عدة. فما هي ملامح هذا التخلخل في الميزان الدبلوماسي والعلاقات لها؟

قطع للعلاقات وسحب للسفراء

في 31 أكتوبر/تشرين الأول أعلنت دولة بوليفيا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل احتجاجا على المجازر التي ينفذها الاحتلال في قطاع غزة، وفي خطوة متزامنة استدعت كل من كولومبيا وتشيلي سفيريهما لدى الاحتلال للتشاور بسبب استمرار الحرب، حيث اتهم الرئيس الكولومبي إسرائيل بارتكاب “مذبحة للشعب الفلسطيني”.

وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” فإن نيكاراغوا قد تقدم على ذات الخطوة نتيجة مواقفها التي باتت تظهر ضد ما يجري في قطاع غزة.

وترى صحيفة “إسرائيل هيوم” إلى أن هناك مؤشرات في جميع أنحاء القارة الأمريكية الجنوبية موجة من تغيير أنظمة الحكم نحو اليسار، مما يجعل العلاقات مع إسرائيل محفوفة بالمخاطر، وكذلك في المكسيك وهندوراس وكولومبيا وبوليفيا والإكوادور والبرازيل والأرجنتين وفنزويلا، وهو ما يعني أن هذه الحرب ونتائجها ستعزز هذا التوجه المستقبلي أيضا.

وأعلنت تركيا في 2نوفمبر/تشرين الثاني استدعاء سفيرها لدى إسرائيل، حيث قالت وزارة الخارجية إن هذه الخطوة لعدم استجابة الاحتلال الإسرائيلي لمطالب وقف إطلاق النار ومواصلته الهجمات على المدنيين، وعدم السماح لدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الذي يعاني من كارثة إنسانية.

كما قررت هندوراس في3نوفمبر/تشرين الثاني استدعاء سفيرها لدى إسرائيل، وقالت وزيرة الخارجية، على منصة “إكس” إن هذه الخطوة تأتي “في ظل الوضع الإنساني الخطير الذي يعاني منه السكان المدنيون الفلسطينيون في قطاع غزة”.

كما اتخذت تشيلي نفس الخطوة، واستدعت، سفيرها بسبب ما وصفتها بـ”انتهاكات للقانون الإنساني الدولي” في قطاع غزة. وجاء في بيان لوزارة الخارجية، نقلته رويترز أنها “تدين بشدة وتراقب بقلق بالغ.. هذه العمليات العسكرية”، معتبرة أن العمليات الإسرائيلية بمثابة “عقاب جماعي” للسكان المدنيين في غزة.

وأعلن الأردن، استدعاء سفيره “بشكل فوري” من إسرائيل، وأبلغت إسرائيل بـ”عدم إعادة سفيرها إلى عمّان”، وذلك في ظل استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة. وفي بيان لوزارة الخارجية الأردنية، جاء أن القرار يأتي “تعبيرا عن موقف الأردن الرافض والمدين للحرب الإسرائيلية المستعرة على غزة، والتي تقتل الأبرياء، وتسبب كارثة إنسانية غير مسبوقة”، وأشار البيان إلى أن “عودة السفراء ستكون مرتبطة بوقف إسرائيل حربها على غزة ووقف الكارثة الإنسانية.

بدوره، قال مجلس النواب البحريني، إن السفير الإسرائيلي “غادر المملكة، مقابل عودة سفيرها من إسرائيل”، إضافة إلى “وقف العلاقات الاقتصادية معها”.

وأعلنت جنوب أفريقيا عن استدعائها جميع دبلوماسييها من إسرائيل للتشاور، وذلك بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

انتكاسة للدبلوماسية

ووفقا لتقديرات وسائل الإعلام الإسرائيلية، والباحثين بالسياسات الخارجية والإقليمية فإن استمرار الحرب على قطاع، ستعمل على اتساع دائرة التوتر الدبلوماسي بين الاحتلال الإسرائيلي ومزيد من الدول، كما قدرت أن هذا التوتر قد ينتقل إلى منطقة الشرق الأوسط وحتى مع الدول المطبعة مع الاحتلال الإسرائيلي.

ويظهر تقدير موقف حول الحرب على غزة والدبلوماسية الإسرائيلية وسياستها الخارجية والإقليمية، الصادر عن المعهد الإسرائيلي “ميتفيم” المختص بالسياسات الخارجية لإسرائيل والشرق الأوسط، أن “العلميات الحربية في غزة ليست صراعاً محلياً، وذلك على الرغم من أن القتال يدور في منطقة جغرافية محدودة”.

وبحسب تقدير المعهد فإن السياسية الخارجية الإسرائيلية التي كانت مصدومة لم تأخذ بالحسبان في البداية أن هناك خطراً من أن تتحول الحرب في غزة إلى حرب إقليمية، قد يكون لها تداعيات على علاقات إسرائيل الخارجية حول العالم رغم الدعم الأميركي والأوروبي.

ويقول المعهد إنه من المهم جداً “معرفة وفهم موقف دول المنطقة تجاه الحرب على غزة والقضية الفلسطينية، وفهم اهتمامات وحساسيات وقدرات كل لاعب ذي صلة، ومعرفة الإجراءات المختلفة التي يتخذها كل منهم”.

ولفت إلى أن الحرب على غزة تتطور مع الأحداث المختلفة، بالإضافة إلى المبادئ التوجيهية للسياسة الخارجية الإسرائيلية التي أخذت بالتراجع قبالة مشاهد الحرب التي تأتي من غزة. ويضيف “نهاية ومسألة اليوم التالي للحرب ستتشكل بمشاركة كبيرة مع الولايات المتحدة والجهات الفاعلة الإقليمية ودول عربية، بحيث إن إسرائيل لن تكون صاحبة القول الفصل، وهذا تراجع في سياساتها الخارجية الإقليمية وحتى الدولية”.

 

المحتوى ذو الصلة