في ظلّ المكارثية الفرنسية.. التضامن مع فلسطين أصبح جريمة

[[{“value”:”

باريس – المركز الفلسطيني للإعلام

نشر موقع ميديا بارت الفرنسي تقريراً تناول فيه موضوع المكارثية الجديدة التي بدأت تترسخ في فرنسا، من تعامل السلطات الفرنسية مع مظاهر التضامن مع فلسطين الآخذة في الانتشار في أنحاء فرنسا.

وأوضح التقرير أنّ أصبح التضامن مع فلسطين جريمة، ولو تضامن أحدهم من خلال التعبير بالكلام أو الكتابة أو التظاهر، فإنّه يُعاقب إمّا بالاستدعاء لدى الشرطة أو الإدانة الجنائية أو الحظر المسبق، وهو ما ينذر بخطر على القيم الديمقراطية، وفقاً للتقرير.

وتعرف المكارثية بأنّها سلوك يقوم على توجيه الاتهامات بالتآمر والخيانة للآخر دون الاهتمام بالأدلة.

وأشار التقرير، الذي كتبه مدير الموقع السابق إدوي بلينيل، إلى أنّ الحكومة الفرنسية أرسلت للمحافظين والمدّعين العامّين وضباط الشرطة رسالة مفادها أنّ “إظهار التضامن مع فلسطين يعد جريمة محتملة”.

وفي الوقت الذي تضج فيه الجماعات المتطرفة المؤيدة لإسرائيل دون أدنى إزعاج، فإن مجرد الشك في تأييد حركة حماس أو التشكيك في شرعية إسرائيل، يُعدّ ذريعة لإسكات أو ترهيب أو وصم الأصوات المناضلة من أجل القضية الفلسطينية، والتهمة جاهزة بالإرهاب أو معاداة السامية.

تجريم الفكر

ومن الأمثلة العملية، الحُكم الذي صدر بحقّ عضو نقابي في الاتحاد العام للشغل بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ بسبب منشور بسيط، وبرّرت المحكمة قرارها بأنّ المحكوم عليه “كان ينوي التنديد بهذه الدوامة القاتلة” من عنف الاحتلال الذي يؤدي إلى عنف مضادّ.

ويأتي هذا الحكم مؤكداً لمخاوف العديد من الشخصيات النقابية التي حذرت من “مساواة أي احتجاج سياسي أو اجتماعي بالإرهاب”.

وفي السياق ذاته، استُدعيت المحامية الفرنسية الفلسطينية، ريما حسن، بسبب الاجتماع الخاص بفلسطين الذي كان من المقرر أن تعقده في ليل الفرنسية، وهو ما جعل محاميها فينسان برينغارث يشعر بالقلق من “تحريف جريمة تمجيد الإرهاب لصالح تجريم واضح للفكر”.

وأدان المحامي الفرنسي المناخ العام الذي يميل إلى إسكات الأصوات المطالبة بحماية حقوق الفلسطينيين وإدانة انتهاكات الاحتلال في قطاع غزة.

وفي اليوم نفسه، أعربت المحكمة الإدارية عن انزعاجها من “الاعتداء الخطير وغير القانوني الواضح على حرية التظاهر”، وألغت المحكمة قرار مدير شرطة باريس بحظر مسيرة ضد العنصرية وكراهية الإسلام، ولحماية جميع الأطفال، بحجة أنها “تحمل في داخلها شعارات معادية للساميّة”، وأكّدت المحكمة أنّ المنظمين خططوا “لمنع أي خطاب معاد للسامية”.

ويرى الكاتب أنّ فلسطين في هذا السياق ليست سوى ذريعة للتقليل من شأن المواضيع التمييزية، واستيراد صراع الحضارات إلى فرنسا، الأمر الذي لا يؤدي إلى تدمير الديمقراطية بانتهاك حرياتها الأساسية فحسب، بل ويلحق الضرر بفرنسا في المقام الأول، من خلال الإخلال بالتنوع الذي يتمتع به شعبها، وكأنها تعيش “المكارثية الأميركية أوائل خمسينيات القرن العشرين”.

سياسة الخوف

ويرى الكاتب أنّ المكارثية أصابت الولايات المتحدة بالعمى الذي أدّى إلى انتهاك كل المبادئ والقيم والديمقراطية، وأوضح أنّ “سياسة الخوف” هي التي ميّزت رد فعل الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر، مذكّراً بسجن غوانتانامو، وبالغزو العسكري للعراق استناداً إلى كذبة إعلامية، وهو ما أدّى إلى وحشيّة جامحة في العلاقات الدولية يدفع العالم ثمنها حتى اليوم.

وفي تعليقه على تشبيه هجوم حماس بهجمات 11 سبتمبر باعتباره تهديداً وجودياً لإسرائيل، أوضح الكاتب أنّ الجهاز السياسي العسكري الإسرائيلي أعاد إصدار “سياسة الخوف” من خلال إنزال عقاب جماعي رهيب بالشعب الفلسطيني، دون أن يضمن بذلك المستقبل الأمني لإسرائيل، بل زاد هشاشتها الجيوسياسية وأفقدها مصداقيتها الدبلوماسية.

وخلص الكاتب إلى أن عدم حل القضية الفلسطينية هو السبب وراء هذا الوضع الخطير للغاية، مؤكدا أنه طالما لا توجد نهاية للظلم الدائم والطويل والمتكرر بحق الشعب الفلسطيني، وطالما منع حقه في العيش بدولة ذات سيادة، فلن يتمكن أي من الشعبين من العيش في أمان لنفسه، فضلاً عن العيش في هدوء مع الآخر.

وختم الكاتب تقريره بأنّ كلّ أشكال التضامن مع فلسطين مشروعة، ولو لإنقاذ المبدأ الديمقراطي المتمثل في حرية الفكر والحقّ في النقد، وهو مسألة سياسية ضرورية في مواجهة الخطر الاستبدادي في فرنسا، حسب تعبيره.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة