عمال غزة بين نارين.. البعد عن الأهل وملاحقة الاحتلال

[[{“value”:”

الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام

يعيش الآلاف من عمال قطاع غزة الذين تقطعت بهم السبل في الضفة الغربية حالة من الحزن الممزوج بالقلق، فهم يشاهدون من بُعدٍ ما أصاب أرضهم وعائلاتهم وبيوتهم في غزة، ويتنقلون في الضفة الغربية خائفين يترقبون، بسبب ملاحقة الاحتلال لهم.

وتشير البيانات الصادرة بخصوص بالأسرى في سجون الاحتلال، إلى أنّ حملات الاعتقال في الشهور الأخيرة لا تكاد تخلو من معتقلين من عمال غزة المقيمين مؤقتاً في الضفة الغربية.

ففي حملة دهم لعدد من المنازل في مدينة نابلس، الجمعة الماضي، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي عمالاً من قطاع غزة بتهمة عدم حمل تصاريح عمل، رغم أنّهم دخلوا إلى الضفة الغربية بتصاريح عمل رسمية، قبل أن يلغيها الاحتلال بعد عملية طوفان الأقصى.

وتشير بيانات الغرفة التجارية الفلسطينية، إلى أنّ عدد العمال من قطاع غزة الذين يحملون تصاريح العمل في الداخل الفلسطيني والضفة الغربية وصل إلى 18 ألفاً و500 عامل، وذلك قبل بداية الحرب في أكتوبر/ تشرين أول الماضي. وتعرّض الكثير منهم العمّال للتمييز من قِبَل الاحتلال، حيث مُنحوا تصاريح احتياجات اقتصادية، وليس تصاريح عمل حتى يفقدوا الحقوق عمالية.

ولم يكن جميع هؤلاء العمال متواجدين في الداخل المحتلّ مع بداية الحرب، حيث رجع الكثير منهم إلى غزة قبل ذلك، تزامناً مع الأعياد اليهودية حينها.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي، أعاد الاحتلال نحو 950 عاملاً إلى قطاع غزة من أصل حوالي 6200 عامل غزي ظلوا عالقين في الضفة الغربية، وأقام هؤلاء العمال في مراكز إيواء في الضفة الغربية وضواحي القدس، ثمّ أعيدوا إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم، بالتنسيق مع الصليب الأحمر الدولي، في حين ظل البقية ينتظرون التنسيق الأمني لإعادتهم.

أمّا عمّال غزة العالقون في الضفة الغربية، فهم في حالة يرثى لها، وصفها مجدي أبو حديد (46 سنة)، في تصريح للعربي الجديد، حيث قال إنّه يتواصل زملائه المتفرقين في مدن وقرى الضفة العربية، وهم يعيشون حالة من القلق، ويحاولون الابتعاد عن الحواجز الإسرائيلية، فأصبحوا يعيشون كالمساجين.

ويضيف أبو حديد: نعيش حياة مليئة بالرعب، فنحن ملاحقون لأنّنا نحمل هوية فلسطينية تشير إلى أنّنا من قطاع غزة، وهي جريمة في نظر جيش الاحتلال.

ويشدّد العامل الغزّي على الحالة نفسية الصعبة التي يعيشها، نتيجةً لانتشار حواجز الاحتلال، وتكرار الملاحقات في كل مكان، وتوقعه الاعتقال في أي وقت. مضيفاً أنّ الاحتلال دمّر منزله في خانيونس، بينما أسرته المكونة من ستة أفراد، فهم بين النازحين في مدينة رفح.

وفي مثال آخر على المعاناة، يشير العامل الغزّي نايف اللوح (50 سنة)، أنّ أمواله قد نفدت، وهو يتنقل بين عدة أماكن في مدينة الخليل، تجنباً للاعتقال.

ويضيف العامل نايف أنّ 30 من أقاربه استشهدوا في الحرب، إضافة إلى العديد من أصدقائه بمنطقة بئر النعجة شمالي قطاع غزة، مشدّداً على أنه يحاول التخفي وعدم الاختلاط مع الناس، حتى لا تصل الأخبار إلى الاحتلال بوجود عامل غزي هنا.

ويوضح نايف أنّ خروجه نهاراً في نطاق محدود من أجل التنفس، لأنّه يخشى من ملاحقة الاحتلال، فكثيرون ممن كانوا معه اعتقلوا، وبعضهم أعادتهم قوات الاحتلال إلى القطاع بعد إهانة وتعذيب شديد.

معاناة الأهل

أمّا عائلات هؤلاء العمّال فمعاناتهم مضاعفة، فهم يواجهون القصف والتشريد والتجويع، ويقاسون مرارة البعد عن الزوج أو الأب، وهذا ما تصفه حسنة أبو عويني (40 سنة) التي تعاني ظروفاً صعبة للغاية منذ تدمير منزلها في مخيم البريج، وهي تعيل أسرتها المكونة من أربعة أبناء، بينهم فتاة مراهقة.

وتروي حسنة أنّها فقدت الاتصال بزوجها في بداية شهر مارس/آذار الحالي، ثمّ علمت لاحقاً أنه اعتقل قرب مدينة جنين مع عدد من عمال قطاع غزة.

وتشدّد حسنة على معاناتهم الشديدة، وافتقادهم لوجود زوجها، خصوصاً منذ استشهاد شقيق زوجها وأطفاله في الرابع من يناير/كانون الثاني الماضي. مشيرةً إلى الإذلال الكبير الذي تعرضوا له من أجل الحصول على لقمة العيش.

ولم يكن أمام حسنة وأطفالها سوى النزوح، وكل همّها ينصبّ على نجاتهم من الموت جوعاً أو تحت الركام، دون أن تنسى زوجها الذي كان يعيش ضغطاً نفسياً كبيراً قبل اعتقاله، وكان يعاني من صعوبات في التنفس، وتخشى أن يصيبه مكروه لأنه المعيل الوحيد لها ولأطفالها.

وتشير هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية إلى أنّ الاحتلال اعتقل ما لا يقل عن 2000 من عمال مدينة غزة المتواجدين في الضفة الغربية، وأعاد قرابة 200 منهم إلى القطاع بعد تعريضهم للتعذيب، وانتزاع الاعترافات منهم تحت التهديد، في حين ظل العدد الأكبر منهم في السجون من دون السماح لأحد بزيارتهم.

وأفاد نادي الأسير الفلسطيني، في بيان له في 16 مارس/أذار الماضي، أنّ حصيلة معتقلي الضفة الغربية ارتفعت إلى نحو 7600 منذ بدء الحرب، مضيفاً أنّ من بين هؤلاء الأسرى محررين سابقين، إضافة إلى عدد كبير من عمال قطاع غزة.

وبانتظار أن تضع الحرب أوزارها، يعيش من تبقّى من عمّال غزة في الضفة الغربية حالة ترقّب وقلق، آملين أن يعودوا قريباً إلى أهلهم وديارهم أو ما تبقى منهما.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة