لماذا يسعى العدوّ الصهيوني لتدمير مساجد غزة وإسكات مآذنها؟

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

يصب جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء عدوانه الغاشم على قطاع غزة جام غضبه وحقده على المساجد ويستهدفها بالصواريخ المدمّرة ليسوّيها في الأرض متجاهلاً كل الاعتبارات الإنسانية والحقوقية والدينية التي كفلتها المواثيق الدولية بحرمة استهداف بيوت العبادة والرموز الدينية، وربما ليس هذا بمستغرب، فمن يستبيح دماء الآلاف من الأبرياء بلا رادعٍ من أخلاق ولا قيم، فكيف له أن يحترم بيوت الله بأسقفها وجدرانها ومآذنها، لكنّ السؤال لماذا يقدم الاحتلال على هذا الاستهداف بشكلٍ متعمّد.

يرى أستاذ الشريعة الإسلامية الدكتور أحمد الشحروري، في إجابته على التساؤل الذي وجهه له المركز الفلسطيني للإعلام، أنّ ما أقدم عليه العدوّ الصهيوني من استهدافٍ للمساجد، يلخص حكاية خوف أعداء الإسلام من هذه المساجد، مشددًا في الوقت ذاته على أنّ الحملة الحاقدة على المساجد قديمة، وهي حملةٌ غربيةٌ صليبيةٌ تلموديةٌ بامتياز.

◾منذ أكثر من شهرين ونصف لم يرفع الأذان من مساجد شمال غزة عقب تدميرها من قبل غارات الاحتلال pic.twitter.com/OHF7P9Qf6e

— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) January 12, 2024

ويلفت الشحروري للقول: إنّ عدونا يعرف دور المسجد، ويعلم أنّ الذي ربى كوادر المقاومة هو المسجد، وعدونا يعلم أن الذي يحافظ على صلوات الجماعة في المسجد هو الذي يحمل همّ أمّته وهو الذي يفهم، والفهم أسوأ سلاحٍ بالنسبة لهم يوجه لصدورهم في حسابهم.

وينوه إلى أنّ “الإمعان في استهداف المساجد بإزالتها وتدميرها هو عملٌ مباشرٌ في تخريب دور المسجد.”

ويتابع بالقول: لقد سعى أعداؤنا لتدمير دور المسجد في الحياة المدنية، ولذلك كمموا الأفواه ووضعوا القوانين التي تمنع الخطباء من قول ما يريدون وتمنع الواعظ أن يعظ إلا بإذن مسبق من الحكومات والدول، وهي مأمورة من عدوها ولا تملك إلا أن تسمع وتطيع.

ويستدرك: “هذه الخطورة التي حذرنا منها مرارًا ومنذ سنوات ونحن نتحدث عن دور المسجد في النكاية في العدوّ، لذلك يريد العدوّ أن يغلق مساجدنا وأن يجعلها تقتصر على أداء الطقوس الجامدة التي لا روح فيها، وهو اليوم يغلق المسجد حسًا ومعنى، ماديًا ومعنويًا، ويتقصد المسجد كما يتقصد المدرسة كما يتقصد المستشفى.”

ويتعمّق الشحروري في قراءته للاستهدافات الصهيونية للرموز السابقة فيقول: هو يتقصد علاج الروح، ويتقصد علاج الجسد، فعلاج الروح يكون في المسجد والمدرسة، وهو هدم المسجد كما هدم المدرسة، وعلاج الجسد يتمثل في المستشفيات فهدم المستشفيات.

ويقول: إنّ العدوّ لا يريد أن يبقي معنى من معاني الحياة المادية أو المعنوية، في عالم هذه الأمة المسلمة، فكيف إذا استيقظت وقامت من قمقمها وتمردت على تعليماته في الحياة المدنية العامّة الآمنة.

ويوجه الشحروري رسالة للعدو الصهيوني: إفعل ما تشاء، وإحرق ما تشاء، واهدم كما تشاء، فإنّ السر ليس في الجدار والسر ليس في الإسمنت والسر ليس في السقف، ولكن السرّ في هذه الأرواح الطاهرة التي تسمو على جدارٍ وبناء، هذه الروح الفاعلة التي لن تستطيعوا قتل فاعليتها ولا جهادها ولا مرابطتها، والسر هنا فافعلوا ما بدى لكم، فإنّ ما بيننا وبينكم الأيام، وإنّ الله غالبٌ على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون.

وكان الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة أكد، في آخر كلمة له، أنّ كل ما تملكه المقاومة من أسلحة، “لم تكن تجدي نفعا أمام الترسانة الأمريكية القذرة التي نواجهها في أيدي مرتزقة الصهاينة في الميدان لولا الصناعة الأهم التي نمتلكها وهي صناعة الإنسان المقاتل، ذلك الفلسطيني المقاوم المجاهد الذي لا تقف قوة في الأرض أمام إرادته وإصراره على مواجهة قاتلي أجداده وآبائه ومدنسي مسراه ومحتلي تراب وطنه”.

وتساءل أبو عبيدة: ماذا ستفعل تكنولوجيا الصواريخ والدبابات المحصنة والطائرات الحديثة بأسلحتها الفتاكة أمام قوة إيمان مجاهد يمكث شهرين وأكثر في عقدته الدفاعية منتظرا القوات المتقدمة، منتظرا الظفر بعدوه، وتنفيذ مهمته، محتسبا كل ذلك لله مؤمنا بعدالة قضيته.

وتطرق أبو عبيدة في كلمته إلى تعمد الاحتلال استهداف المساجد، وتدمير معظمها، ووجه في ذلك رسالة للأمّة العربية والإسلامية.

وقال أبو عبيدة “نرى من واجبنا الجهادي والديني أن نحيط ملياري مسلم في العالم أن العدو الصهيوني وخلال مئة يوم، دمر معظم مساجد قطاع غزة، ودنّس وأحرق وجرّف تلك التي وصلت إليها آلياته على الأرض، وأوقف الأذان والصلاة في حرب دينية واضحة، استكمالا لما بدأته عصابات الصهيونية الدينية من حرب على المسجد الأقصى”.

وشدد على أنّ “أضعف الإيمان على من عجز عن نصرة الدماء البريئة أن ينصر المساجد”.

ودعا أبو عبيدة، العالم العربي والإسلامي إلى “إقامة صلوات القنوت في كل المساجد ورفع الدعوات بنصر المقاومين”.

ووفقًا لآخر إعلان للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم الخميس، فقد دمّر الاحتلال (157) مسجداً بشكل كلي، فيما دمّر(246)  مسجداً بشكل جزئي، بالإضافة لتدميره (3) كنائس في غزة.

 

المحتوى ذو الصلة