غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
أفصحت العملية البرية التي أطلقتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة، عن دقة تحذيرات متخصصين عسكريين إسرائيليين وغربيين من خطورة الاجتياح البري لغزة على جيش الاحتلال.
اعتراف جيش الاحتلال بوقوع قتلى بين جنوده في العملية البرية يؤكد أن قواته تواجه تحدياً كبيراً في غزة، هذا في حال النظر إلى ما يصدر عن جيش الاحتلال بعيداً عن بيانات فلسطينية تؤكد أن خسائر “إسرائيل” أكبر من ذلك بكثير.
الثلاثاء الماضي، أعلن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنجبي، انطلاق “المرحلة الثالثة” في حرب غزة، وتستهدف شمالي القطاع، وتتمثل في “ضرب كل أنظمة العدو بقوة ودقة، من البر والبحر والجو، عبر معلومات استخباراتية”، بحسب تعبيره، ووفق ما نشر موقع الخليج أونلاين.
وذكر هنجبي أن المرحلة الأولى كانت تشمل احتواء هجوم حركة حماس، وتأمين جنوب الأراضي المحتلة.
هنجبي وصف المرحلة الثالثة بأنها “صعبة، وتتطلب قتالاً مكثفاً”، مضيفاً: “لا يوجد قتال دون ثمن موجع”.
وأوضح أن “تركيز الجيش الإسرائيلي ينصب حالياً على قتال مسلحي حركة حماس في شمال غزة”، مشيراً إلى أن هذا التركيز سيتحول إلى الجزء الجنوبي من القطاع في مرحلة لاحقة.
وبحسب ما تفيد كتائب القسام فإن القوات الإسرائيلية تتوغل في محور شمال القطاع وصولاً إلى منطقة “الكرامة” على تخوم مدينة غزة من الجهة الشمالية الغربية، وببلدة بيت حانون من الجانب الشمالي الشرقي.
وهذه المناطق عبارة عن أراض زراعية خالية من السكان، أو مناطق سكنية كانت قد دمرتها الطائرات والمدفعية والبوارج الحربية الإسرائيلية خلال الأيام الماضية من الحرب المتواصلة منذ 7 أكتوبر الماضي.
قتلى جيش الاحتلال بازدياد
وأمس الأربعاء، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتل 15 جندياً خلال هجومه على قطاع غزة، وبذلك يرتفع الإجمالي منذ انطلاق المرحلة الثالثة من المعركة إلى 17، وإجمالي قتلى جيش الاحتلال منذ 7 أكتوبر الماضي إلى 331 قتيلاً.
كذلك أعلن الجيش الإسرائيلي إصابة 4 جنود بجروح خطيرة، وقال إن جنديين من الكتيبة 77 وثالث من كتيبة تسابار وجندي آخر من كتيبة روتم أصيبوا بجروح خطيرة، بحسب صحيفة “جيروزليم بوست” الإسرائيلية الناطقة بالإنجليزية.
الصحيفة ذكرت أن القتلى والجرحى في صفوف جيش الاحتلال سقطوا من جراء هجوم بواسطة صاروخ مضاد للدبابات.
وتؤكد فصائل المقاومة الفلسطينية أنها توجه ضربات متواصلة لقوات الاحتلال توقع خسائر كبيرة بين صفوفهم، ويؤكدون أيضاً أن “جيش الاحتلال لا يذكر إلا بعضاً من خسائره”.
عدم الإفصاح عن الخسائر الحقيقية من القتلى والمصابين والأضرار المادية الأخرى، من الآليات والدبابات والمواقع العسكرية، ليس جديداً في سلوك جيش الاحتلال؛ وذلك له أسباب عدة، أبرزها الحفاظ على الروح المعنوية لجنوده وللإسرائيليين عامة.
على خلاف ذلك يفصح الفلسطينيون عن خسائرهم دون نقص؛ حيث يفضح ذلك بشاعة الجرائم الإسرائيلية بحق المدنيين العزل.
هجمات مباغتة
كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة “حماس”، ووفق ما تنشره من بيانات ومعلومات مستمرة، تؤكد أن ما يجري على أرض الواقع ليس ببعيد عن توقعات الخبراء الذين نصحوا “إسرائيل” بعدم التورط في حرب برية على غزة.
بحسب متابعة “الخليج أونلاين” لحساب كتائب القسام على منصة التليغرام، أمس الأربعاء، يتبين أن المقاتلين الفلسطينيين يعتمدون عنصر المفاجأة والمباغتة لشن هجمات على قوات الاحتلال في أطراف غزة.
إذ قالت “القسام” إن مقاتليها تمكنوا من تدمير 4 آليات ودبابة إسرائيلية بقذائف “الياسين 105″، والإجهاز على قوة راجلة متمركزة داخل أحد المباني في بيت حانون.
كما أطلقت أيضاً مسيَّرتَي “زواري” انتحاريتين؛ واحدة باتجاه تجمع للآليات المتوغلة غرب مدينة النور في محور جنوب غزة، والثانية استهدفت موقع “مارس” العسكري، وباغتوا كذلك قوة راجلة إسرائيلية غرب “إيرز” من خلف الخطوط وقتلوا 3 جنود من مسافة صفر.
وأشارت القسام إلى أن “مقاتليها التحموا وما زالوا مع قوة إسرائيلية متوغلة في بيت حانون، بعد مباغتتها من خلف الخطوط واشتبكوا معها بمختلف أنواع الأسلحة”.
يبدو من خلال تحليل هذه الهجمات أن المقاتلين الفلسطينيين يستخدمون الأنفاق السرية، والكمائن المعدة سلفاً لتوجيه ضربات موجعة لقوات الاحتلال، وها ما حذر منه المختصون العسكريون، ومنهم إسرائيليون.
ما مدى تحمل الإسرائيليين للخسائر؟
مع تطور الحرب في غزة واستمرار عملية الهجوم البري الذي يبدو أن قوات الاحتلال تواجه فيه صعوبة كبيرة، يبقى السؤال الأهم هنا: هل تحتمل “إسرائيل” خسائر عسكرية بشرية كبيرة؟
يرى المحلل السياسي إبراهيم ريحان، في حديث لـ”الخليج أونلاين”، أن جيش الاحتلال منذ أن قطع الإنترنت والاتصالات عن القطاع، يواجه قتالاً شرساً من حماس وبقية الفصائل”.
يقول ريحان إن “الإسرائيليين تفاجؤوا بالقتال بعد أيام من الغارات الجوية غير المسبوقة، والقنابل التي تستهدف الإنفاق”.
في حرب المدن – والحديث لريحان – تمتلك حماس الأفضلية؛ “بسبب ممارسة حرب العصابات، وواضح أنها تستدرج الجيش الإسرائيلي إلى الشوارع الضيقة، حيث يحيّد سلاح الجو عن المعركة، وبذلك تفقد إسرائيل تفوقها في هذه المرحلة”.
زيادة عدد الخسائر البشرية وفي سلاح المدرعات داخل جيش الاحتلال يعدّه المحلل السياسي إبراهيم ريحان “سيفاً ذا حدّين؛ الحد الأول هو أن يرتد سلباً على المزاج العام الإسرائيلي ويزيد الضغط نحو وقف إطلاق النار”.
ويقول في هذا الصدد: “يثبت التاريخ أن إسرائيل لا تتحمل خسائر بشرية، وهذا كان واقعاً في اجتياح 1982 في لبنان وفي حرب 2006، حيث دفعتها الخسائر البشرية للانسحاب من العاصمة بيروت بعد دخولها بـ 3 أيام، والقبول بوقف إطلاق النار بعد الخسائر الكبيرة التي منيت بها في ما عرف بمجزرة الميركافا، حيث خسرت ما يزيد على 30 دبابة وأكثر من 40 جندياً”.
أما الحدّ الثاني، يقول ريحان، فأن الضربة التي تلقتها “إسرائيل” في طوفان الأقصى “رفعت غريزة الانتقام عند المجتمع الإسرائيلي، ومن ثم قد ينعكس ارتفاع الخسائر إصراراً على زيادة القتل والانتقام في قطاع غزة”.
ويستدرك ريحان: “لكن ما ينبغي الالتفات إليه هو الضرر الاقتصادي والاجتماعي على المستوطنين، ونزوح مئات الآلاف منهم على حدود غزة ولبنان، وهذا ما من شأنه أن يزيد الكلفة والضغط الداخلي في “إسرائيل”، بالإضافة إلى سلامة الأسرى من العسكريين والمستوطنين داخل القطاع”.