هكذا برهنت معركة جباليا على عمق الأزمة والهزيمة لدى الاحتلال

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

المعركة في مخيم جباليا تحتدم وتُسطَّرُ كواحدة من ملاحم الاستبسال الفلسطيني ضد آلة البطش الصهيونية؛ حيث يخرج المقاتلون من بين الركام والأزقة لصب نار الغضب على دبابات الاحتلال وجنوده المهزومين.

وبثت كتائب القسام مشاهد لالتحام مقاتليها مع آليات الاحتلال تبعث على الفخر والاعتزاز بأداء أسطوري لمقاتلي المقاومة الفلسطينية بعد ثمانية اشهر من الحرب.

وأعلنت “القسام” اليوم الأربعاء مقتل 12 جنديا إسرائيليا في عملية مركبة قام بها المجاهدون في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، مؤكدة الاشتباك مع قوة إسرائيلية.

وأفادت بأنها فجرت عبوة شواظ في دبابة ميركافا بمخيم جباليا، واستهدفت جرافة عسكرية بقذيفة “الياسين 105” وقوة إسرائيلية تحصنت داخل منزل في جباليا، كما اشتبكت مع قوة إسرائيلية، مؤكدة أن الاحتلال سحب معداته المدمرة بغطاء جوي بعد مقتل الجنود في جباليا.

وأضافت الكتائب أنها سيطرت على مسيّرة إسرائيلية غرب المخيم، وأفادت بأنها استهدفت جرافة عسكرية إسرائيلية من نوع “دي 9” بقذيفة الياسين 105 على مفترق الترنس، كما قالت إنها أسقطت قذيفة مضادة للأفراد من طائرة مسيّرة على مجموعة جنود شرق المخيم.

من جانبها، أكدت مصادر محلية وقوع اشتباكات عنيفة بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال في مخيم جباليا، الذي أعلن الجيش الإسرائيلي العودة إليه قبل أيام.

أكثر خبرة

وفي السياق كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية، أن ضباط جيش الاحتلال الذين عادوا إلى جباليا يأملون ألّا يعودوا إلى هناك مجددًا، مؤكدين أن قوات حماس المقاتلة هناك باتت أكثر خبرة.

وكتبت الصحيفة، نقلاً عن ضباط الاحتلال، أنه بعد 7 أشهر من الحرب، و4 أشهر على إعلان الجيش عن تفكيكه كتائب حماس في شمال قطاع غزة، فإن مقاتلي حماس أصبحوا أكثر خبرة.

وقال أحد الضباط: “نرى أنهم غيروا تكتيكاتهم ويركّزون أكثر على تفخيخ المباني، فيما يشكو العديد من جنود الاحتياط من استدعائهم بموجب أمر تجنيد غير محدد من الناحية الزمنية”.

وفي ذكرى النكبة، اضطرت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي المتواجدة في منطقة جباليا بشمال قطاع غزة، إلى مشاهدة وابل من الصواريخ التي تم إطلاقها باتجاه عسقلان، بدلاً من متابعة العرض العسكري التقليدي لسلاح الجو.

وقال قائد سرية في الكتيبة 196: “من المحبط أن نرى هذا بعد سبعة أشهر ونصف من بدء الحرب، لكن يبدو أننا بحاجة أيضًا إلى العودة والبحث عن كل منصة إطلاق صواريخ”.

ونقلت الصحيفة عن ذات الضابط أن معظم الجنود يتجنبون التطرق إلى المسائل السياسية المتعلقة بسبب عودتهم إلى جباليا، خاصة أولئك الذين في الخدمة النظامية والضباط الدائمين الذين يشعرون أنهم عادوا إلى نقطة البداية وكأن شيئًا لم يكن.

ووفقًا لتقرير الصحيفة، قبل أكثر من أربعة أشهر، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن تفكيك كتائب حماس في شمال قطاع غزة. ومع ذلك، عادت هذا الأسبوع ألوية كاملة من الجيش لتنفيذ عمليات في منطقة جباليا، بالإضافة إلى تخصيص ألوية للمشاركة في العمليات الجارية في مدينة رفح، وتم استدعاء جنود من خدمة الاحتياط للمرة الثانية للخدمة في الحرب الحالية، كما تم إيقاف دورات تأهيل القادة لتعزيز تلك القوات.

وعلق على ذلك قائد الكتيبة 196، المقدم يعيلي كورنفيلد قائلًا: “لقد عدنا إلى المكان الذي تسعى حماس لاستعادة السيطرة عليه، وهو منطقة تشهد أعمالًا حربية بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ حيث يتواجد هنا مسلحون لم يتمكّن الجيش من تحييدهم، وآخرون فروا وعادوا”، حسب قوله.

وأضاف أنّه خلال العملية البرية التي بدأت في أكتوبر، استولى جيش الاحتلال الإسرائيلي على أجزاء من جباليا، لكنه لم يتمكن من تأمين كافة مناطقها.

وقال كورنفيلد إنّ الجميع هذه المرة أصبحوا أكثر استعدادًا: “إذا كان يتوجب علينا في السابق، تدريب أطقم الدبابات ودفعهم لتخيّل طبيعة ساحة المعركة فلا داعي لذلك الآن، أولئك الذين يأتون للقتال للمرة الثانية لديهم أفضلية، ولكن هذا ينطبق أيضًا على حماس.. نحن نخوض سباق في التعلم والمنافسة مع حماس.. إننا نرى أنّهم غيروا تكتيكاتهم ويركزون أكثر على تفخيخ على المباني”.

وأشار كورنفيلد إلى درسين رئيسيين يمكن استخلاصهما من العمليات الحالية لجيش الاحتلال في جباليا وأماكن أخرى في شمال قطاع غزة، موضحًا أن الدرس الأول يتمثّل في أن الجيش لم يقم بتقييم مدى الضرر الحقيقي الذي لحق بالبنية التحتية العسكرية التابعة لحماس في قطاع غزة، أما الدرس الثاني، فهو عندما غادرت قوات الاحتلال المنطقة، سارعت حماس إلى التعافي وإعادة بناء نفسها في الفراغ الناشئ، وذلك يرجع جزئيًّا إلى عدم وجود استراتيجية سياسية تعنى بمرحلة “اليوم التالي”، بحسب تعبيره.

العودة

كما كان الجيش الإسرائيلي قد أكد أن قوات حماس قد تم سحقها، مما يدل على أنها، بدلا من ذلك، تحاول إعادة هيكلة نفسها على أساس الكتائب المفككة، وفقا لما نقله الكاتب عن المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ديفيد ريجوليت روز، الذي يعتقد كذلك أن “الجناح العسكري لحماس أعاد الانتشار في مناطق في الشمال، ويبدو أن بعض البنى التحتية تحت الأرض لا تزال تربط بعض مناطق القطاع ببعضها”.

لكن كيف يمكن تفسير عودة حماس إلى هذه المنطقة التي كان الجيش الإسرائيلي يعتقد أنها آمنة تماما إلى حد سحب جزء من قواته منها؟ يتساءل الكاتب.

هذا ما فسره للصحيفة العقيد الفرنسي المتقاعد ميشيل غويا بالقول: “على مدى 20 عاما، كانت العقيدة الإسرائيلية تقوم على عدم التورط في ساحات الحرب البرية، وهذه المنطقة في الواقع لا تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي، وتتمتع حماس فيها بقدر معين من حرية التنقل”.

أما الضابط الفرنسي السابق غيوم أنسيل، فيقول: “رغم أن الجيش الإسرائيلي دمّر البنية التحتية الظاهرة لحماس، فإن لهذه الحركة جيشًا في الظل.. إنهم يتحركون عبر الأنفاق ولديهم مخابئ، ولا يمكن تمييزهم؛ إذ لا يرتدون الزي العسكري، بل هم مدنيون يحملون السلاح في أوقات معينة، وليس لديهم دبابات ولا كتائب ولا مقرات”.

وتساءل الكاتب: “هل القضاء على هذه الجماعة المسلحة ممكن أصلًا؟، خصوصا أنها تبدو مصممة على البقاء رغم القضاء على قادتها وجزء كبير من مقاتليها!”.

وهنا ينقل الكاتب عن أنسيل قوله: “حماس عبارة عن مجرة من العشائر العائلية غير المنظمة، وحتى مع خسارتها آلاف الرجال، فهي قادرة على التجنيد بسرعة كبيرة”، مضيفا “بإمكاننا تدمير بنية سياسية عسكرية، لكن من الصعب القضاء على أيديولوجية”، وفقا لهذا الخبير.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة