[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
وسط الحديث عن أجواء إيجابية بعد موقف حماس من مقترحات التوصل لاتفاق لصفقة تبادل ووقف العدوان، جاءت تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتضع العصى في الدواليب بالحديث عن اشتراطات منها عدم إنهاء الحرب.
التصريحات الصادرة عن مكتب نتنياهو، جاءت في غمرة تصعيد واسع لقوات الاحتلال بما في ذلك توسيع التوغل البري وإصدار أوامر تهجير جديدة ، ما أسفر عن استشهاد وإصابة العشرات، الأمر الذي فسّره البعض على ظاهره، بأن نتنياهو يريد التصعيد لإفشال أي اتفاق يؤدي لوقف إطلاق النار حفاظًا على مستقبله السياسي، بينما رأى آخرون تصريحاته في عكس اتجاه المواقف الحقيقية التي ستتخذها إسرائيل مرغمة على وقع فشلها في مواجهة المقاومة في مناطق المواجهات كافة، سواء في غزة أو في الشمال أو حتى في الضفة الغربية.
تعويق الاتفاق
الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين، رأى أن تصريحات نتنياهو بشأن الهدنة لم تكن مفاجئة، بل كانت متوقعة؛ حيث يسعى لوضع العوائق في سبيل تحقيقها، بينما غالانت يهدف إلى شيء واحد فقط، وهو ضمان مستقبله السياسي.
وحول التناقض في الموقف الإسرائيلي بين التشدد الذي يبديه نتنياهو تجاه أي اتفاق يفضي إلى إنهاء الحرب وعودة الأسرى الإسرائيليين، وبين الغالبية السياسية والعسكرية والجماهيرية التي تعطي الأولوية لإبرام اتفاق على حساب أي منجزات عسكرية يطمح إليها نتنياهو، وما إذا كان هذا يمكن أن يؤدي بالنخب الإسرائيلية -وفي القلب منهم وزير الحرب يوآف غالانت- إلى الإطاحة بنتنياهو، رأى جبارين أن هذا ليس ضمن المفردات الإسرائيلية تاريخيًّا، بينما ليس مستبعدًا ذلك في الوقت مع شدة تأزم الموقف السياسي الإسرائيلي في كل ما أعقب معركة طوفان الأقصى.
تصعيد جديد
ويرى نشطاء أن نتنياهو يذهب للتصعيد مع كل جولة مفاوضات، ليؤكد أنه غير معني بالوصول إلى نتائج إيجابية، لا سيما في ظل غياب ضوء أخضر أمريكي غير محدود بسقف زمني أو عسكري، إضافة إلى غياب أيٍّ من الضغوط العسكرية أو السياسية أو الاقتصادية من الدول العربية والإسلامية.
وتوقع بعضهم أن تؤول نتائج هذه الجولة إلى ما آلت إليه كافة الجولات السابقة؛ حيث يضع نتنياهو في كل مرة العصي في دولاب أي اتفاق قبل إبرامه، مستشهدين بما حدث عقب تقديم الإدارة الأمريكية مقترحًا نهايات شهر أبريل الماضي، لاقى قبول الوسطاء المصريين والقطريين؛ فيما فاجأت حركة حماس الجميع بالموافقة عليه، ما أربك النخبة الحاكمة في إسرائيل، وهو ما رد عليه نتنياهو بالتنصل من الموافقة على المقترح، بل ذهب إلى توسيع دائرة الحرب بالدخول البري إلى مدينة رفح، ليبدأ تصعيدًا جديدًا يُنهي الحديث عن أي اتفاق محتمل.
رسالة إلى الداخل
في المقابل يرى البعض أن تصريحات نتنياهو تناقض الموقف الذي حتمًا سينتهي إليه القرار الإسرائيلي، وأنها لا تعبر عن حقيقة ما يجري في دائرة صناعة القرار، بينما يسعى نتنياهو لإظهار قوته لخصومه السياسيين وأنه لا ولم ينهزم، ليتجنب خسارة سياسية بل وربما محاكمة تنتظره بدءًا من اليوم الثاني لإنهاء الحرب.
من جهته، يرى الباحث والكاتب السياسي وسام عفيفة أن من الصعب قراءة تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي وضع خلالها اشتراطات قبل ساعات قليلة من لقاء التشاور مع الأجهزة الأمنية ومع أقطاب الحكومة، بمعزل عن حالة الاستقطاب الداخلي، هذه التصريحات، التي تحمل ملاحظات استفزازية، تبدو موجهة بالدرجة الأولى إلى الداخل الإسرائيلي، سواء شركاءه في الحكومة من الصهيونية الدينية أو القاعدة الصلبة التي يعتمد عليها من اليمين المتطرف.
وأضاف عفيفة في تصريحات خاصة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: “يبدو أن نتنياهو يسعى من خلال هذه التصريحات إلى رفع السقف قبل الدخول في المفاوضات، محاولًا بذلك إظهار موقفه القوي أمام شركائه السياسيين والجمهور الإسرائيلي، لكن ليس من الضروري أن تكون هذه التصريحات هي شروط فعلية للتفاوض أو محاولات لتعطيل المفاوضات قبل أن تبدأ، بل يمكن أن تكون جزءًا من استراتيجية التفاوض لإظهار القوة.
واستشهد عفيفة على صحة رأيه بما صدر من ردود الفعل الغاضبة داخل الكيان على تصريحات نتنياهو، مؤكدًا أنها تعكس الأزمة الداخلية التي يعيشها نتنياهو وحكومته.
ابتزاز الوسطاء
وأوضح أنه من خلال هذه التصريحات، يحاول نتنياهو خلق هامش زمني ومساحة للمناورة، سواء على صعيد الوقت أو في محاولة لابتزاز الوسطاء، خاصة الولايات المتحدة، للحصول على ضمانات مستقبلية تتعلق بقطاع غزة، خصوصًا فيما يتعلق بالوضع في اليوم التالي للحرب.
وأكد أن هذه التصريحات سوف تنظر إليها حركة حماس باعتبارها جزءًا من لعبة سياسية داخلية في الكيان، أكثر من كونها شروطًا حقيقية تهدف إلى عرقلة المفاوضات، حسب رأيه.
وتابع أن حماس ستستثمر موقفها الإيجابي من المبادرة الأمريكية، وستظل ملتزمة بشروطها وثوابتها في هذه المفاوضات، ساعية لتحقيق أهدافها، والتي منها وقف شامل للعدوان، وانسحاب كامل لجيش الاحتلال، وإنجاز صفقة تبادل أسرى تاريخيّة.
استسلام مهين
ويتوافق مع هذا الرأي الكاتب والإعلامي أحمد منصور، والذي رأى أن نتنياهو في هذه المرحلة التي دخل فيها حالة الاستسلام المهين والهزيمة الاستراتيجية التاريخية سيتحول إلى ماكينة من الأكاذيب لتبرير ما هو مرغم عليه من إذلال تدريجي منظّم.
وأضاف منصور في منشور على حسابه في منصة X: “لا تلتفتوا إلى تصريحاته (نتنياهو) ولكن ركزوا في النتائج التي ستتوجه كهادم ومدمر ليس لغزة والضفة فحسب، وإنما للدولة الصهيونية
وبين كلا التحليلين لتصريحات نتنياهو، لا يترجح حتى الآن إلا ما ينطق عنه الواقع من أزمة يعيشها كيان الاحتلال على المستويين العسكري والسياسي (داخليًّا وخارجيًّا)، وانتظار اللحظة التي تتجه فيها الحرب إلى تصعيد شامل على الجبهات الثلاثة (غزة والضفة وشمال الأراضي المحتلة)، أو طيّ هذه الصفحة الدامية في تاريخ الصراع الوجودي للاحتلال الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط من خلال الوصول إلى اتفاق يُنهي الوجود الإسرائيلي في قطاع غزة.
“}]]