[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
في يوم عصيب من أيام غزة، ارتقى يوم الأربعاء 31-7-2024 العديد من الشهداء بفعل الإجرام الصهيوني، منهم من ذكر اسمه لشهرته في الإعلام، ومنهم من لم يذكر إلّا بين أهله وجيرانه وأصدقائه.
ومع أنّ أشهر الشهداء في ذلك اليوم كان رئيس القائد حماس إسماعيل هنية الذي استشهد في إيران في جريمة اغتيال صهيونية، فقد تبعه شهيدان من صحفيّي قناة الجزيرة استهدفهما الاحتلال عندما كانا يصوّران تقريراً عنه بالقرب من ركام بيته المدمّر في مخيم الشاطئ، بينما تحدّثت وسائل الإعلام حينها عن ارتقاء شهيد ثالث “مجهول الهوية”، ليتبيّن بعدها أنّه الشهيد الطفل “خالد سائد الشوّا”.
يوم الاغتيال
لقد كان ذلك الأربعاء يوماً حزيناً عند الشعب الفلسطيني عامة، وأهل غزة خاصة، فهو اليوم الذي استشهد في القائد الوطني الكبير إسماعيل هنية في طهران، ليعمّ الحزن والغضب جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي. لكنّ مخيم الشاطئ في غزة كان له النصيب الأكبر من ذلك الحزن؛ لفقدان ابن المخيم البارّ الذي نشأ وترعرع في أزقّته وحاراته.
وفي صبيحة ذلك اليوم، خرج الناس كعادتهم سعياً وراء أرزاقهم، أو ليتفقدوا أحبابهم، بينما دار هذا الحوار “التخيّلي” بين الفتى خالد الشوّا ووالدته:
خالد: “يمّا! هيني خارج مشوار”.
الأم: “وين رايح يمّا؟ مش سامع صوت الزنّانة؟! بخاف عليك.. خليك عندي في البيت”.
خالد: “ما تقلقي يمّا، أنا رايح أوصّل الأكل للعمّ العجوز، حرام.. ابنه جريح، وما بقدر يخرج، كمان أنا رايح عالدراجة، وما بطوّل إن شاء الله”.
الأمّ: “طيب يمّا.. الله يرضى عليك، مع السلامة”.
ووفقاً لرواية والده، فقد خرج الفتى خالد الشوا من بيته لإيصال الطعام إلى بيت جارهم العجوز، وفي طريق عودته، اقترب بدرّاجته من بيت الشهيد هنيّة، حيث عاجلته قذيفة غادرة أطلقتها قوات الاحتلال مستهدفةً سيارة صحفيّي قناة الجزيرة إسماعيل الغول ورامي الريفي.
ربّما لم تكن القذيفة تستهدف الفتى، لكنّ شظية واحدة من تلك القذيفة كانت كافية لتسلب الفتى أحلامه في مستقبل لن يراه، وتحرم والدته من فلذة كبدها، مع أنّه لم يكن إلا عابر سبيل، لا يشكّل تهديداً لأحد.
من هو الشهيد الفتى خالد الشوّا
إنّه الشهيد الثالث الذي ارتقى بفعل قصف الاحتلال لسيّارة صحفيّي الجزيرة إسماعيل الغول ورامي الريفي، حيث أدّى القصف لتدمير سيارتهما واحتراقها وهما داخلها، أمّا خالد الشوّا، فكان على درّاجته الصغيرة يحمل على ظهره حقيبة، بعد أن كان آخر أعماله فعل الخير.
كان خالد الشوّا الولد الوحيد لوالديه بين أربع أخوات، فهو قرّة العين لوالديه، والسند لأخواته، يساعد عائلته ويعينهم في قضاء حوائجهم، مستخدماً درّاجته التي رافقته حتى لحظة استشهاده.
وقد حظي الفتى الشهيد بفرصة لنشر اسمه لأنّ والدته المكلومة أبت أن يوصف ابنها بـ “مجهول الهوية”، فهو معروف لدى أهله وأحبابه وجيرانه، وبفضل المقطع الذي ظهرت فيه والدته فقد أصبح ابنها الشهيد معروفاً لدى كثير من الناس.
تقول الأم الثكلى في المقطع: “ابني مش شهيد مجهول.. ابني مش رقم، ابني له اسم، اسمه خالد سائد الشوّا”. وتضيف الأمّ بحرقة “إحنا مش مجهولين.. إحنا معروفين، ولازم الكلّ يعرف أسماء شهدائنا”.
Your browser does not support the video tag.
وقد تفاعل العديد من النشطاء على مواقع التواصل مع هذا المقطع، وأظهروا تعاطفهم مع الأم المكلومة، وساهموا في نشر اسم ابنها الفتى الشهيد خالد وفاءً لذكراه وتضامناً مع عائلته.
استهداف الأطفال
إنّ استشهاد الفتى خالد الشوّا (17 عاماً) يندرج تحت بند استهداف الأطفال، فوفقاً لاتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة، فإنّ الطفل هو أي شخص يقل عمره عن 18 سنة.
وقد تعمّد الاحتلال الإسرائيلي استهداف الأطفال الفلسطينيين خلال حرب الإبادة التي يشنّها على قطاع غزة للشهر العاشر على التوالي، حيث بلغ عدد الشهداء من الأطفال في قطاع غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي 16251 شهيداً وفقاً للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
إنّ قصّة استشهاد الفتى خالد الشوّا، تؤكّد وحشية الاحتلال، واستهتاره بكلّ المواثيق والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الطفل.
ولئن نشرت وسائل الإعلام اسم الشهيد “خالد”، فإنّ الآلاف استشهدوا دون أن تُنشر أسماؤهم، وذلك لا يعني أنّهم كانوا أرقاماً بل أصبحوا أقماراً تضيء بنورها طريق الحرية والكرامة للشعب الفلسطيني الصامد.
“}]]