ممرّ بحري إلى غزة.. خرق للحصار أم مزيد من إحكامه؟

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

مع تزايد الحديث عن توجه الإدارة الأمريكية لإنشاء ميناء على ساحل غزة، بهدف تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية، خلال الأسابيع المقبلة، وإسهام بعض الدول في هذا المشروع، لاحت في الأفق تساؤلات وتخوفات حول المشروع وأهدافه وما تنطوي عليه من نوايا أمريكية – إسرائيلية، خاصة في ظل تعثر المفاوضات الجارية بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، حول وقف العدوان على غزة.

وتوقعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن يبدء تشغيل ممر المساعدات البحرية بين قبرص وقطاع غزة الأسبوع القادم، وذلك في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه أصدر أوامره للجيش بالبدء بتنفيذ هذا المشروع الذي وافقت عليه إسرائيل، مضيفة أن أول مساعدات غذائية عبر هذا الممر قد تغادر قبرص اليوم الجمعة من ميناء لارنكا في تجربة للأمر.

فكرة المشروع

الخبير الأردني في الشؤون العسكرية والإستراتيجية هشام خريسات صرّح بأن التكلفة الأولية للمشروع تقدر بـ35 مليون دولار ستدفعها الولايات المتحدة، وعمق الغاطس للسفن بالرصيف لن يقل عن 17 مترًا، لاستيعاب جميع سفن المساعدات.

وذكر خريسات أن مساحة الميناء ستكون 6 كيلومترات مربعة لأنه سيضم مشافي عائمة تعالج نحو 2.3 مليون فلسطيني مدني في غزة، بالإضافة لبيوت إيواء عائمة بسفن جنبًا إلى جنب مع المشافي.

وأوضح خريسات أنه سيتم تخصيص ميناء بقبرص مدفوع الأجر من الولايات المتحدة، بحيث تصل السفن إلى موقع الميناء على شاطئ مدينة خان يونس على سواحل غزة، مشيرًا إلى أن المسافة من ميناء قبرص إلى الميناء الأمريكي في غزة تقدر بـ387 كيلومترًا.

ولفت إلى أن السفن ستذهب أولا إلى ميناء إسدود الإسرائيلي ليتم تدقيقها وفحصها ثم ترسل تحت سيطرة البحرية الإسرائيلية والمسيرات إلى القطاع.

طرح قديم

الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 17 عامًا كان يدفع دائمًا إلى فكرة أحقية الفلسطينيين في إيجاد ممرات ومعابر آمنة في البر والبحر، إلا أن الأطروحات جميعها كانت تتعثر برفض إسرائيلي، يحول دون المضي في تنفيذها.

وقبل 10 أعوام طرحت فكرة إنشاء ميناء على شاطئ غزة، لكنها كيان الاحتلال أوقف إتمامها، وفور بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي تم إعادة طرح الموضوع؛ حيث تحرك في هذا الإطار وزير خارجية الاحتلال يسرائيل كاتس، وتوصل إلى اتفاق ومباركة من قبرص واليونان على هذه الخطوة.

تخوفات مراقبين

المقرر الأممي الخاص المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري أعرب عن استنكاره الاقتراح الأمريكي معتبرًا أنه “خبيث”؛ حيث إن الولايات المتحدة تقدم في الوقت نفسه قنابل وذخائر ودعمًا ماليًّا لإسرائيل!.

وقال خلال مؤتمر صحفي في جنيف “للمرة الأولى أسمع أحدًا يقول إننا بحاجة إلى استخدام رصيف بحري. لم يطلب أحد رصيفًا بحريًّا، لا الشعب الفلسطيني ولا المجتمع الإنساني”.

وطالب المسؤول الأممي بفتح المعابر الحدودية بشكل كامل واتخاذ الخطوات اللازمة لضمان الحركة الحرة والآمنة لقوافل المساعدات إلى المدنيين أينما كانوا.

أما الصحفي الفلسطيني عماد الزقوت فكتب عبر حسابه على منصة x إن هناك تخوفات من التحركات الأمريكية على شاطئ غزة وحول ما أعلنه المتحدث باسم البنتاغون أن قوات من الجيش الأمريكي ستأتي بمعدات خاصة لإنشاء ميناء مؤقت، مبينًا أن هذا يعني أن الحرب على غزة ستطول لأشهر قادمة وربما سنوات على اعتبار أن انشاء الميناء سيستمر تشييده أسابيع.

ورأى زقوت أن الميناء سيعزز فصل شمال القطاع عن جنوبه بشكل كبير، متسائلًا: هل الميناء الأمريكي في شاطئ غزة سيكون بديلا عن معبر رفح؟ وما هو موقف مصر من ذلك؟.

ورأى الصحفي الفلسطيني أن الولايات المتحدة الأمريكية تستغل الوضع الإنساني في شمال غزة لفرض واقع جديد لا نعرف ملامحه حتى الآن.

بديلاً عن معبر رفح؟

الصحفي المصري مصطفى بكري اعتبر أن إنشاء هذا الميناء يستهدف النيل من الدور المصري تجاه القضية الفلسطينية، ويحاول “شيطنته”، مؤكدًا أن فيه رساله “إساءة لمصر والزعم أنها هي المسئوله عن عدم دخول المساعدات إلي غزه وليس إسرائيل، ألم يقل بايدن هذا الكلام قبل ذلك؟”، حسب ما قال.

وأكد بكري أن إسرائيل كانت ولا زالت تقف عقبه أمام مئات السيارات المحمله بالمساعدات والتي تقف في رفح المصريه.

ويعد معبر رفح المنفذ الوحيد لغزة مع العالم الخارجي، وخاصة في مسألة دخول المساعدات الإنسانية إليه خلال هذه الحرب التي قيدت فيها إسرائيل دخول المساعدات للقطاع، وهو ما يهدد بحدوث مجاعة خاصة في مناطق الشمال.

وبعد الحصار الذي فرضته إسرائيل على غزة منذ عام 2007، أغلقت جميع معابر قطاع غزة، ما عدا معبري رفح وبيت حانون اللذين خصصا لتنقل الأفراد، ومعبر كرم أبو سالم الذي خصص لنقل البضائع.

ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، تتكدس شاحنات المساعدات عند معبر رفح البري، في ظل اتهامات متبادلة بين السلطات المصرية والاحتلال الإسرائيلي؛ حيث تعلن مصر دائمًا بأن المعبر مفتوح، وأن دخول المساعدات يتطلب تنسيقًا بينها وبين إسرائيل تجنبًا لقصفها، بينما أعلن مسؤولون إسرائيليون في عدة تصريحات، كان أبرزها ما صرح به الممثل القانوني لكيان الاحتلال أمام محكمة العدل الدولية بأن مصر هي المسؤولة الوحيدة عن معبر رفح، وأن إسرائيل لم تتدخل بهذا الشأن.

وإذ أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن بدء تنفيذ مشروع الممر البحري، طُرحت تساؤلات عن انعكاس هذه الخطوة على دور معبر رفح البري؛ حيث يرى مراقبون أنها تنطوي على إقصاء معبر رفح بشكل كامل، في ظل مزاعم إسرائيلية دائمة بأنه منفذ لإدخال السلاح إلى المقاومة!.

أحقية فلسطينية

تخترق هذه المخاوف من المشروع، فكرة الأحقية الفلسطينية في وجود معابر برية وبحرية آمنة لا تخضع لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي؛ حيث يعاني سكان قطاع غزة من حصار مستمر منذ عام 2007 لا يجدون -بسببه- سبيلا إلى حرية التنقل والتجارة والصيد، ما حوّل القطاع إلى بقعة متكدسة مختنقة، لا يراها العالم، ولا يُسمح لها أن تراه.

وعلى الرغم من الحاجة المًلحّة لأهالي قطاع غزة إلى اختراق هذا الحصار بكافة الطرق المشروعة، ومن بينها فتح معبر رفح وحتى إنشاء ممر بحري يسهم في إعادة مظاهر الحياة في القطاع، إلا أن مصدر التخوفات يأتي من أن الفكرة أمريكية في الأساس، وهي بالتنسيق أيضًا مع كيان الاحتلال الإسرائيلي؛ حيث إنهما شريكان في حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة منذ ما يزيد على 5 أشهر، وهو ما يلقي بظلاله على دوافع فكرة المشروع في ظل هذا العداء الشديد الذي يعلنه الشريكان (أمريكا وإسرائيل) تجاه غزة وأهلها!.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة