هكذا فشلت “دبلوماسية الإغاثة” بكسر مقاربة التواطؤ والانحياز الأمريكي لإسرائيل

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

بعد 175 يومًا من العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة بضوء أخضر أوروبيٍ وأمريكيٍ، تواصل الدبلوماسية العربية والنظام الرسمي العربي إخفاقه في توظيف أيٍ من أدواته الدبلوماسية وأوراقه الضاغطة، لكبح العدوان المتواصل، ساعيًا لتغطية “عورة العجز” عبر “دبلوماسية الإغاثة” التي ثبت فشلها ولم تسمن أهل غزة ولم تغنهم من جوع، وفقًا لمراقبين.

وفي الأثناء وعلى الرغم من قرارات محكمة العدل الدولية بإدخال المساعدات الإنسانية لغزة وقرار مجلس الأمن القاضي بوقف إطلاق النار في غزة، أكدت أمريكا أنّه قرارٌ غير ملزمٍ لإسرائيل، وواصلت بكل غطرسة إمدادها بالسلاح والقنابل والصواريخ والطائرات وبمليارات الطائرات، فيما يغلق أصحاب الواجب من العرب كل سبل إسناد غزة في موقف لا يمكن فهمه سوى في سياقات العجز المتواصل الذي أصبح للتواطؤ في الجريمة أقرب.

ويرى مراقبون أنّ المؤشرات والتحركات والمناورات السياسية والتصريحات الامريكية والمواقف العربية والاسلامية الرسمية البائسة، توحي بأن الحرب على قطاع غزة ستمتد أشهراً ستة أخرى، الأمر الذي من شأنه أن يدفع الأمور لسياقاتٍ أخرى واستعداداتٍ لحرب استنزافٍ طويلةٍ، ستتواصل خلالها معاناة غزة.

وفي ظل هذا الواقع المزري، يؤكد كتابٌ ومحللون سياسيون ضرورة تحرك الساحات العربية رسميا وشعبيًا على نطاقٍ أوسع، لا سيما وأن “هذه معركة وإن كان مركزها في قطاع غزة، إلا أن ساحاتها التي ينبغي أن تخاض فيها مختلفة ومتعددة”.

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة “واشنطن بوست”، الجمعة، عن موافقة الإدارة الأميركية على “تقديم المزيد من القنابل والطائرات الحربية لإسرائيل”.

وقالت الصحيفة، إن “إدارة الرئيس بايدن، سمحت خلال الأيام الأخيرة بتزويد إسرائيل بقنابل وطائرات مقاتلة بمليارات الدولارات”.

وأضافت أن “الحزمة الجديدة تشمل أكثر من 1800 قنبلة من طراز MK84”.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن ” وزارة الخارجية سمحت بنقل 25 طائرة F-35A، ومحركات بقيمة 2.5 مليار دولار إلى إسرائيل”.

من جانبه يرى الكاتب والمحلل السياسي حازم عياد أنّ المؤشرات والتحركات والمناورات السياسية والتصريحات الامريكية والمواقف العربية والاسلامية الرسمية البائسة، توحي بأن الحرب على قطاع غزة ستمتد أشهراً ستة اخرى من منظور اميركي واسرائيلي.

ويؤكد في مقالة له أنّ ما سبق “يعني ضرورة الاستعداد لحرب استنزاف طويلة وممتدة في المنطقة والاقليم ما لم نشهد مفاجآت على الجانب الآخر تدفعه لوقف الحرب، والمسارعة للوصول الى اتفاق وقف اطلاق نار، الامر الذي يبدو مستبعدا خلال الاسابيع والشهرين المقبلين على الاقل في حدهما الأدنى”.

أما الكاتب والمحلل السياسي أسامة أبو ارشيد، فيؤكد في مقالة له، انّه لا سبيل لتغيير مقاربة التواطؤ والانحياز الأميركي لإسرائيل، وبالتالي، السلوك الإجرامي لها، سوى بإدراك أن هذه معركة وإن كان مركزها في قطاع غزة، إلا أن ساحاتها التي ينبغي أن تخاض فيها مختلفة ومتعددة. بغير ذلك ستباد غزّة عن بكرة أبيها، وسيخسر الفلسطينيون والعرب والمسلمون معركة مصيرية.

ويتابع أبو ارشيد بالقول: لا بد أن تدرك واشنطن أن ثمَّة كلفاً استراتيجية باهظة لدعمها الأعمى واللامحدود للجرائم الإسرائيلية في قطاع غزّة، وينطبق الأمر على حسابات بايدن السياسية والانتخابية.

ويستدرك: لا يعنينا هنا ما إذا كانت إدارة بايدن فقدت السيطرة فعلياً على حكومة بنيامين نتنياهو، فحتى إذا كان هذا التوصيف صحيحاً، فإنه ليس جرّاء افتقاد القدرة والأدوات على كبح جماح إسرائيل ولجمها، بقدر ما أنه نتيجة تواطؤٍ وانحياز مؤسّسي أميركي وعاطفي، وكذلك حسابات سياسية وانتخابية مجتزأة لبايدن.

ويشدد أبو ارشيد على أنه ينبغي أن يتغيّر هذا كله في الساحات المختلفة، وبوسائل تناسب كل ساحة. هذه ليست دعوة إلى العنف، وأنا لستُ في موقع المقرّر للحركات المسلحة في المنطقة، ولكنها دعوة إلى تفعيل الأدوات الرسمية والشعبية السلمية، وإذا لم تكن المواقف الرسمية، العربية والإسلامية، راغبة في تفعيل دورها، فحينها ليس أقلَّ من إكراهها شعبيّاً.

وينوه إلى أنّه “إذا لم يكن ما يجري من جرائم فظيعة في قطاع غزّة هو جرس الإنذار لتحفيزنا، فمتى نستيقظ وننفض عن أنفسنا غبار الاستكانة والخنوع؟”

ويحذر من أنّ هذه معركة مصيرية ووجودية، ليس لنا نحن الفلسطينيين فحسب، بل نحن عرباً ومسلمين وشعوباً وأمماً مقهورة. إنها اختبار لإنسانيتنا.

ويضيف أبو ارشيد بالقول: القوى الإمبريالية (وأستخدم المصطلح تقنياً هنا لا إيديولوجياً) لا ترى في دمائنا وأرواحنا، نحن، عالم الجنوب المنكوب بهم ما يستحقّ الاعتبار والكرامة. وهم لن يحترمونا إلا مرغمين كارهين.

ويلفت إلى أنّ هذا ما أدركناه كناشطين من أجل الحقوق الفلسطينية في أميركا. لم تبدأ مواقف بايدن، ونائبته كاميلا هاريس، وزعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي، تشاك شومر، تتغير بشكل تدريجي وبطيء نتيجة صحوة ضمير مفاجئة، بل نتيجة إدراكهم أن دعمهم حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزّة سيكون له ثمن باهظ سياسياً.

ويختم بالقول: إنه صراع عزائم وإرادات، وليس صراع قوى مجرّدة فحسب. وإذا لم نفهم ذلك ونتحرّك بفعالية وتأثير في كثير من الساحات وَنُغَيِّرَ كثيراً من المعادلات، بما فيها قلب الطاولات إن تطلب الأمر، فإننا نخاطر بأن نُباد جميعاً، وليس في قطاع غزّة فحسب.

أما الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي، فيقرأ المشهد من زاويته بالقول: لم يكن يخطر ببال المقاومة الفلسطينية وهي تخرج إلى عملية السابع من أكتوبر 2023، بأن العواصم الشقيقة ستُجرد الجيوش والحملات العسكرية نصرة لها ولأهلها في فلسطين وغزة، بيد أنها بالتأكيد لم تكن تتوقع أن يكون النظام الرسمي العربي قد بلغ هذا المبلغ من الضعف والهوان، والذي لامس في بعض الأحيان، ومن قبل بعض العواصم العربية، حد التماهي مع أهداف الحرب الصهيونية على غزة وأهلها ومقاومتها.

وينوه الرنتاوي بالقول: كان يمكن الافتراض بأن بلوغ الحرب مرحلة “التطهير العرقي” و”الإبادة الجماعية”، سيكون كفيلاً بتحريك الساكن في المواقف العربية، دون “المجازفة” بدخول حرب على “توقيت المقاومة”، أو “المقامرة” بفتح الحدود لإمدادات السلاح والذخائر للقطاع المحاصر، أسوة بما فعلته عواصم غربية، دفعت بأساطيلها إلى شرق المتوسط، وشيّدت جسوراً جوية وبحرية، وفتحت أبواب خزائنها لحكومة الحرب الإسرائيلية الأكثر تطرفاً.

ويلفت في مقالة له إلى أنّه كان يمكن تخيّل سيناريو تستنفذ فيه الحكومات العربية أدواتها الدبلوماسية، وتفعّل أوراق القوة التي بحوزتها، أقله لوقف شلال الدم الفلسطيني، والحيلولة دون إمّحاء مدن غزة وبلداتها وساكنيها عن الخريطة.

ويختم بالقول: إن النظام الرسمي العربي، المعني – نظرياً – أكثر من غيره بمجريات الحال في غزة وفلسطين، أخفق في توظيف أدواته الدبلوماسية وأوراقه الضاغطة، لوقف حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي…وحين لجأ هذا النظام، إلى “دبلوماسية الإغاثة” بديلاً عن “الإغاثة بالدبلوماسية”، أخفق مرة ثانية، في مد شريان حياة حقيقي لأزيد من مليوني فلسطيني محاصر بالجوع والمرض، ضع جانباً الخراب والتدمير الناجم عن إسقاط ما يعادل ستة قنابل نووية (من وزن قنبلة هيروشيما) فوق رؤوس أطفاله ونسائه.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة